عامر القيسي
اكثر ما نحتاج اليه الآن هو صوت الحكمة الذي يحقن الدماء ويضع البلاد على سكة السلامة..
صوت لا تشوشه قعقعة السلاح ولا غبار التجييشات ولا العواطف المتهالكة ،، صوت يستطيع ان يرى أبعد مما نراه ويتلمس الاشياء على حقيقتها لاكما تصوّر لنا .. صوت بمقدوره ان يفك بعض العقد التي تبدو حتى الآن عصيّة على الجميع ..
هل مثل هذا الصوت موجود ؟هل هو داخل العراق ام خارجها؟ في واشنطن او طهران او انقرة؟
انه صوت موجود بيننا لكنه مغيب ..استطيع ان اجزم ان كل الكتل السياسية فيها مثل هذا الصوت المخنوق والمغيب والمردوع من قبل الصقور التي تحلّق في الساحة وحيدة منفردة، ترسم خارطة البلاد الحالية والمستقبلية وتسد المنافذ على تلك الاصوات من ان ترى النور؟
هذا ليس كلاما عاما ..لاننا لو سألنا انفسنا “هل صوت الحكمة السياسية هو من اوصلنا والبلاد الى ما نحن فيه الآن؟
الجواب بالنفي .. وعلينا ان نرصد كيف تلقفت الصقور فتوى المرجعية لتحول البلاد الى غابة من البنادق، ما اضطر المرجعية ان تعدّل فتواها لتحصر السلاح بيد مؤسسات الدولة ، لكن الحقيقة المرّة هي ان هذه االصقور تلقفت الفتوى واشاحت عن تعديلاتها !
هل صوت الحكمة هو من تعامل مع ازمات البلاد السياسية والامنية وكانت هذه النتائج؟
الجواب بالنفي طبعا ، لان الحكمة لاتقود الى الفوضى والحروب الصغيرة وتشتت الناس وترسم مستقبلا مجهولا باصابع من نار !
اليوم على هذه الاصوات ان تكون اكثر جرأة في ان تطل براسها من بين غابة البنادق هذه التي يغطي ازيز رصاصها شعارات وضعت ارجلنا في آتون حرب لو اندلعت حقيقتها وانكشفت شعاراتها لاحترق فيها اليابس والاخضر وما نجا منها احد ولو كان في ابراج مشيدة..
على اصوات الحكمة ان تنزع هوياتها الفرعية وتطل برأسها بهويتها الوطنية العراقية الجامعة وتأخذ دورها التأريخي المطلوب الآن وليس غدا، فالبلاد تسير،باستثناء شعارات التضليل، الى كارثة حقيقية ..
الراعي الاميركي القى بالكرة في ملعبنا ، والتدخل الايراني يزيد الطين بلّة، وتركيا جزءمن المشكلة، ودول الجوار الاخرى تنتظر نتائج حروبنا لتغنم من الجار ما امكن !
صقور البلاد لايسمعون ولا يريدون ان يروا لا الحاضر ولا المستقبل وهم مقتنعون ان البندقية هي الطريق الوحيد للخروج من المأزق ..
نحن نتحدث هنا عن صوت الحكمة الذي بامكانه ان يكون فاعلا من داخل القوى التي تقود البلاد حقيقة من الحكومة ومعارضيها معا ، فاصواتنا تواجه باذن من طين واخرى من عجين، فما زال في الوقت متسع لعزل الارهاب من داعش الى كل تلويناتها العلنية منها والمستترة، ومازال بالامكان العمل على مبادرات حقيقية تعزل التطرف عن الاصوات الحقيقية التي تريد وطنا آمنا مستقرا، وهي الاصوات الغالبة والمغيبة ، انها اصوات الناس التي مازالت تدفع فاتورة ثقيلة هي نتاج سياسات خاطئة أوصلتنا الى ما نحن عليه ..
البنادق وحدها لن تنقذنا من ازمة مصبوغة بالدم..هذه هي الحقيقة التي ينبغي ان يعرفها ويسمعها الجميع !!