خشية من زج شبان غير محترفين في معارك ضارية
بغداد – داود العلي:
أخيراً عاد حسن منير (٢٢) سنة من رحلة التطوع في صفوف القوات الأمنية العراقية لمقاتلة الجماعات المسلحة المتطرفة شمال وغرب البلاد.
قال منير، “كانت مروحيات الجيش تحلق فوق رؤوسنا، وهي ترمي لنا عبوات ماء الشرب، في منطقة غير مأهولة جنوب تكريت كدنا نموت من العطش”.
عائدون آخرون من تكريت أكدوا إن وضع الجيش صعب رغم إصراره على القتال حيث يقوم قناصي داعش باصطياد الشباب أثناء هرولتهم لالتقاط قناني الماء التي ترميها الطائرات من الجو”.
ويقول أحمد سعدون “العصائب أكثر حرّفية منّا في قتال الشوارع وكانوا يتقدموننا في كل معركة، أنا لم أتلقَ في المدة التي قضيتها في مركز التدريب سوى تدريبات على القتال في الجبهة أما العصائب فكانوا يقاتلون بشراسة”.
منذ أن أصدر علي السيستاني، المرجع الشيعي الأعلى، فتواه للعراقيين بـ”الدفاع الكفائي” تقدَّم آلاف الشبان من بلدات وسط وجنوب العراق للتطوع.
وتقول السلطات العراقية، إنها وضعت آليات نظامية لانخراط المتطوعين في الجيش تشمل إدخالهم تدريبات سريعة ومكثّفة، بهدف زجهم في العمليات العسكرية.
وبحسب بيانات صحافية لحكومات محلية جنوب العراق، فإن معدل المتطوعين من كل محافظة بلغ نحو عشرة آلاف شخص، فيما قال حسين الشهرستاني نائب رئيس الوزراء العراقي إن عدد المتطوعين بلغ نحو مليوني عراقي.
ووفقاً لمعلومات، فإن البصرة أوفدت نحو ٢٠ ألف مقاتل، والديوانية ثمانية آلاف مقاتل، والسماوة سبعة آلاف، لكن متطوعي محافظة بابل تمركزوا في مناطق شمال المحافظة، حيث التواجد المقلق للخلايا النائمة لتنظيم داعش، فتلك المناطق تمثل امتداداً لبلدات في محافظة الأنبار.
وفي النجف تم تشكيل فوج يضم بحسب مصادر محلية نحو ٢٠ ألف مقاتل متطوِّع سيبقون في المحافظة لحمايتها.
بعد عودته إلى بغداد، أكد منير إن المتطوعين دخلوا بعض المعارك في محيط مدينة سامراء وأخيراً في محافظة صلاح الدين، لكنه لم يسمع عن متطوعين شاركوا في أي عملية للجيش في مدينة الموصل.
ويبدو إن القيادة العسكرية تحاول تحصين المواقع القريبة من مرقد الإمامين العسكريين في سامراء، بينما تطوِع للقتال أبناء مناطق بلد والدجيل، لحمايتها من هجمات متكررة لمسلحي تنظيم “داعش”.
لكن ثمة مشكلات جدية بشأن الاستفادة العسكرية من زخم التطوع الشعبي وهي بحسب مصادر أمنية تتعلق بضعف إجراءات دمجهم في الوحدات العسكرية.
وظهرت صور ومقاطع فيديو، خلال الأسبوعين الماضيين لمئآت المتطوعين وهم يُنقلون إلى سامراء بواسطة عجلات حمل عسكرية مكشوفة الغطاء، ويبدو أنهم قطعوا عشرات الكيلومترات تحت الشمس الحارقة قبل أن يصلوا إلى الميدان العسكري.
ويقول مصدر أمني عراقي، فضَّل عدم ذكر اسمه إن قادة الجيش بحاجة ماسة وسريعة إلى المجندين ففي الوقت الذي تتسارع حركة مسلحي داعش، تزداد الحاجة إلى مقاتلين إضافيين.
ويضيف المصدر، “الجميع يتعّجل زج المتطوعين في القتال على أمل تحقيق الفارق في المعارك”.
أبرز المعارك التي شارك فيها المتطوعون كانت عند بلدة “بشير” جنوب كركوك التي تسكنها غالبية شيعية ووقعت تحت سيطرة “داعش” بعد عمليات قتل بشعة ارتكبها المسلحون ضد السكان بحسب مصادر أمنية.
وفي ٢٩ حزيران (يونيو)، حاولت قوات كردية من “البيشمركه”، ومعها عشرات المتطوعين من التركمان الشيعة، اقتحام المدينة، وإخراج مسلحي داعش منها لكن لم تفلح في ذلك.
وقالت مصادر طبية وعسكرية إن العملية انتهت بمقتل وإصابة عشرة متطوعين فيما لا يزال التنظيم المتشدد يتمركز في البلدة الشيعية.
وفي طريق بغداد سامراء تعرض رتل عسكري كان يقل عشرات المتطوعين إلى وحدات عسكرية قرب مرقد الإمامين العسكريين، إلى هجوم مسلح أسفر عن مقتل وإصابة عدد منهم.
يقول حسن منير أحد المتطوعين العائدين، إن جميع المتطوعين متحمسون للقتال لكن الحقيقة إن الوضع صعب للغاية”.
ويضيف منير “بعض الضباط يترددون في زج المتطوعين في المعاركلذلك يفضلون منحنا واجبات تتعلق بحماية المواقع الخلفية للوحدات العسكرية، حين تقوم بعمليات ضد مسلحي داعش”.
في المقابل، هناك متطوعون من نوع آخر، وهم منظَمون أكثر ولهم دور مؤثر في القتال، لأنهم ببساطة أعضاء في تشكيلات شيعية مسلحة.
وتقول مصادر خاصة إن كتائب الإمام علي وعصائب أهل الحق وبدر وتشكيلات من جيش المهدي وحركة النجباء تمسك بمواقع في ديالى وسامراء.
ويقول مصدر أمني عراقي إن طريق بغداد سامراء جرى تأمينه نسبياً بعد عمليات “نوعية وناجحة” لمسلحي كتائب الإمام علي، بينما تسيطر حركة بدر على مناطق من محافظة ديالى، وأخيراً تمكنت من التعرض للمسلحين في القرى المحيطة بطريق العظيم المميت.