تفكيك المنظومة المالية الجانبية لـ”حزب الله” بفرض العقوبات على المسؤولين اللبنانيين

استهداف جديد لوزيرين أمنا عقودا له

متابعة ـ الصباح الجديد :

فرضت الولايات المتحدة الأميركية عقوبات على وزيرين لبنانيين سابقين، في خطوة كانت متوقعة ومنتظرة. الوزيران السابقان، على حسن خليل وهو الذي شغل وزارة المالية العامة لسنوات، ويوسف فنيانوس الذي كان وزيراً للأشغال في حكومة العهد الأولى عام 2016 والتي شكلها رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري.
من جملة ما تقوله وزارة الخزانة الأميركية في بيانها التي تشرح فيه أسباب هذه العقوبات إن “الوزيرين تعاونا مع حزب الله وتورطا بملفات فساد”، ففنيانوس “حرص من خلال منصبه كوزير للأشغال على تجيير ‏عقود مع الدولة اللبنانية لشركات مرتبطة بحزب الله كما أمّن عقوداً حكومية بملايين الدولارات للحزب ووفر له وثائق رسمية حساسة خاصة بمحكمة اغتيال رئيس الحكومة الأسبق الراحل رفيق الحريري”.
وبحسب ما أوردته الوزارة، فإن “خليل سهل لحزب الله تحقيق أرباح مالية، وعمل على تحويلات مالية لتجنيبه العقوبات، كما ساهم في إعفاء حزب الله من دفع رسوم على وارادات إلكترونية، ورفض التوقيع عام 2019 على شيكات مطالباً بحصته”.
وعلى الرغم من أنها تضع حزب الله على لائحة الإرهاب، فإن الولايات المتحدة لا تُصدر أي قانون أو تضع عقوبات على أي شخصية سياسية إلا في حال تورطها مباشرة بدعم الإرهاب بطريقة واضحة وليس بالمواقف السياسية، وبالتالي فإن أي عقوبة تصدر، تمرّ حكماً على وزارات الدفاع والخارجية والعدل والخزانة، وهو ما حصل في حالة الوزيرين، والعقوبات تستند إلى قانون مكافحة الإرهاب، “باتريوت آكت” الصادر بعد اعتداءات سبتمبر 2001.
كان ينتظر اللبنانيون أن تصدر عقوبات ولكنهم لم يتوقعوا أن يكون فنيانوس وحسن خليل هما المستهدفان.
وتشرح وزارة الخزانة الأسباب التي دفعتها إلى إدراج حسن خليل على لائحة الإرهاب: “فمن موقعيه السابقين كوزير للمالية وللصحة العامة، كان علي حسن خليل واحداً من المسؤولين الذي استفاد منهم حزب الله لتحقيق مكاسب مالية، إذ تلقى دعماً من الحزب الذي تخوّف من ضعف تحالفه السياسي مع حركة أمل. كما قام بنقل أموال من المؤسسات اللبنانية إلى حزب الله بشكل يجنّب هذه المؤسسات فرض العقوبات الأميركية عليها. واستخدم منصبه كوزير للمالية لتخفيف القيود المالية الأميركية على الحزب واستخدم نفوذه لإعفاء أحد المنتمين لحزب الله من دفع معظم الضرائب على الأجهزة الإلكترونية، وجزء من المال الذي تمّ دفعه تم تخصيصه لتمويل الحزب..”.
وتقول الخزانة الأميركية: “استغلّ حزب الله علاقته بوزراء الحكومة وفنيانوس أحدهم لسحب الأموال من الموازنة العامة للحكومة، وضمان فوز شركات مملوكة من الحزب بمناقصات حصلت بموجبها على عقود بقيمة ملايين الدولارات. ومنح حزب الله فنيانوس مئات آلاف الدولارات مقابل خدمات سياسية. كما ساعد حزب الله أيضاً في الوصول إلى وثائق قضائية حساسة متعلقة بالمحكمة الخاصة بلبنان، وأدى دور الوسيط بين الحزب وحلفائه في لبنان”.

ماذا تعني العقوبات؟
وكان في الفترة الماضية قد تصاعد الحديث عن عقوبات ستفرضها الإدارة الأميركية على مسؤولين لبنانيين لتعاونهم مع حزب الله وكانت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأميركية، قد كشفت قبل نحو شهر، نقلاً عن مصادر سياسية رسمية وأخرى مطّلعة، أن الولايات المتّحدة تعدّ لفرض عقوبات “لمكافحة الفساد” بحقّ شخصيات سياسية ورجال أعمال لبنانيين، في محاولة منها “لإضعاف نفوذ حزب الله في لبنان”.
واللافت أن الصحيفة في تقريرها، كانت قد ربطت العقوبات بانفجار المرفأ في 4 أغسطس الماضي وهو الحدث الذي “عجّل الحراك داخل واشنطن لوضع أسماء بعض القادة السياسيين والعسكريين المتحالفين مع حزب الله ضمن اللائحة السوداء”، وتنقل عن مسؤولين أن “الولايات المتّحدة ترى أن الفرصة مؤاتية الآن لعزل حزب الله عن حلفائه”.
وكان الرئيس الفرنسي قد مهد لزيارته باتصال مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وضعه خلاله في أجواء المبادرة الفرنسية تجاه لبنان، ووضعت في حينها مصادر سياسية رفيعة “خطوة ماكرون في إطار إضفاء البعد الدولي الواسع على مبادرته ولكن هذا لا يعني أن الأميركيين موافقون بالكامل على كل ما يقول به ويفعله الرئيس الفرنسي”.
وتقول مصادر متابعة لملف العقوبات إن “ما يجري اليوم هو المزيد من الضغط على حزب الله وعلى كل من يتعامل ويتعاون معه من أجل إضعافه وكف سطوته عن القرار اللبناني وضرب جذوره التي امتدت في كل المنطقة ووصلت حتى إلى الولايات المتحدة”.
ويخول قانون ماغنيتكسي الولايات المتحدة فرض عقوبات على منتهكي حقوق الإنسان في كل أنحاء العالم من خلال تجميد أصولهم وحظرهم من دخول البلاد فضلا عن عقوبات تمتد لنواحي وأمور أخرى.
وأكد مساعد وزير الخارجية الأميركية لشؤون الشرق الأدنى، ديفيد شنكر، أن العقوبات على الوزيرين اللبنانيين السابقين، يوسف فنيانوس، وعلي حسن خليل، فرضت لتقديمهما دعماً إرهابياً لحزب الله، محذرا حلفاء الحزب السياسيين بأنهم “سيحاسبون”.
وقال “فرضنا عقوبات على فنيانوس وعلي حسن خليل لتقديمهما دعماً مادياً لحزب الله إضافة إلى أنهما كانا منخرطين في تقديم خدمات اقتصادية ومالية للحزب وفي أعمال فساد مكنت الحزب من القيام بعمله في لبنان”.
وأوضح شينكر أن هذه العقوبات يجب أن تكون رسالة للجميع في لبنان بأنه “يجب أن تكون هناك سياسات مختلفة”.
وشدد على أن “الحلفاء السياسيين لحزب الله يجب أن يعرفوا أنهم سيحاسبون بسبب تسهيل نشاطات الحزب الإرهابية”. وأضاف شينكر في مؤتمر صحفي عبر الهاتف، عقده الثلاثاء، “أن العقوبات التي تستهدف حزب الله وداعميه ولاعبين فاسدين آخرين ستتواصل وسنستخدم كل الصلاحيات لمحاسبة القادة اللبنانيين لفشلهم في القيام بواجباتهم تجاه الشعب اللبناني”.
ورفض شنكر الدخول في تسمية الأشخاص الذين ستشملهم العقوبات الأميركية في المستقبل. كما رفض الحديث عما إذا كان الوزير السابق، جبران باسيل، وحاكم مصرف لبنان المركزي، رياض سلامة، من بين هؤلاء. لكنه قال “إن هذه العقوبات تأخذ وقتاً طويلاً لإعدادها بسبب مستوى نوعيتها ومراجعتها من قبل محامين من مختلف الوكالات الأميركية… وأضاف “آمل أنه يمكننا الحصول على مجموعة أكبر من هذه العقوبات في أقرب وقت ممكن”.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة