عاصم جهاد*
تبقى الصحافة ووسائل الإعلام والكتـّاب والمثقفين والباحثين هم أهم الجهات والقطاعات التي تقوم بتوثيق للأحداث والفعاليات والنشاطات المختلفة التي تشهدها البلاد على مدى عقود من الزمن.
هؤلاء وغيرهم «شهود» على ذلك أو كما يقال «شاهد على العصر» بإنجازاته وإخفاقاته وإنتصاراته ومراحل تطوّره ونموّه .. بسلبياته بإيجابياته، وتخضع طبيعة ذلك على طريقة التعامل مع المعلومات والحقائق وكيفية التعاطي معها مع مراعاة توفرالأمانة المهنية وشرف المسؤولية الوطنية والتاريخية التي تتطلب نقل المعلومة والحقيقة بشفافية عالية من دون تزويق أو تشويه أو إضافة أو نقص فيها .. تكون درساً للأجيال للإستفادة من التجارب السابقة من أجل إحداث تغييرات جوهرية في بناء الدولة على أسس حضارية رصينة.
ولعل الإنتخابات الوطنية التي جرت مؤخراً تعد من أبرز الأحداث في تاريخ العراق الحديث والمنطقة لأنها ترسم ملامح ترسيخ تطبيق تجربة الممارسة الديمقراطية .
ولحداثة التجربة الديمقراطية .. فقد رافقتها الكثير من الملاحظات وهذه تبدو طبيعية برأي الخبراء طبيعية … إذا ما أخذ في الإعتبار الفترة الزمنية لتغيير نمط إدارة الدولة في العراق من نظام دكتاتوري الى ديمقراطي والتي تقارب العقد من الزمن وهذا ما يعدونه قصيراً في عمر الشعوب، إضافة الى عوامل أخرى تتعلق بثقافة المجتمع وتنوّعه والتحديات الخارجية والداخلية وغير ذلك !
وكما أفصحت المفوضية في وقت سابق عن مصادقتها على «277» كياناً سياسياً وإئتلافاً لخوض الإنتخابات، مؤكدة أنه «بعد الإنسحابات بقيت 107 قوائم وكيانات سياسية شاركت في خوض الإنتخابات في عموم العراق منها 36 كياناً وإئتلافاً سياسياً والمتبقي 71». وهذا يعني مشاركة «9032» مرشحاً منهم «2600» امرأة يتنافسون لحجز مقاعد مجلس النواب الـ»328» ولا نعرف السر في هذا الإندفاع والتنافس .. هل هو للتمتع بالامتيازات والحصول على المكاسب الكثيرة ؟ أم هو لخدمة المواطن المسكين !
وإذا ما توقفنا عند العدد الكبير للمرشحين وهو رقم قياسي قد يسجل في موسوعة غينيس مستقبلاً … فان ذلك يعزوه بعض الخبراء الى استسهال عملية الترشح والإنخراط في العمل السياسي من قبل أكثرية ممثلي الكيانات والكتل من دون الأخذ بنظر الإعتبار القاعدة الجماهرية التي يتمتعون بها إضافة الى عدم وجود ضوابط وشروط ومعايير لذلك، ويبدو أن عدداً كبيراً من المرشحين والمرشحات وجدوا ان عملية الترشح لا تختلف عن آلية التسجيل في قرعة هيئة الحج, أو الحصول على سلفة الـ»100» راتب أو الحصول على قرض الإسكان أو التسجيل للحصول على شقة سكنية في مجمع بسماية أو حتى المشاركة في سفرة سياحية أو ترويحية أو الذهاب الى العمرة، ولهذا إنخرطت جميع المهن والوظائف في سباق الحصول على مقعد في البرلمان المقبل فمنهم .. الفلاح، العامل، المهندس، الطبيب، المصور، المخرج، مقدم البرنامج، المحامي، القاضي، لاعب كرة القدم، المطرب، الممثل، رجل الدين، الصيدلي الفيزياوي، الكيمياوي، التربوي، الموظف، المدرب، الأكاديمي، الصائغ، التاجر، مدير البلدية، التدريسي، المعلم، العسكري المتقاعد، الصناعي، رجل الأعمال، مدير شركة، وكيل وزارة، الصحفي، الإعلامي، الوزير، مدير مصرف، محلل سياسي، وغيرهم الكثير لا يسعنا ذكرهم جميعاً.
والجميل في الأمر أن الشعارات التي رفعتها الكيانات السياسية والمرشحون امتزجت بين الأحلام الوردية والشعارات الحماسية والتحريضية !
وبعد انتهاء عملية العد والفرز وإعلان النتائج … يبقى المواطن .. ينتظر ترجمة هذه الشعارات وتطبيقها على أرض الواقع … مع خشيته من أن تتبخر بمجرد جلوس السيد النائب على مقعده الجديد !
• ضوء
صوتك.. مستقبلك .. فإن «التهبت» حنجرتك.. لن تستطيع المشاركة في العرس الانتخابي!