تأخر الحديث لاكثر من عقد ونصف العقد عن «ملف» صعود اقارب المسؤولين الكبار «واغلبهم بلا كفاءات» الى شبكة ادارات الدولة الخطيرة التي تتحكم برقاب ومعيشة ومصائر الملاييـن العراقيـة.
وسأكون، هذه المرة، ساذجا ومسالما، وعلى جانب كبير من الهدوء، وحسن الظن، ومن الذين يسمونهم «من اهل الله» الذين لا يعرفون حراميا واحدا، ولا نصابا من النصابين، ولم يسمع عما قيل حول مهربي نفط يتحولون، فجأة، الى مصلحين ورؤساء قبائل، ولم يقرأ عما كتب بصدد فاسدين هرّبوا الاموال الحرام باكياس الزبالة في سيارات الدولة التي تحمل حصانات حادّة مثل نصل السكين، الى خارج البلاد.
واستميح قرّائي المعذرة لهذه المعابثة، وهذا اللعب بالوقت الثمين، واعتمد على رحابة صدرهم ليتحملوني، هذه المرة، لجوجا وبريئا واطرشا بالزفة، واستدرجهم الى استراحة حسن النية، ووسادة الاحلام الوردية، وانصحهم بوجوب الثقة العمياء بالمستقبل، والايمان الفطري بالحتميات وبانه لا يصح إلا الصحيح في نهاية المطاف، وليدعوا ارجلهم بالماء الفاتر كلما داهمتهم الشائعات عن الفساد وسوء سيرة الحبربشية.
اقول، ساكون مفرط الطيبة، هذه المرة، لكي ادعو الحكومة، ثم مجلس النواب، الى اصدار قانون يمنع «كبار المسؤولين» من تعيين اقاربهم (من الدرجة الرابعة) موظفين في المرافق التي يديرونها، أو في غيرها، ويتضمن القانون، في مواده الفرعية التدقيق في ملفات وشهادات وكفاءات و(طرق تعيين) اقارب المسؤولين (من الدرجة الرابعة) ممـن عينوا في وظائف ومواقع مهمـة في فترة بعد تعيين المسؤول الكبيـر الى منصبـه.
وطبعا، فان السذاجة هنا تتطلب الافتراض بان ثمة في الحكومة، او ابناء عمومتها، من يضع الله بين عينيه فيمسك هذا الاقتراح النزيه ويهرع به الى الاستشارية القانونية، التي ستفرح لهذه المبادرة وتحولها الى فقرة على طاولة البحث، ثم، لتصبح قانونا، والقانون اجراءات، والاجراءات الى فرص عمل لاصحاب الكفاءات ممن ليس لديهم اقارب (من الدرجة الرابعة).
وسأعترف هنا، بأن الذي دعاني الى هذه المغامرة الساذجة بمناشدة الحكومة إصلاح ماكنتها بادخال دماء جديدة من الكفاءات العراقية التي لا تملك «واسطات» هو مقال كتبه صديق يشير فيه الى دبلوماسي عراقي من المعينين بـ»الواسطة» أعلن في اجتماع لنظرائه العرب بان اليهود ليسوا اعداءنا بل المسيحيون فاصبح الرجل موضوعا للنكتة، وصارت الدولة التي بعثته مندوبا عنها موضوعا للشفقة.
عبدالمنعم الأعسم