موظفون وطلبة مدارس يعانون بسبب حواجز مراكز الاقتراع
بغداد ـ كاميران علي:
تضطر والدة ريم إلى قطع مسافة 300 متر يومياً لترافق ابنتها الوحيدة البالغة من العمر ثمان سنوات إلى مدرستها بعدما تم إغلاق الطريق الأقصر بين منزلها ومدرسة الزهور الواقعة في منطقة الداوودي في حي المنصور وسط بغداد.
ورغم مرور أكثر من شهر على انتهاء الانتخابات لكن السلطات الأمنية مازالت تغلق عشرات الطرق التي تم قطعها لتأمين مراكز الاقتراع، وهو ما أثر سلباً على أهالي المناطق التي تقع فيها تلك المراكز.
“قبل الانتخابات كان بمقدور ريم أن تذهب إلى مدرسة بمفردها فهي لا تبعد سوى خمسين متراً عن البيت، أما اليوم فلا يمكنها ذلك لأن إغلاق الطريقين الفرعيين المؤديين للمدرسة جعل وصولها يتطلب المرور بشارع رئيس تمرُّ فيه السيارات بكثرة في ساعات الصباح وهو ما يدفعني للخوف عليها من حوادث الدهس” تقول والدة ريم.
وتضيف “الكثير من الأطفال هنا لم يعد بمقدورهم أن يذهبوا بمفردهم إلى المدرسة بسبب قطع هذين الفرعين ما دفع ذويهم إلى مرافقتهم”.
الشارعان الفرعيان المغلقان في المكان يجاوران مدرسة ابتدائية هي مدرسة الزهور، وروضة للأطفال تحمل اسم حي الأندلس وهو أحد أحياء منطقة الداوودي حيث تم اختيار بنايتي المدرسة والروضة كمراكز انتخابية.
“قبل الانتخابات بيومين جاء عناصر الأمن المكلفون بحماية المراكز الانتخابية ووضعوا أكواماً من الأنقاض لقطع الطريقين وأخبرونا إن هذا الإجراء احترازي وقتي لتأمين المركز وسيتم فتح الطريق مرة أخرى بعد انتهاء الانتخابات” يقول أبو علي صاحب أحد المنازل المجاورة للروضة.
ويضيف “انتهت الانتخابات وانسحبت القوات الأمنية المكلفة بحماية المركزين من المكان دون أن ترفع الأكوام التي وضعتها”.
أهالي المنطقة اعتادوا على ارتياد الطريقين المذكورين للذهاب إلى السوق إذ أنهما يوفران مسافة كبيرة لمن يروم الذهاب والإياب دون استخدام السيارة.
“أحيانا أترك سيارتي هنا لأكمل بقية الطريق سيراً على الأقدام وفي أحيان أُخرى أضطر إلى أن أسلك طريقاً أخرى للوصول إلى السوق ،إنه لأمر مؤسف أن يقطعوا طريقاً فرعياً كان يقدِّم خدمات كبيرة للأهالي” يقول محمد أحد أبناء المنطقة.
ويضيف ” اضطررت مرات عدة إلى عبور أكوام الأتربة والقفز فوقها لتوفير الوقت لأن استخدام السيارة يتطلب وقتاً أطول للوصول”.
أكثر المتضررين من قطع هذين الطريقين هم الساكنون في المنازل المطلّة عليهما ،لاسيما أولئك الذين يملكون سيارات خاصة.
“أترك سيارتي قرب جدار المنزل الخارجي منذ الصباح وحتى المساء لأنني لا استطيع أن أخرجها وأدور بها من الشارع الخلفي كلما احتجتها في مشاويري الكثيرة على طول اليوم” يؤكد أبو علي مجدداً.
ويضيف “أسوأ ما في الأمر إن سيارات جمع النفايات لم تعد تدخل من هنا وهذا ما جعلنا نخرج حاويات النفايات إلى مكان مناسب يمكن للعاملين في هذه السيارات حملها وإفراغها”.
قام بعض أهالي المنطقة وغيرها من المناطق التي تشهد حالات مشابهة برفع أكوام الأنقاض بأنفسهم ،إلا أنهم لا يخفون خشيتهم من أن يتعرض لهم رجال الأمن في مناطقهم ويسألونهم عن أسباب رفعها.
“كان هذا الفرع مغلقا بالأنقاض واتفقنا أنا والجيران على رفعها لأنها بدأت تجمع النفايات المتطايرة فضلا عن أنها أثرت سلبا على الجميع هنا” يقول مصطفى محمد الذي يقطن في حي السيدية وساهم في فتح أحد الطرق.
ويضيف مصطفى وهو يسكن قرب مركز انتخابي في المنطقة “نتوقع أن يأتي رجال الأمن للسؤال عن هذا الأمر لكننا اتفقنا أن لا نجيب في حال أتى أحدهم لأنه بكل بساطة سيغلق الطريق مرة أخرى في أسوأ الحالات”.
ما يخشاه أهالي هذه المناطق وغيرها هو أن تبقى هذه الطرق مغلقة لسنوات أخرى إذ أن الكثير من الطرق في العاصمة بغداد وبعض المحافظات العراقية تم إغلاقها قبل سنوات لأسباب قالت الجهات الأمنية حينذاك إنها وقتية إلا أنها ظلّت مغلقة حتى اليوم.
فالكثير من الشوارع الرئيسة والفرعية تم إغلاقها على خلفية حوادث التفجيرات كإجراء احترازي وقتي ولكنها لم تُفتح حتى بعد زوال الأسباب.
“الطرق التي يتم قطعها بأكوام الأنقاض يُسمح بفتحها من قبل الأهالي لا سيما في الظروف المؤقتة” يقول أحد عناصر الأمن الذي رفض الكشف عن هويته.
ويضيف “لطالما تركت القوة الأمنية هذا المركز أو ذاك فلا مشكلة من إزالة ما تركته من مخلّفات سواء الأنقاض أو غيرها”.
ويؤكد “الطرق التي يتم توجيهنا رسمياً بقطعها يتم وضع كتل كونكريتية فيها كدلالة على وجود أمر عسكري بقطعها وهذه التوجيهات تأتي من الجهات العليا لا من الضباط ذوي الرتب الصغيرة أو غير المخولين باتخاذ هكذا إجراءات”.
لا تزال بعض الطرق مغلقة، فيما فتح الأهالي البعض الآخر منها، أما والدة ريم فما زالت تنتظر هي الأخرى تحرك الاهالي لفتح الطريق أو دورية عسكرية تتذكر بشكل مفاجئ أنها يتوجب ان تفتح الطريق الذي أغلقته منذ أسابيع كي تتمكن صغيرتها من الوصول إلى مدرستها بأمان.