لا تنفصل حركة الاحتجاجات الشعبية التي يشهدها العراق منذ أكثر من ثلاثة أشهر عن الحراك الجماهيري الذي يتمثل بالتظاهرات خلال السنوات المنصرمة التي طالبت بالإصلاح والتغيير ومواجهة الفساد والمفسدين وفي الوقت نفسه فان انتفاضة تشرين هي تجسيد حي لبقاء وهج الثورات وحركات التحرر على أرض العراق وقد اتسقت هذه الانتفاضة في شعاراتها واهدافها مع النهج الحسيني الذي مثلته ملحمة كربلاء.
وعلى الدوام فان دماء الشهداء مهدت وعبدت الطرق لكل الشعوب في سبيل نيل غاياتها واسترجاع الحقوق المهدورة ويخطئ من يقيس أو يقيم هذه الثورات والحركات الاحتجاجية بميزان كمي أو عددي لان مثل التضحيات المعمدة بالشجاعة تقاس وتقيم بميزان روحي وتقييم نوعي ولا يمكن لاحد استصغارها أو الانتقاص منها من خلال المقارنة بالطرف الآخر ولطالما حدثنا التاريخ عن الارادة والصبر والروح القوية والمعنويات العالية لشخص قائد أو اشخاص أو فئة ثائرة ضد طغاة أو مستبدين جيشوا الجيوش أو احتموا وراء اغلبية من الاتباع من اجل الانتفاع أو تحت وطأة الخوف والترهيب من دون أي ايمان أو ارادة بالقضية التي يدافعوا عنها وكيف انتهت مثل هذه المنازلات بالفداء والتضحية سقطت فيها الجسوم واعتلت فيها الارواح بعناوين الشهادة وبقيت فيها المثل والقيم التي نادى بها الثائرون حية تسترشد بها الأجيال وواصلت الطريق من بعد الشهداء من اجل نيل الأهداف وتحقيق الاصلاح والتغيير.
ومهما حاول البعض الاستهانة بهذا الحراك الجماهيري الفاعل في العراق وبث الشائعات والفتن في صفوف المحتجين فان الحقيقة التي يجب الاعتراف بها هي أن الشعب العراقي أثبت بأنه شعب حي لا يقبل الضيم ويرفض الخوع والاستسلام للفاسدين وإن روح انتفاضة تشرين ستبقى حية يستلهم منها الاحرار والثوار مبادئ الحرية وعناوين القدرة على مواجهة كل متجبر وفاسد لا يخشى الله ويخون الوطن والشعب وإن النصر في مثل هذه المنازلات جسدها سقوط أول شهيد في ساحات التظاهر وان اجتماع قوى الفساد والاستبداد لا يمكنها الافتخار ببقاء سطوتها وسلطتها وهي تمارس القمع بحق هؤلاء الفتية والشباب الرابضين في خيام الاحتجاج تحت كل الظروف
رجل واحد لديه الشجاعة يمثل غالبية
أندرو جاكسون
د. علي شمخي