كان الكاتب الروسي الكبير فيودور دسكويفسكي صاحب رائعة «الجريمة والعقاب» و «الأخوة كرامازوف» و»مذلون مهانون»، يقصد بالناس الشرفاء المقهورين الذين تجبرهم الظروف القاهرة لكي يمتهنوا كرامتهم تحت سطوة كبار الملاكين والتجار الأخساء الذين يتاجرون بذمم الناس وأعراضهم الأسرية التي لا يمتلكون غيرها من الأملاك في واقع الحال. الفقراء لا يمتلكون سوى شرفهم الذاتي المتمثل بالزوجة الجميلة والشريفة، وهي تحتل المرتبة السهلة كهدف أول عند التجويع ونظام الفاقة، ومن ثم صيد الطفلة الصبية اليافعة التي هي الهدف المنشود نهاية المطاف.
كان هذا الكاتب الكبير يسعى لتحرير البشر من ربقة الجشعين من الضباع البشرية الضارية التي تشتري شرف الناس بالنقود. هذا الوضع مازال ساريا حتى يومنا الحاضر. طالما لا توجد دولة ولا توجد قوى تطبق القوانين يظل هذا المرض الاجتماعي الخطير والخبيث مستمرا ولا يمكن القضاء عليه.
أصحاب المال الحرام، وهم أبناء حرام بالأصل، أولئلك الذين جنوا الأموال الكبيرة من غير حق ومن غير تعب، وهم ينفقونها ببذخ وترف على المكشوف، وحساباتهم جارية في البنوك العالمية من بغداد إلى عماّن إلى سوسيرا، وهنيئا للبنوك في الأردن وفي سويسرا التي اشتدت تخمتها من دولارات العراقيين بحيث لم يعد لها مكانا للمزيد من الحثالات العراقية الصغيرة التي لا تمتلك سوى بضعة ملايين من الدولارات. الله هو الرزّاق الكريم، لكن لماذا يظل هؤلاء القوم مذلين مهانين وهم يمتلكون كل هذه الأموال الكبيرة والضخمة؟ ربما لأنهم مجرد لصوص؟
ذكر المفكر هادي العلوي هذه اللقطة من التاريخ العربي في كتابه المستطرف الجديد:
قال إعرابي في مضيف:
لماذا لا تذكرون أبي؟ قال بعض القوم:
لم يكن لأبيك مآثر. قال الإعرابي: حتى لو تشتموه..
ربما يطيب للسياسين العراقيين الطارئين ولو مجرد الشتم لأنهم من دون مآثر، وهم يفتخرون بـ «بصقة الشيخ صلّال» وتلك حكاية أخرى.. ربما
علي عبد العال