متابعة الصباح الجديد:
صدرت عن منشورات المتوسط -إيطاليا، مجموعة قصصية جديدة للكاتب والمترجم المصري أحمد عبد اللطيف، بعنوان: «مملكة مارك زوكربيرج وطيوره الخرافية». مجموعةٌ تتمرَّد عبر قصصها على الشَّكل والواقع والمتنِ. وتنتصرُ للحبّ في أشدِّ حالاته هشاشة، وتتبنى الطرد والغربة كثيمة رئيسية. وسيكون الكتاب متواجداً في جناح الدار بمعرض القاهرة الدولي للكتاب خلال أيام (صالة 3 – جناح). A33
عبر ثلاثةِ أجزاء تتوزَّع قصصُ المجموعة الخمس الطويلة، والتي جاءت عناوينها طويلةً أيضاً على اتساقٍ مع العنوان الرئيسي للكتاب، وليضعنا أحمد عبد اللطيف دونَ مقدمات في جوِّ قصصه الغرائبية، بدءاً من «حين صار مارك زوكربيرج إلهاً صغيراً» وصولاً إلى آخر قصة «الخلود في زِنْزَانَةِ العٍصيَان: المنحة الإلهية»، ذلك أنَّ قارئ قصصَ عبد اللطيف، عليه أن يتخلّى عن كل ارتباطٍ بالواقع، إنَّما يحملُ هذا الواقع ليرصد تحوُّلاتهِ في «واقع افتراضي ليس هو الواقع لكنه ليس هو الوَهْم» أو كما يقول صاحب اللسان المبتور في القصة الأولى من الكتاب.
إلى عالمٍ غرائبيّ يمضي بنا أحمد عبد اللطيف، زادُه خيال أدبيّ يستمدُّ قوَّته من أحداث وتواريخ تثيرُ الذاكرة والمشاعر المتداخلة، حيثُ يصعبُ مع كلّ جملةٍ أو عبارة أن نحدِّد المكان الذي نتواجد فيه، بالرغم من الأسماء والمعالم الحقيقية الماثلة أمامنا، ترافقنا شخصيات أدبية وسينمائية مشهورة وحتّى هامشية نعرفُها بحكمِ المشاهدة اليومية، وبحكم احتلالها شاشاتنا المتعدِّدة من التليفزيون إلى الموبايل.
سنقع ومنذ أوَّل قصة على أبطالٍ تائهين، أو يصنعونَ المتاهةَ التي تلتهم كلَّ شيء، من الواقع الافتراضي الذي يوهمنا أنه ليس الواقع، إلى الواقعي المحض وقد تداعى وأصبح حطامه شذراتٍ تسبح في فضاء الكتابة، كمن يُطلق طيوراً خرافية ظلت سجينة أقفاصها. هنا لم يتردَّد الكاتبُ وهو صاحبُ الخيال الروائي، وراوي القصص والحكايات، في أن يجعل من قصصه ملاحمَ أسطورية يمتزج فيها السريالي بواقعٍ علينا اختيار شكله وصيغته النهائية، ونحن نقرأ كلمات من مثل: نوتيفيكشن، لايك، أكاونت، كومنت، ونزحف زحفاً مقدَّساً إلى جنة الفيسبوك وجحيم التندر، ونقرأ بمتعةٍ لا متناهية قصص أحمد عبد اللطيف، كجملٍ واحدةٍ طويلةٍ، لا تحتاجُ، في الكثير من الأحيان، إلى فاصلةٍ واحدة، أو حتى نقطة نهاية.
«مملكة مارك زوكربيرج وطيوره الخرافية» مجموعة قصصية جديدة للكاتب والمترجم المصري أحمد عبد اللطيف، صدرت في 112 صفحة من القطع الوسط، ضمن سلسلة «براءات» التي تصدرها الدار منتصرةً فيها للشعر، والقصة القصيرة، والنصوص، احتفاءً بهذه الأجناس الأدبية.
من الكتاب:
أحياناً كانت تصنع أشكالاً صغيرة لبشر يسيرون في الشارع أو يجلسون في شرفة لتمنح للمدينة حياة ونبضاً وفي مدريد صنعتْ من الصلصال أفراداً يسيرون بشوارع بوسط المدينة منهم رجل طويل ونحيف وله لحية وشارب يسير بشارع أتوتشا وحينها تأمَّلتُه كثيراً وهي استغربتْ تأمُّلي وتوقُّفي عنده وتعليقي عليه أكثر من تعليقي على المدينة نفسها ولكنْ لم يكن لديَّ جواب حينها وبعد سنوات طوال اكتشفتُ أن هذا الرجل هو أنا وأني أسير وحيداً بلحية وشارب بشارع أتوتشا في طريقي للقاء نيوركا بعد أن تعرَّفتُ إليها عن طريق التيندر وتواعدنا ليرى كلٌّ منَّا الآخر ويلمس كلٌّ منَّا الآخر فكانت خطواتي مضطربة بخوف يفوق اللهفة على التجربة والمغامرة وفهمتُ حين أدركتُ ذلك أن الغيب ليس محتجباً تماماً إنما له علامات تتجلَّى لنا من آنٍ لآخر دون أن ننتبه لها.