عامر القيسي*
سؤال يشغل بال الشارع العراقي قبل ان يشغل السياسيين ، لان ما يمكن ان يحدث يلقي بظلاله المباشرة على حياة الناس وتفاصيلها..
حتى اللحظة يبدو ان المعترضين يسيرون بالطرق القانونية المتبعة ضمن تعليمات مفوضية الانتخابات، واعلنوا في مؤتمرات صحفية رصدهم وتوثيقهم لخروقات ادت الى حالات تزوير لم ينكرها المالكي عندما تحدث في مؤتمر صحفي عن احتمال حدوث خروقات عادا اياها طبيعية .. والمثير ان الغالبية العظمى من الكتل السياسية ابدت اعتراضها على نتائج الانتخابات مطالبة المفوضية بالنظر الجاد بالشكاوى التي ستقدم لها والطعون الكثيرة المحتملة ..
المرجح ان نتائج النظر في الطعون سوف لن تغير في نتائج الانتخابات، حتى لو الغت المفوضية، على سبيل المثال، نتائج محطة او محطتين وحتى أكثر من ذلك ، والحديث الآن يتمحور على مرحلة مابعد الطعون ونتائجها وما يمكن ان تتمخض عنه من ردود افعال من قبل القوى المعترضة على النتائج ..
اكبر المعترضين السيدان الحكيم والصدر وزعيم الوطنية اياد علاوي وزعيم متحدون اسامة النجيفي، ليس واضحا حتى الآن الطرق التي سيتبعها هؤلاء الكبار بعد نتائج الطعون التي لن تغيّر شيئا من واقع الحال ، وليس مرجحا اللجوء الى الاحتجاجات الجماهيرية او الاعتصامات، كما ليس واردا مقاطعة الحوارات او الطلب باعادة الانتخابات ..
الجولة الساخنة المقبلة هي جولة تشكيل الحكومة، وتبدو فيها الخارطة السياسية الحالية على قدر كبير من التعقيد والتشتت والغموض في المواقف وتحولاتها، على الرغم من اجتماعات التحالف الوطني الشيعي بالكامل لاعادة بنيته التنظيمية والتحالف المقابل له السنّي الطابع بالكامل ايضا ، وهناك التحالف الكردستاني الذي يبدو أكثر المستقرين والعارفين والمنظمين ، خصوصا بعد اجتماع رئيس الاقليم مسعود بارزاني مع جميع الكتل السياسية والتي خيّرهم فيها بين العزف المنفرد او الجماعي، ووقع الاختيار على وحدة الموقف الكردي.
المالكي وحده لايستطيع ان يشكل اغلبية النصف زائد واحد داخل البرلمان الا اذا اصطف معه الحكيم والصدر وبعض القوى الصغيرة الشيعية والسنية، وهذا الاحتمال يبدو مشكوكا فيه، خصوصا بالنسبة للصدر والحكيم، اللذين اعلنا اكثر من مرّة انهما لن يقبلا بولاية ثالثة ، وذهاب المالكي الى الكرد يكتنفه الغموض فعليه ان يدفع استحقاقات قديمة واخرى جديدة وهذا يبدو مستبعدا ايضا وان كان ممكنا..
القوى الاخرى على الجانب الآخر كمتحدون والوطنية والعربية وبعض الكراسي المتناثرة هي ايضا لاتستطيع ان تشكل النصف زائد واحد الابالكرد والاحرار أو المواطن ولايبدو الامر سهلا في منظوره الواقعي ..
حوارات ومقايضات وصفقات ستكون صعبة جدا وعسيرة تتلاعب فيها نتائج الانتخابات والضغوطات الاقليمية والدولية وتطورات الاحداث وخصوصا ما يجري في الانبار الآن.. ومن بين كل هذه المزالق لابد ان تنبثق الحكومة سواء على طريقة اتفاقية اربيل القديمة أو بتحالفات تشكل نوعا من المفاجأة للمراقبين السياسيين بل وحتى للشارع العراقي ..
كل شيئ في السياسة ممكن بما في ذلك الغاء الخطوط الحمر وتبادل المواقع وقوة الصفقات المحتملة..
لكن كيف؟
هذا هو السؤال الذي ستجيب عليه الايام المقبلة ، لان احدا ما لايستطيع ان يعرف ماذا سينتج عن خلطة سياسية عراقية من هذا النوع !