عامر القيسي
الامم المتحدة والاميركان والجامعة العربية أدانوا الارهاب في العراق وماجرى فيه خلال الاسبوع المنصرم حتى الآن، لكن هذه الجهات اكدت ايضا ان جذر الازمة في البلاد سياسية ، وهو مانعرفه وما قلناه وما اكدنا عليه وما اعترفت به كل القوى والتيارات السياسية المشاركة في العملية السياسية والمختلفة معها ومع توجهاتها ، والدليل الدعوات المتكررة للحوار والطاولات المستديرة والمؤتمرات الوطنية الى سلسلة طويلة من التشخيصات والتصريحات والجهود للعمل على قاعدة الازمة السياسية والانطلاق منها لتخليص البلاد من سرطان الارهاب وامتداداته والعنف الذي اغرق فيه البلاد ..
واليوم البلاد على مفترق طرق حقيقية وليس كلامية ولا تحليلية، هناك واقع جديد على الارض يتمثل بسيطرة داعش وغيرها من التنظيمات التي رفعت راياتها مجددا ، واصبحت ثاني اكبر محافظة عراقية تحت سيطرتهم ، ما يعني تبدلا في قواعد اللعبة الجهنمية في البلاد ، وهي لعبة ثمنها غال الى اقصى الحدود ونتائجها كارثية الى اقصى الحدود أيضا ..
هذا الواقع يفرض رؤية جديدة لانقاذ العراق من مأزقه الحقيقي ..
هذا الواقع يفرض تغييرا في استراتيجة التعامل مع الوقائع على الارض اولا ومع المواقف السياسية للقوى الداخلة في اطار العملية السياسية ..
وهو واقع يتطلب الى ذلك ارادة سياسية حقيقية تتخلى عن انانيتها وتقرأ الوقائع كما هي وليس بالرغبات، وهو مطلب وحاجة تشترك فيها الحكومة ومعارضوها والمغازلون لها والمنتظرون صيدهم منها واللاعبون على تناقضاتها ، على الجميع ان يترجلوا عن العنتريات والاستحقاقات والاستقواءات ، وان يفكروا لمرّة واحدة بطريقة صحيحة وكفوءة لانقاذ وطن معرض للذبح من اقصى شماله الى اقصى جنوبه ..
هذه المعركة تختلف عن السيارات المفخخة والاغتيالات والتصفيات والتسقيطات واصطياد الامتيازات والكراسي ..
هذه معركة تقسيم البلاد بحرب اهلية تنحر الجميع من دون استثناء وتترك خلفها بلادا متعددة الاسماء..
هي معركة سياسية بالدرجة الاولى يحسمها الجهد العسكري المهني القائم على قاعدة حلول سياسية جذرية، وعلى الجميع الاعتراف ان الكارثة التي حلّت بنا ، هي الابن الشرعي لازمة سياسية بقينا “نمطمط” بها ونحلبها ونستفيد من “خيراتها” من دون ان يفكر قادتنا الكرام الى ما يمكن ان تجره سياسات التجاهل تلك، والدليل ان ما جرى كان صدمة للجميع، وربما كانت ضرورية كي يستفيق الجميع من سباتهم العميق..
حتى اللحظة مازالت الحلول السياسية غائبة ، والاتهامات المتبادلة متواصلة ومتصاعدة، ويجري العمل على حلول عسكرية محضة وصافية غير ملتفتة الى تحولات المزاج الشعبي العراقي والى تداخلات البنادق ومشاريع التدخلات الخارجية من طهران الى واشنطن مرورا بانقرة والرياض..
البيانات والاستعراضات وتسجيل النقاط خطر مستمر على هذه البلاد ، والمطلوب الآن غير كل الذي نراه في مشهد تتصاعد فيه الازمتان السياسية والعسكرية مع استمرار نزيف الدم الذي يدفع فاتورته الذين لايعرفون حقيقة ما يجري في البلاد..
المطلوب الان ان ينفض الجميع خلافات المصالح والتعلق بالسلطة والجلوس بارادة وطنية حقيقية على طاولة حقيقية للحوار الحقيقي المثمر والسريع الذي ينتج لنا حلولا سريعة وممكنة قبل ان تضيع البلاد وعندها لن ينفع الندم !!