الحوار السياسي بين الأطراف الليبية لتشكيل حكومة موحدة في ليبيا بات اقرب الى حل الأزمة

متابعة ـ الصباح الجديد:

يأمل الليبيون في نجاح المحاولة التي تقودها الأمم المتحدة في تشكيل حكومة موحدة لبلادهم، التي مزقتها الحرب والاختلافات السياسية بين فريقين، إحدهما في الغرب وآخر في الشرق، متسائلين عن مدى نجاح هذه الخطوة واختراقها لحل الأزمة التي تعيشها ليبيا منذ عقد.
وتستمر أعمال منتدى الحوار السياسي الليبي في سويسرا، والتي انطلقت امس الأول الاثنين بهدف اختيار رئيس وزراء مؤقت ومجلس رئاسي مكون من 3 أشخاص في محاولة لتوحيد البلاد، وإجراء انتخابات في ديسمبر المقبل.
وأمام 75 مندوبا ليبيا يمثلون المناطق الرئيسية الثلاث: ليبيا القديمة وطرابلس في الغرب، وبرقة في الشرق، وفزان في الجزء الجنوبي الغربي من ليبيا، قالت مبعوثة الأمم المتحدة بالإنابة إلى ليبيا، ستيفاني وليامز: «لقد وضعت لهم علامةً لا تُمحى على الجدول الزمني هي إجراء انتخابات وطنية في 24 ديسمبر من هذا العام. ووافق على هذا القرار الغالبية العظمى من مواطنيكم وهو تعهّد ينبغي احترامه مهما كلّف الثمن».

أمل في حل الأزمة
وأشاد عضو مجلس النواب الليبي، إبراهيم الدريسي، بويليامز وصبرها وذكائها الشديد ودراستها للحالة النفسية الليبية، وقال: «نحن ندعم الحوار الوطني ونحذر من المعوقات والمعرقلین».
وانطلق الحوار الليبي من تونس، في نوفمبر الماضي، لمحاولة إخراج البلاد من الأزمة، بعد جهد دؤوب من بعثة الأمم المتحدة.
وكل من المناطق الرئيسية الثلاث في ليبيا يجب أن تحظى بتمثيل في المجلس الرئاسي المؤلف من ثلاثة أعضاء. كما يتم اختيار رئيس الوزراء بحصوله على 70 بالمائة من الأصوات.
ويتنافس 24 مرشحا على مناصب المجلس الرئاسي. من بينهم، عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب الشرقي، وخالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة في حكومة طرابلس، وكبير القضاة الليبيين، محمد الحافي.
بينما يتنافس 21 مرشحا على منصب رئاسة الوزراء، وبينهم فتحي باشاغا، وزير الداخلية القوي في طرابلس، وأحمد معيتيق، نائب رئيس الوزراء في الحكومة التي تدعمها الأمم المتحدة.
لكن الباحث السياسي الليبي، عبدالله الكبير، استبعد في حديثه مع موقع «الحرة». أن يحدث توافق بشأن السلطة التنفيذية بالطريقة التي اختارتها بعثة الأمم المتحدة، في حيث يشيد الدريسي بها ويقول إنها «حصرت الاختيار ما بين اثنين لا ثالث لهما، اختيار عن طريق الأقاليم أو عن طريق القوائم، فمن لا يستطيع أن يحصل على النسبة الكافية من الأقاليم، فسيجد نفسه مضطرا للقبول بالقوائم، وفي هذه الحالة ظهور حكومة جديدة ورئيس جديد أمر لا مفر منه».
ويرى الكبير أن حصول أي مرشح على أصوات 70 في المئة أمر مستحيل، ولذلك سيلجأ المرشحون إلى تشكيل قوائم.
ويوضح «تحتاج كل قائمة إلى تزكية من 17 عضوا في الحوار الوطني، على أن يكون من بينها ثمانية من الغرب وستة من الشرق وثلاثة من الجنوب، بعدها يجري التصويت على القوائم، ويحتمل ألا تنتج قوائم متجانسة، كما يصعب الحصول على موافقة 17 عضو من لجنة الحوار يقبلون بكل الأسماء في القائمة».
ويضيف «لا أنفي تماما احتمال أن يحدث توافق على قائمة من المرشحين وتفوز هذه القائمة بأغلبية بسيطة، لكن، في الحقيقة، هذا الاحتمال بالنسبة لي ضعيف، لذلك أتوقع أن المدة المحددة لذلك، وهي حتى الجمعة المقبل، ستمـدد ربمـا أسبـوع آخـر على أمـل أن يحصـل توافـق».
وفي حالة الفشل في التوافق على سلطة تنفيذية يشير الكبير إلى أنه «ربما يتوافقون على ترميم السلطة الحالية بتكوين حكومة توافقية مفصولة عن المجلس الرئاسي، تقوم بتسيير شؤون البلاد لعشرة أشهر لحين إجراء انتخابات جديدة».

ليبيتان.. شرقية وغربية
يرى كل من الدريسي والكبير أن هناك ضغوط دولية حالية لتشكيل سلطة موحدة لكن ما مدى نجاح هذه المحاولات في الوصول إلى حلول جذرية للأزمة الليبية؟
يقول الكبير: «بالتأكيد هناك ضغوطات من الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على الحوار السياسي من أجل إنتاج هذه السلطة الجديدة والالتزام بخارطة الطريق التي وضعها الملتقى وعلى رأسها الانتخابات في موعدها، لكن هل تمر هذه الضغوطات وينجح الملتقى في تشكيل السلطة الجديدة؟ أشك في ذلك».
وفيما يتفاءل الدريسي بنجاح محاولة تشكيل سلطة تنفيذية موحدة فإنه يقول: «لا يمكننا أن نغرق في التفاؤل بأن الأزمة الليبية ستحل إن حصل التوافق».
ويرى أن «الحكومة المزمع تشكيلها هي بمثابة ‹حكومة أزمة› اقترحها المجتمع الدولي ليفك الحصار عن الشعب الليبي ويبطئ تدفق الهجرة غير الشرعية وتدفق السلاح إلى دول الجوار وحتى إلى أوروبا».
وأضاف أن «المجتمع الدولي أراد أن تكون هناك هدنة، أنا أعتبرها مؤقتة، وأعتقد أن ليبيا ستبقى هكذا، جزء شرقي وجزء غربي وحكومة في منتصف البلاد تعطي للشرق حقه وتعطي للغرب حقه».
ويؤكد أنه «لا يمكننا أن نغفل الآن أنه أصبح هناك ليبيا الشرقية وليبيا الغربية وخط الهدنة ما بين قوات الوفاق وقوات حفتر، هو سرت، مثل خط 38 ما بين كوريا الشمالية والجنوبية»، متسائلا إن كان سيستمر هذا الخط إلى مالا نهاية، أو أن يحدث توافق على توحيد المؤسسة العسكرية».
ويعتقد الدريسي أن مسألة توحيد المؤسسة العسكري أمر «صعب، إن لم يكن مستحيلا، ويحتاج إلى سنوات لحل هذه المعضلة بسبب التناقضات الكثيرة ولوجود المرتزقة سواء الأتراك والسوريين أو الروس».

المرتزقة.. المعضلة الكبرى
يتفق الكبير مع الدريسي في أن وجود قوات أجنبية في البلاد بات معضلة كبرى «وربما هذا هو الأمر الصعب في الأزمة الليبية، خاصة أن دولة، مثل روسيا، لا تعترف بأن لها قوات في ليبيا».
وغرقت ليبيا في الفوضى منذ سقوط نظام الزعيم معمر القذافي إثر انتفاضة شعبية، عام 2011. وتتنازع سلطتان الحكم: في الغرب حكومة الوفاق الوطني برئاسة، فايز السراج، التي تتّخذ طرابلس مقرّاً وتعترف بها الأمم المتحدة وتدعمها تركيا، وسلطة بقيادة المشير، خليفة حفتر، شرق البلاد مدعومة من روسيا والإمارات.
وبعد فشل هجوم شنّته قوّات حفتر، في أبريل 2019، للسيطرة على طرابلس، توصل طرفا النزاع إلى اتفاق على هدنة دائمة، في أكتوبر الماضي، واستأنفا الحوار السياسي بدعم من الأمم المتحدة.
ونص الاتفاق على خروج القوات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، خلال ثلاثة أشهر. لكن حتى الآن، لم يتم إحراز أي تقدم في هذا الشأن.
وقالت ويليامز، في ديسمبر، إن هناك ما لا يقل عن 20 ألف مقاتل أجنبي في ليبيا، وحذرت من «أزمة خطيرة» مع استمرار تدفق الأسلحة إلى ليبيا.
وقال الكبير لموقع «الحرة» إن «القوى الليبية في ظل التمزق والتشتت الموجود الآن غير قادرة على إخراج المرتزقة من البلاد»، مشيرا إلى أن كثيرا من القوى السياسية والمجتمعية تعول على الضغط الأميركي على اعتبار أن القوى الموجودة تابعة لدول كبرى، مثل روسيا وتركيا.
والأسبوع الماضي، دعت الولايات المتحدة روسيا وتركيا والإمارات إلى وقف تدخلاتها العسكرية في البلاد بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي صمد إلى حد كبير في الأشهر الماضية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة