بعدما شجّعتهم تنازلات حصلوا عليها منذ بداية تحركهم
متابعة ـ الصباح الجديد :
شهدت جمعة الاحتجاجات التاسعة للجزائريين، حشودا ضخمة في العاصمة امس الأول، بعدما شجّعتهم تنازلات حصلوا عليها منذ بداية تحركهم، رافضين العملية الانتقالية التي أُعلنت بعد استقالة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وهتف آلاف من المحتجين الذين تجمّعوا أمام مبنى البريد المركزي وسط العاصمة، بشعارات تؤكد تصميمهم على المضيّ في التحرك الى حين رحيل النظام ورموزه، بينها «بركات بركات (كفى) من هذا النظام» و»الشعب يريد يتنحاو قاع (يتنحون جميعهم)».
وكانت التظاهرات ممنوعة في العاصمة حتى قبل شهرين، وكان السيناريو المرسوم تنظيم انتخابات رئاسية في 18 الشهر الجاري، لمنح بوتفليقة (82 سنة) ولاية خامسة على رأس جمهورية حكمها منذ 20 سنة، علماً ان وضعه الصحي معتلّ، منذ إصابته بجلطة دماغية عام 2013.
دفع ذلك الجزائريين الى الاحتجاج في الشارع، منذ 22 شباط الماضي. ونجح ملايين المتظاهرين في دفع بوتفليقة إلى التخلّي عن ولاية رئاسية أخرى، ومغادرة الحكم قبل انتهاء ولايته الرابعة في 28 الشهر الجاري.
وتأتي تظاهرات امس الاول الجمعة بعد استقالة رمز آخر للنظام، هو رئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز الذي شكّل أحد «الباءات الثلاثة» في معسكر بوتفليقة، الذين يطالب المحتجون باستقالتهم. والشخصيتان الأخريان هما رئيس الدولة الانتقالي عبد القادر بن صالح ورئيس الوزراء نور الدين بدوي.
كما يعتبر المحتجون أن لدى كامل فنيش الذي حلّ مكان بلعيز، وهو عضو في المجلس الدستوري منذ العام 2016 وليس معروفاً لدى الشعب، مواصفات المخلص لـ «النظام».
وقال الطالب الياس عديمي (24 سنة): «معنى استقالة بلعيز ليس أن الأمر انتهى. فنيش ليس أفضل منه. ماذا كانت فائدة المجلس الدستوري، باستثناء المصادقة على تزوير النظام الذي هو جزء منه»؟
وكُتب على لافتة رفعها محتج «فنيش.. بلعيز.. كيف.. كيف (مثل بعضهما)»، وعلى لافتة أخرى «شعب مسالم وحكومة عنيفة». ولزمت قوات الأمن الحياد، بعد اتهامها في الأسابيع الأخيرة بمحاولة قمع التظاهرات. لكنها أغلقت نفقاً طوله مئة متر يعبره المحتجون عادة، وكانت اتُهمت بإلقاء غاز مسيّل للدموع داخله، ما أثار حركة خطرة للمتجمّعين الأسبوع الماضي. وأشاد المتظاهر كمال حرتاني (40 سنة) بإغلاق النفق، قائلاً: «الجمعة الماضية كنا قريبين من كارثة».
ولا زال المتظاهرون يرفضون تولّي مؤسسات وشخصيات من عهد بوتفليقة، إدارة المرحلة الانتقالية. وبعد رفضهم الاقتراع لإعادة انتخاب بوتفليقة، يرفض هؤلاء تنظيم انتخابات رئاسية في 4 تموز المقبل، وفق الإجراءات التي ينصّ عليها الدستور.
ويدعم الجيش العملية الانتقالية، فيما بدت الأحزاب الحاكمة والمعارضة مهمشة من حركة الاحتجاج ولا تأثير لها.
وأكد رئيس الأركان الفريق أحمد قايد صالح قبل أيام أن «كل الخيارات تبقى مفتوحة لإيجاد حلّ للأزمة في أفضل المهل»، مشدداً على أن الجيش لن يوجّه سلاحه إلى الشعب وسيعمل «لئلا تُراق أي قطرة دم جزائرية».
وأعلنت الرئاسة أن بن صالح بدأ الخميس الماضي لقاءات «في إطار الرغبة في التشاور»، مضيفة انه «استقبل عبد العزيز زياري وعبد العزيز بلعيد وميلود براهيمي، بصفتهم شخصيات وطنية». ولفتت الى أن «هذه اللقاءات تدخل في إطار المساعي التشاورية التي ينتهجها رئيس الدولة، لمعالجة الأوضاع السياسية للبلاد».
ودُعيت المعارضة الاثنين المقبل الى «اجتماع تشاوري»، لكن هذه اللقاءات تبدو بعيدة من رغبة التغيير التي يريدها المحتجون.