العراقيون يحجمون عن شراء الأسماك
بغداد – زينب الحسني:
انعكست حادثة نفوق الأسماك في معظم المحافظات العراقية على أسعارها التي شهدت انخفاضا حادا بسبب إحجام المواطنين عن شرائها خوفا من انتقال الأمراض.
وبحسب الوكالات والمواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي، بات سعر الكيلوغرام الواحد من الأسماك بخمسمائة دينار فقط (أقل بقليل من نصف دولار) داخل علوة الرشيد، ساحة بيع الأسماك، بعد أن كان يقارب الأربعة آلاف دينار من جراء حادثة النفوق التي اجتاحت محافظات عدة.
وبات الإقبال ضعيفا ًعلى شراء السمك بسبب تخوف المواطنين من انتقال الأمراض إليهم بعد النفوق الجماعي للأسماك، لتُصاب العلوة، التي كانت تمد بغداد بالسمك، بشلل شبه تام بنشاطها التجاري نتيجة توقف وانقطاع مواردها.
ويتحدث تجار وبائعون عن خسارتهم التي وصلت لمئات ملايين الدنانير، مبينين في الوقت نفسه بأن الأمر «مدبّر وبفعل فاعل».
وكان جنوب العراق قد شهد كارثة نفوق أعداد كبيرة من الأسماك في مزارع السمك، إذ تم تشخيص هذه الكارثة بسبب أمراض فطرية «التعفن البكتيري»، الامر الذي استدعى ان ترسل منظمة الصحة العالمية عينات من الاسماك النافقة والمياه التي نفقت فيها إلى تركيا والأردن لأجراء الاختبارات والفحوصات المطلوبة، حسب مدير صحة محافظة بابل نورس الكسبي، والذي بين أن الفحوصات لغاية الان لم تثبت انتقال المرض الى الانسان.
وقال الكسبي في تصريح معلن، إن منظمة الصحة العالمية اجرت ثلاث زيارات إلى محافظة بابل منذ بدء أزمة نفوق الاسماك في المحافظة للوقوف على تداعيات الأزمة ومنع استفحالها وانتشارها.
وأضاف ان: «المنظمة قامت بإرسال عينات من الاسماك النافقة والمياه التي نفقت فيها الى تركيا والأردن لإجراء الفحوصات والاختبارات المطلوبة ”، مشيراً إلى أن نتائج الفحصوات لم ترد حتى الان».
واكد الكسبي، أن «ما توصلت إليه الفحوصات الاولية لغاية الان تؤكد عدم انتقال المرض إلى الانسان”، لافتا إلى أن “الجهات الصحية مستمرة في عمليات البحث والفحص خشية وجود أمر خفي في هذه الأزمة».
سيطرنا على أزمة نفوق الأسماك
وفي السياق ذاته أعلن الوكيل الفني لوزارة الزراعة مهدي ضمد القيسي، أمس الأحد، احتواء حالة نفوق الأسماك في محافظتي الأنبار وذي قار، مشيرا الى أن الحالات المسجلة، فردية وتمت السيطرة عليها بسرعة قياسية.
وقال القيسي في تصريح إن: وزارة الزراعة سجلت حالات نفوق جديدة للأسماك المصابة بمرض تعفن الغلاصم في محافظتي الانبار وذي قار الا انها تمكنت من تطويق الازمة والسيطرة عليها بنحو تام.
وأضاف أن: الحالة في المحافظتين فردية ولم تسجل كظاهرة كما هو الحال في قضاء المسيب في بابل، مبينا ان: وزارة الداخلية نجحت في منع رمي الأسماك النافقة في الانهار بالأنبار لمنع حدوث تلوث أخر.
وأوضح القيسي ان: المرض مسجل من ثمانينيات القرن الماضي وهو غير جديد الا ان الأزمة تفاقمت في المسيب بسب التربية العشوائية للأقفاص واستغلال المساحة بشكل مفرط دون الانتباه الى خطورة الموقف.
ستة أشهر لإحياء
الثروة السمكية
ومن جانبه رأى الخبير الاقتصادي اسامة التميمي، ان العراق بحاجة الى ستة أشهر في اقل تقدير لإعادة احياء جزء بسيط من الثروة السمكية التي فقد جزء كبير منها، مؤكداً ان الموضوع لا يخلو من جانب ارهابي لضرب اقتصاد العراق.
وقال التميمي في تصريح ان انخفاض اسعار السمك ووصول سعر الكيلو الى 500 دينار مؤشر خطير على انهيار هذه الثروة، مع تخوف اصحاب المهنة من نفوق ما لديهم من اسماك، وهو ما اضطرهم الى البيع بهذا السعر.
واضاف ان، الخطأ لا يتحمله اصحاب الاحواض ومربي الاسماك بقدر ما تتحمله الجهات المعنية بهذه الثروة، اذ ينبغي لها ان تضع خططا توضح بموجبها مواسم الامراض وكمية الاسماك التي يجب تربيتها، من اجل عدم ضياع جميع الاسماك مع اول مرض يظهر.
ولفت التميمي الى ان، موضوع نفوق الاسماك ما زال غامضا اذ لم تخرج وزارة الصحة بتوضيح مقنع لما حصل للأسماك، وان الموضوع قد لا يخلو من جانب ارهابي يسعى الى ضرب اقتصاد البلد.
أسباب مجهولة
وما يزال سبب نفوق السمك غير معروف، إذ يقول الصيادون إن تلوث المياه وراء الكارثة بينما يرى مسؤولو الزراعة إن ذلك يرجع لمرض تعفن الخياشيم، وهو مرض بكتيري ينجم عن انخفاض مستوى الأوكسجين في الماء.
وقالت وزارة الزراعة في بيان سابق لها: إن المرض ينتشر سريعا وسط أسماك الشبوط بسبب الكثافة العالية للأسماك في الأقفاص، وإن تراجع تدفق المياه في نهر الفرات أسهم في ذلك أيضاً.
وقال وكيل وزير الزراعة مهدي ساري الجبوري: قرب المسافات بين الأقفاص العائمة، إضافة إلى كثافة التربية الموجودة في هذه الأقفاص، إضافة إلى ركود المياه الموجودة نتيجة انخفاض مناسيب المياه الواردة إلينا في نهر الفرات من تركيا كانت من بين الاسباب.
وأضاف: بالتالي أصبح النهر في تلك المناطق على شكل بحيرة مياه راكدة، فتسببت بنقص الأوكسجين ونفوق هذه الأعداد الكبيرة من الأسماك.