صادق باخان*
الى متى يظل الاقتصاد العراقي معتقلاً في سجن الاقتصاد الريعي بمعنى الاعتماد فقط على النفط من دون تنويع مصادره عن طريق اقامة صناعة ثقيلة والاهتمام بالزراعة ليصبح الاقتصاد العراقي موزعاً على النفط والتمر ورز العنبر ؟ وترون ان خبراء الاقتصاد يلحقون بهذا السؤال جملة اسئلة لا تكتسب طابعاً ميتافيزقيا وانما هي في منتهى الواقعية السحرية ومثال ذلك – الى متى يظل هذا الغاز يحترق وهو يخرج من افواه المصافي في كل من البصرة والدورة لتحترق معه ملايين الدولارات يوميا فضلا عن ان احتراقه في الهواء يسبب تلوثاً للبيئة ينتج عنه اصابة الناس بشتى الامراض الخطيرة ؟
والاهم من هذه الاسئلة هو –ماذا لو ان البلدان الصناعية الكبرى لسبب من الاسباب الاقتصادية التي تظهر دورياً في الانظمة الرأسمالية ادى الى انخفاض سعر برميل النفط الى عشرة دولارات ، افلا يا ترى يؤدي ذلك الى انهيار اقتصاديات بلدان منظمة الاوبك ومنها العراق فتعاني بالتالي كسادا اقتصادياً عظيما كالذي عانت منه الولايات المتحدة الاميركية في ثلاثينيات القرن الماضي ؟
بالتأكيد فهذه اسئلة في منتهى الواقعية اذ العالم بات يعيش غداة سقوط وانهيار الاتحاد السوفييتي ومعه الكتلة الاشتراكية فوضى غير خلاقة وها انتم ترون كيف ان قيصر روسيا الجديد والمسؤول السابق لجهاز الكي – جي – بي في مدينة سانت بطرسبرغ الرفيق فلاديمير بوتين يستعمل النفط والغاز لاذلال بلدان الاتحاد الاوروبي ليجعلها رهينة للطاقة ويجعلها تعيش رعباً جراء الازمة الاوكرانية .
ومن الطبيعي ان تتلبس خبراء النفط العراقيين هواجس ومخاوف من التقلبات السياسية والاقتصادية التي من الجائز جداً ان تشهدها البلدان الصناعية الكبرى فتترتب عليها بالتالي نتائج كارثية ولا بد من اتخاذ التدابير العقلانية والعمل على تحرير العراق من الاقتصاد الريعي خاصة ان تقريراً صدر عن المركز الدبلوماسي للدراسات الدبلوماسية العالمية ذكر بان العراق من بين خمس دول في منطقة الشرق الاوسط يقع ضمن اكبر عشر دول منتجة للنفط على مستوى العالم وهذا شيء مفرح بطبيعة الحال سيجعل ثروة العراق تزداد مع القرار الذي اتخذه الرئيس الاميركي باراك اوباما بموجب السلطة المخولة له بوصفه رئيساً للولايات المتحدة على وفق الدستور والقوانين الاميركية برفع الحصانة الممنوحة لصندوق تنمية العراق وممتلكات خاصة تعود للحكومة العراقية في الخارج وعزا القرار الى التطور الحاصل في قدرات الحكومة العراقية على ادارة التبعات المرافقة للديون المترتبة على نظام صدام حسين .
والحق يقال بأن الحكومة العراقية كانت قد اطلقت في شهر آب من العام 2008 مبادرة شاملة للنهوض بالواقع الزراعي في البلاد وحددت سقفاً زمنياً مدته عشر سنوات ليبلغ العراق خلالها مرحلة الاكتفاء الذاتي من المحاصيل الاستراتيجية وقد ترتب على ذلك نتائج باهرة على مستوى الانتاج الزراعي كما ان وزارة الزراعة تصدر من حين لحين قرارات تقضي بمنع استيراد بعض انواع الخضر والفواكه بشكل مؤقت بهدف اعطاء المزارعين العراقيين فرصة لتسويق منتجاتهم عبر حمايتها من منافسة المحاصيل المستوردة من دول الجوار ؟
وهذا امر طبيعي لا غرابة فيه تلجأ اليه حتى الولايات المتحدة الاميركية وهي تعمل للدفاع عن مصالح المزارعين الاميركيين في التعاملات التجارية مثلما حصلت ازمة تجارية مع حليفتها اليابان خلال الشهر الماضي بقدر ما يتصل الامر باستيراد بعض المنتجات الزراعية والسيارات الكبيرة تذكرنا بالازمة التي حصلت في تسعينيات القرن الماضي في عهد الرئيس بيل كلنتون حين فرض على اليابان ان تستورد سيارات الليموزين والرز الاميركي ليخفض الميزان التجاري الذي كان لصالح اليابان والذي قدر في حينها ب 160 مليار دولار وذلك بموجب بند في الدستور الاميركي يخول الرئيس الاميركي فرض عقوبات اقتصادية على كل دولة تشكل خطرا على الامن القومي الاميركي .
والعراق لايسعى الى فرض عقوبات اقتصادية على احد فقد ذهب زمن الحروب والعنتريات والمغامرات الدونكيخوتية وانما بات يجنح الى السلم والتعاون اذ البلدان لم تعد قوتها تقاس بمدى ما تمتلكه من الاسلحة الاستراتيجية والبالستية وانما تقاس بمدى قوة اقتصادها واكبر مثل هي كوريا الشمالية المهووسة بانتاج الاسلحة لدرجة كاد شعبها يموت جوعاً مؤخراً لولا المساعدات التي قدمتها بلدان من الاتحاد الاوروبي ؟
وضمن سياق حماية المنتجات الزراعية المحلية فقد لجأت وزارة الزراعة الى منع استيراد انواع من الخضر والفواكه والاهم هو التركيز على دعم القطاع الزراعي في العراق من خلال الدعم المادي ومنح القروض وتحديث وسائل الانتاج من آلات وعدد واسمدة ولقاحات حتى لا يبقى الفلاح العراقي يستعمل المحراث الخشبي الذي يجره ثور عجوز وحتى يتوزع الاقتصاد العراقي على النفط وتمر الخستاوي والبرحي وتمن عنبر والصناعات الثقيلة لكي لا نظل حائرين كيف نمرر الموازنة الاتحادية ونتجاوز حرب داحس وغبراء ، اللهم زد وبارك على العراق والعراقيين .
*من أسرة تحرير الصباح الجديد