حفلت التجربة السياسية الجديدة في العراق بالعديد من المظاهر التي اقتربت كثيرا من مفاهيم الديمقراطية والتعددية ولكنها في الوقت نفسه افرزت واقعا اخر تمثل بانغماس وتفاعل مع اجندات خارجية اقليمية ودولية حاولت التأثير على القرار العراقي وتوجيهه بما تشتهي الانظمة السياسية المجاورة للعراق او بما تريد دول اخرى لاتريد التفريط بمصالحها في المنطقة وبالطبع هناك فرق كبير بين من يقدم الدعم للنظام السياسي الجديد في العراق وبين من يريد الاحاطة والاستحواذ والتوجيه لقرار العراقيين في تقرير مصيرهم ومستقبل بلادهم وقد اثبتت تجارب السنوات المنصرمة ان توحد العراقيين بكل اطيافهم كفيل بتقوية موقف العراق امام الامم وترصين قراراتهم في الداخل والخارج وان الاجماع السياسي على القضايا المصيرية والجوهرية يمثل بابا منيعا لاتقوى الاجندات الخارجية في النفاذ منه وقد تمثل ذلك بشكل جلي في التوحد والاعتماد بشكل اساسي على قدرات الشعب العراقي في تنظيم العمليات العسكرية وشن الحرب على العصابات الارهابية وتحرير المدن العراقية مع الاحتفاظ باقصى درجات الحيطة والحذر لكل من حاول تقديم الدعم اللوجستي في ميادين السلاح والذخيرة والاستخبارات من اجل ان لايشكل هذا الدعم تفريطا بسيادة العراق ويفتح بابا من ابواب التدخلات بما يمس سمعة العراق امام الامم الاخرى ومن هنا فان الصراع السياسي القائم اليوم على حقيبتي الداخلية والدفاع يتماهى كثيرا مع اصرار كتل سياسية تريد للقرار العراقي ان يكون محصنا ومستقلا وان هاتين الحقيبتين تتجسد فيهما ملامح الحرص على استقلالية العراق ورفض الانصياع لارادات دول اخرى وان مايجري التعتيم عليه حقا في هذا الصراع هو رغبة عدد من الاطراف التي استساغت مد الجسور مع دول اخرى على حساب المصالح الوطنية وتسهيل وتطويع ارادتها بما يسمح لمصالح جهات اقليمية ودولية من التحكم بالقرار العراقي او التأثير عليه من خلال اخطر منفذين هما الامن والدفاع وبالتالي يصح القول ان المطلوب في هذه المرحلة تكاتف شعبي مع من يريد الوقوف بوجه المحاولات الرامية الى اضفاء المحاصصة المقيتة في توزيع هاتين الحقيبتين وتقديم الدعم للاصوات المناهضة داخل قبة البرلمان والرافضة لمشاريع اخرى تستهدف المشروع الوطني العراقي .
د. علي شمخي
عناوين الاستقلال !
التعليقات مغلقة