عامر القيسي
حكاية شعبية تقول ان احد المسافرين واجه في احدى رحلاته الشاقة مفترقا للطرق ، الاول كتب عليه درب السلامة والثاني درب الندامة والثالث «درب الصد مارد « ، ومن المنطقي ان يختار المسافر درب السلامة ، لكنه اختار درب الندامة اعتمادا على «قدرته» في تجاوز الصعاب فلا يندم على درب اختاره ..
هذا النوع من التجريب ممكن في مجالات الحياة المختلفة ، لان نتائجه غير المتوقعة من اضرار لاتودي الى سفك دماء وتشريد عوائل ومستقبل مظلم لمجموعات بشرية كاملة ..
ليس امامنا في العراق التجريب بين هذه الدروب..
ليس امامنا الا ان نختار درب السلامة ..درب سلامتنا جميعا ، وهو من اكثر الدروب التي تحتاج الى الحكمة والشجاعة ونكران الذات وابراز الروح الوطنية العراقية وهويتها باعتبارها الهادية لاختيار الدرب الذي يوصل الجميع الى السلامة ..
ليس علينا الآن ان ننظر ونتفلسف في اتجاهاتنا السياسية ، والعبث بمفاهيم الديمقراطية، ومحاولة حشرالواقع في تنظيرات مازال امامنا وقت طويل للتمتع بها ، وقت نحتاجه لمعرفة وادراك ووعي اسلوب طرائق الحكم الديمقراطي والتعامل معه وفلسفة آلياته ..
طريق المصالحة الوطنية الحقيقية بعيدا عن مغريات السلطة والتكالب على امتيازاتها.. طريق يفضي الى تخفيف التوترات والصدامات والمفاجآت .. طريق يقلم الاظافر الممتدة من خارج الحدود والخارجة منها على حد السواء .. طريق تأمين مصالح الجميع وطمأنتهم على مستقبل البلاد..
ليس الوقت الحرج لدينا وقت احتساب المقاعد ولملمتها من كل الاطراف والطيران الحر شرقا وغربا شمالا وجنوبا لحشد التأييد وتشكيل عوامل الضغط المتبادل ..
ليس الوقت لاعداد الكراسي البرلمانية والحقائب الوزارية وتقاسم الغنائم والتقاتل عليها ..
ليس امامنا ايها السادة التفاضل بين دروب مجهولة نضرب فيها الاخماس بالاسداس لكي نعرف اننا في الطريق السليمة أو تفضي بنا الى الندامة والـ «صد مارد» ..
في هذا الوقت الذي نرنفع فيه وتائر لعلعة الرصاص ويطل الموت الاسود برأسه بقوة من الفلوجة الى سامراء وغرب الموصل و ديالى مرورا ببابل و النجف وبغداد التي اتخمتها السيارات المفخخة وعصابات الجريمة المنظمة.. في هذا الوقت تحديدا ينبغي ان تبرز الروح العراقية الوطنبة لدى ساستنا كتلا واحزابا وائتلافات وتحالفات وتيارات وشخصيات ومنظمات اجتماعية ،لاختبار طريق السلامة ودرء الخطر القادم الذي يحذر منه الجميع ..
في هذا الوقت تحديدا ينبغي ان تبرز ونهيمن روح الحفاظ على البلاد والعباد من مخاطر الانزلاق الى اسوأ مما نحن فيه فتضيع على الجميع، كل الجميع، حتى فرصة حصد المغانم والامتيازات..
في هذا الوقت البالغ الخطورة والمنفتح على دروب الندامة ينبغي ويجب ومن المسؤولية الوطنية ان يقف الجميع وقفة عراقية وطنية لانقاذ البلاد أولا ثم التصارع على المقاعد والامتيازات وتوزبع الكعكعة العراقية التي تتخم الجميع وتكفي وزيادة لاشباع الطموحات الفردية والجماعية معا ..
البلاد في خطر فلا ترسلوها الى دروب الندامة .. هل من مجيب ؟