عامر القيسي*
مع كل هذا الانزلاق الى منحدرات الخلافات السياسية صراعا على السلطة، ومع كل التدهور الامني في معظم محافظات البلاد والعاصمة ، ومع كل اشكال المواجهات الغامضة والواضحة الداعشية والمطلبية الرسمية والميليشياوية ، ومع كل اشكال فقدان الامن والأمان ، ومع كل احتمالات تطور الاحداث الامنية والسياسية والمعارك العسكرية الى دركها الاسفل ..
نقول مع كل ذلك لدينا بعض من الوقت الضائع الذي يحسم النتائج عادة .. وهو الوقت الذي لامجال فيه للمناورة والفذلكات السياسية والمناورات العسكرية ..
انه وقت ضائع لانقاذ البلاد مما هي ذاهبة اليه من احتمالات لايريدها الا البعض ولا يسعى اليها الا اصحاب الاهداف الشريرة ، وحقيقة ليس من السهل ان تحدد من يسعى اليها في خارطة سياسية متخمة بالشعارات والمواقف المتبدلة ..
كتبنا في هذا المكان عندما كانت الامور في حدود المناوشات اللفظية والتهديدات ورصاص الخلّب تحت عنوان “الوطن في خطر” ان على ساسة ديمقراطيتنا ان يمنعوا البلاد والعباد من الانزلاق الى مواقع الخطر التي تهدد حتى هوية الناس الوطنية ويذهب البلد الى التقسيم ..
وكالعادة لدينا طبقة سياسية حاكمة ومتنفذة لاتسمع الا الصوت الذي تريد .. ولا ترى الا ماتريد .. برغم كل مؤشرات الخطر ودق نواقيسه وابراز دلالاته والتلويح به ، الا ان الشعارات الفارغة والامنيات البائسة والعقلية الارادوية السياسية حجبت منظر الايام التي نحن فيها الآن ، والمشهد يتكرراليوم فلا احد من هذه النخبة السياسية المتنفذة والتي بيدها ، الى حد كبير ان تقرر او لاتقرر ، يريد ان يرى خطر الايام المقبلة .. ولا يريد ان يسمع التحذيرات ، وما زالت تعتقد هذه الطبقة ان “الدنيا ربيع والجو بديع ” فيما الاعصار يلوح في الافق واضحا طولا وعرضا وتدميرا !!
الوقت الضائع .. عادة ما يكون هذا هو الوقت الذهبي لتعديل النتائج عند اصحاب النظر الثاقب ممن يرون ويسمعون ويتفاعلون ، وهو وقت ضيق بالنسبة لنا ، لكنه يبقى املا لمن يرى المستنقعات التي نخوض بها ويتلمسها ويدرك حجم الخسائرالتي دفعت والتي ستدفع لاحقا في فاتورة ثقيلة من العيار الذي يؤدي الى نتائج جديدة وتسميات جديدة لهذا الوطن الذي اسمه العراق !!
هذه هي الحقيقة .. فهذا الوطن الذي اسمه العراق يسحب سحبا مع ناسه الى مشروع التقسيم الذي بشر به منذ عام 2005 وبقي يشتغل على نار هادئة جدا حطبها الناس ، ويبدو ان الفصل الاشد في طريقه الينا مع وجود طبقة سياسية متنفذة، ترى عكس مايراه الجميع وتعتقد ان المؤامرة الامبريالية الصهيونية مازالت مستمرة واننا سنقبرها في محلها ونقطع الايادي العابرة للحدود ونلجم الاجندات الخارجية ونعيش عيشة سعيدة كما تنتهي عادة حكايات جداتنا !!
الوقت الضائع .. فرصتنا الاخيرة لانقاذ الوطن من الخطر الاكبر القادم اليه، وهو خطر التقسيم الذي يرفع الجميع شعارات مناهضة له فيما السلوك السياسي متطابق معه بالارادة ومن دونها بالرغبة ومن دونها بالنوايا الحسنة ومن دونها بالقبض من الخارج او من دونه ، فالسلاح قد رفع والمواجهات تتصاعد والخلافات السياسية وصلت الى ابعد مدياتها وهي كسر الارادات ولي الاذرع بالخطابات والبنادق ..
ومع ذلك لدينا وقت ضيق وضائع ان لم نتمسك به ونحل ازماتنا بما يتيحه لنا، فاعتقد اننا سنكتب فيما بعد عن العراق كشيء تأريخي وتجربة تحتذي بها الامم قبل سقوطها .. تذكروا هذا الكلام !!