كيف تتسبب مشاهدتك لـ«نتفليكس» في تغير المناخ ؟

أفريقيا الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ والأقل استعدادًا لمواجهته

متابعة الصباح الجديد:

ربما راقب العديد – بكثير من التوجس – تلك الظاهرة النادرة التي وقعت في منطقة شرق البحر المتوسط، والمتمثلة في عاصفة قوية أشبه بالإعصار، والتي صاحبتها أمطار غزيرة، وهو ما ربطه البعض بظواهر تغير المناخ القائمة في منطقة الشرق الأوسط. من بين هذه التغيرات هو ما نعيش به في هذه المنطقة من ارتفاع درجات الحرارة بشكل غير معتاد في أشهر مثل أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر (تشرين الثاني).كل هذه الاشهر الماضية ومازالت الى اليوم هناك تغييرات . وهذا التغير له العديد من الأسباب، لكن واحدًا منها ربما لم يأت في مخيلتك من قبل، إنه مشاهدتك لبعض برامجك المفضلة.
في السابق كان علينا أن ننتظر حتى يمكننا مشاهدة البرامج التلفزيونية المفضلة في مواعيد البث المحددة. الآن، تولت خدمة «الفيديو حسب الطلب» زمام المشاهدة والترفيه لتصبح جزءًا لا يتجزأ من حياة الكثيرين. على الصعيد العالمي يشترك الآن أكثر من 600 مليون شخص في خدمات البث المختلفة مثل «نتفلكس» و«أمازون» و«HBO»، بل هناك العديد من الخدمات التي يصعب حصرها. شهد شهر نوفمبر الماضي وحده إطلاق خدمات «Apple TV +» و«Disney +».
ربما تمثل هذه الإضافات خيارات أكبر لك، وستمنحك المنافسة بين الخدمات المختلفة ميزة نسبية للاختيار والتنوع، هذا شيء رائع إذا كنت تنتظر محتوى أفضل، لكنه ليس رائعًا كثيرًا عندما يتعلق الأمر بظاهرة تغير المناخ. ربما اتسعت عيناك الآن ورفعت حاجبيك وسط حالة من الاندهاش والتساؤل: «ما العلاقة بين «نتفلكس» وبين تغير المناخ؟»، قد يبدو السؤال للوهلة الأولى منطقيًا.
وفقًا للتقديرات تولد مقاطع الفيديو عبر الإنترنت 300 مليون طن من غاز ثاني أكسيد الكربون سنويًا، أو ما يقرب من 1% من حجم الانبعاثات العالمية، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم في الأعوام المقبلة. هذه التقديرات تضع خدمات البث في نفس النطاق مع حركة الطيران العالمية، إذ تنتج الأخيرة نحو 2.5% من الانبعاثات العالمية. هذا هو الواقع الصادم بالفعل، فهل يمكن أن نجعل خدمات البث تعتمد على الطاقة المتجددة؟

كيف يؤثر انطلاقك للحلقة التالية في «نتفليكس» على البيئة؟
بالنسبة للبث التلفزيوني، يستعمل كل جهاز إرسال الكثير من الطاقة لتوصيل إشارات التلفزيون مباشرة إلى عدد كبير من الناس، لكن تنزيل فيديو أو رفعه على الإنترنت يتطلب المزيد من المعدات والطاقة؛ لأنه خدمة من واحد إلى واحد، وليس خدمة مقدمة من واحد إلى كثير من الناس كالبث التليفزيوني. كيف هذا؟
عندما تقوم بالضغط على زر التشغيل على حلقتك التالية من المسلسل الذي تهوى مشاهدته على «نتفلكس»، فإن هذا الطلب ينتقل إلى مركز بيانات واسع مليء بأجهزة الكمبيوتر، والذي يرسل ملف الفيديو الذي ترغب به في المقابل. ينتقل الفيديو عادةً إلى شبكة «واي فاي» الموجودة بمنزلك، وبعدها تصل إلى التلفزيون. أو إذا كنت تشاهد على الهاتف، فقد يرسل الفيديو عبر الشبكة الخلوية.
بالطبع فإن عملية تجميع وتتبع انبعاثات الغازات الدفيئة (ومن بينها ثاني أكسيد الكربون) الناتجة من هذا كله هو أمر بعيد كل البعد عن البساطة، لكن كانت هناك محاولات قليلة للقيام بذلك. إحداها تلك التي قام بها كريس بريست، ودانييل شين من جامعة بريستول بالمملكة المتحدة، اللذان تتبعا الأمر من خلال موقع «يوتيوب».
في وقت سابق من عام 2019، قالوا في دراستهم إن إجمالي الانبعاثات من الأشخاص الذين يشاهدون «يوتيوب» على مستوى العالم في عام 2016 كان يعادل 10 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون، وهو نفس ما ينتجه بلد صغير مثل لوكسمبورغ.
يمثل الاستهلاك الناجم عن إنترنت الشبكة الخلوية الجزء الأكبر من ذلك؛ لأن إرسال البيانات إلى الهواتف يستهلك طاقة أكثر من إرساله إلى كابلات الإنترنت التي تصل إلى شبكة «واي فاي». لاحظ أن «يوتيوب» يمثل حالة خاصة، إذ من المرجح أن الناس يشاهدونه خلال التنقل أيضًا.

ماذا سيفعل الاحتباس الحراري في منطقة الشرق الأوسط خلال القرن الحالي؟
تأتي نسبة 1% من إجمالي الانبعاثات العالمية هذه بسبب خدمات البث على الإنترنت من خلال مركز أبحاث فرنسي يدعى «The Shift Project». تقول الدراسات التي قام بها المركز: إن التقنيات الرقمية تنتج 4% من انبعاثات الغازات الدفيئة، مع كون الأجهزة النهائية هي المصدر الأكبر، وتأتي خلفها بالمرتبة الثانية مراكز البيانات.
ويقول المركز: «إن تدفق الأفلام والبرامج التلفزيونية من قبل شركات مثل نتفلكس يمثل 34% من الانبعاثات الناتجة عن الفيديوهات عبر الإنترنت وحدها. ويلي ذلك الفيديوهات الإباحية بنسبة 27%، في حين البقية تتوزع على «يوتيوب» ومقاطع الفيديو على وسائل التواصل الاجتماعي وغيرها من بقية المنصات».
ربما تكون هناك شكوك، لكن الباحثين يعتقدون أن الرقم الكلي للانبعاثات المذكورة سابقًا هو موجود ضمن النطاق المناسب والمنطقي. ومع ذلك هذا لا يعني بالضرورة أن بث الفيديو أدى إلى زيادة كبيرة في الانبعاثات. تعد مشاهدة فيلم على «نتفليكس» – على سبيل المثال – أفضل من القيادة إلى متجر لاستئجار أو شراء قرص «DVD». في الواقع قدرت دراسة أجريت عام 2014 أن التحول من أقراص الفيديو الرقمية إلى بث الفيديو سيؤدي إلى انخفاض بسيط في الانبعاثات بالولايات المتحدة.
كان بث الفيديو في الوقت ذاته أسوأ من البث التلفزيوني؛ لأنه يتسبب في انبعاثات تتعلق بالبث، وزيادة الطاقة المستخدمة لنقل الفيديو ترتفع بشكل طردي مع زيادة عدد المشاهدين. الجميع يتوقع أن يشاهد الفيديوهات، وبالتالي ترتفع الانبعاثات المرتبطة بسرعة، ويلعب نمو شبكات 5G عالية السرعة دورًا كبيرًا في هذا، من خلال تمكين تنزيل البيانات بشكل أسرع. وتستعمل «5G» طاقة أقل لكل بايت مقارنة بشبكة «4G»، لكن استعمال الطاقة سيرتفع بشكل عام؛ إذ يستعمل الناس المزيد من البيانات.

التنازل عن «نتفلكس» مستحيل.. فما الحل؟
إذا كان الناس حول العالم لن يمكنهم الاستغناء عن خدمات البث ومشاهدة الفيديوهات عبر الإنترنت، فماذا يمكننا أن نفعل؟ تقول العديد من شركات البث إنهم «يستملون الطاقة المتجددة»، وذكر المتحدث باسم شركة نتفلكس: «نطابق 100% من الطاقة التي نستعملها، والقوة التي يستخدمها شركاؤنا، من خلال مشاريع الطاقة المتجددة وتعويض الكربون»، مضيفًا أن الشركة تعطي الأولوية لاستخدام الطاقة المتجددة، على حد تعبيره.
ومع ذلك فإن شراء الطاقة المتجددة من مزارع الرياح أو الطاقة الشمسية الحالية لا يفعل شيئًا يذكر لوقف ارتفاع الانبعاثات. ما يهم هو ما إذا كانت الشركات تقوم بإنشاء مصادر إضافية للطاقة المتجددة لتغطية الطلب المتزايد. هذا شيء تدرسه منظمة «Greenpeace» البيئية في تقرير بعنوان (Click Clean) الذي يقيم أوراق الاعتماد الخضر لشركات التكنولوجيا.
في أحدث تقرير عام 2017 سجلت نتفلكس علامة «D» بخصوص عدم الاستثمار مباشرة في مصادر الطاقة المتجددة الجديدة، كما يقول المؤلف الرئيس للتقرير. في رأي مؤلف التقرير فإن «نتفلكس» لم تتحسن، فشراء أرصدة الطاقة المتجددة وتعويضات الكربون لا يفعل الكثير.
تقوم بعض الشركات، بما في ذلك «آبل» و«جوجل»، ببناء مصادر طاقة إضافية للتعويض عن استعمالها للطاقة، وكان يوتيوب هو الخدمة الوحيدة في فئة بث الفيديو الذي حصل على درجة «A» في التقرير (وهي الدرجة الأعلى)، في حين احتلت خدمة «Amazon Prime» المرتبة الثانية بدرجة «C».

تغير المناخ.. أغان بلا صورة
قد تساعد على الحل
سوف يستمر الكوكب في الاحتباس الحراري حتى لو استخدمنا الطاقة المتجددة لمنع زيادة الانبعاثات. سوف يتوقف فقط عن الاحترار عندما تنخفض صافي الانبعاثات إلى الصفر، وبالطبع من الصعب تحقيق ذلك إذا كان استخدام الطاقة في ارتفاع. على الصعيد العالمي لا تتوافق مصادر الطاقة المتجددة مع الطلب على الطاقة.
في الوقت الحالي لا يوجد ما يكفي من مصادر الطاقة المتجددة التي تكفي لتعويض المصادر التقليدية. لا يمكننا الاستمرار في إضافة المزيد من مراكز البيانات الخاصة بشبكة الإنترنت والمزارع الشمسية إلى أجل غير مسمى، كما أن بناء المزارع الشمسية وطاقة الرياح ما يزال ينتج عنها انبعاثات، كما أن مواد التعدين لخوادم البيانات والتخلص من الخوادم القديمة تخلق مشكلات بيئية.
وبالنسبة للباحثين، فهذا يعني أننا بحاجة إلى الحد من الطلب. لا يوجد بديل عن التشكيك في استعمالناإذا كنا نريد احترام التزامات اتفاقية باريس للمناخ. ويدعو مشروع «Shift» لما يطلق عليه «الرصانة الرقمية». وهذا يعني أن الأفراد والشركات يتخذون خطوات للحد من استعمال الطاقة، مثل إيقاف التشغيل التلقائي والمراقبة بدقة أقل.

أفريقيا الأكثر عرضة لمخاطر تغير المناخ والأقل استعدادًا لمواجهته
وتفاوتت تكاليف الكهرباء بشكل كبير، من خمسة دولارات في السنة إلى ألف دولار في السنة، بناءً على متوسط أسعار الطاقة في الولايات المتحدة. إجمالاً، تستهلك الألعاب 34 تيراواطاً ساعة في السنة، أو 2.4% من استعمال الكهرباء من قبل المنازل الأميريكية، واختلفت انبعاثات الكربون بشكل كبير حسب مزيج الطاقة في شبكة الكهرباء المحلية.
لا يبدو أن نوع اللعبة يحدد استخدام الطاقة، ربما ما تزال هناك لعبة ألغاز بسيطة مثل «C»andy Crush تستهلك قدرًا كبيرًا من الطاقة أكثر من لعبة متعددة اللاعبين وأكثر تعقيدًا عبر الإنترنت مثل «League of Legends»، وقد يتوقف استعمال الطاقة في المستقبل وانبعاثات الكربون المصاحبة لها على ما ستقوم به منصات الألعاب، إذ من المتوقع أن يؤدي استعمال منصات الألعاب بدلًا عن أجهزة الكمبيوتر إلى خفض استعمال الطاقة.
هذه الدراسة لم تأخذ في الاعتبار التأثير البيئي للألعاب على الهواتف المحمولة، ويعتقد الباحثون أن السيناريو المحتمل في المستقبل هو أن لاعبي الأجهزة المحمولة، الذين يتوقعون تجربة «اللعب في أي مكان»، سيكونون أكثر عرضة للانتقال إلى خدمات الألعاب السحابية، وبالتالي سينتهي بهم المطاف ببصمة طاقة أعلى من الألعاب المحمولة الاعتيادية بسبب ما يرتبط بها من استخدام الطاقة في مراكز البيانات والبنية التحتية للشبكات.
وتظهر النتائج أن الألعاب القائمة على السحابة، من النوع الذي تبشر به «جوجل»، مثل منصة Stadia، هي إلى حد بعيد أكثر أشكال الألعاب التي تستهلك الطاقة عبر الإنترنت مقارنة بتنزيل الألعاب أو لعبها على الإنترنت. وهذا يرجع إلى الكهرباء التي تستهلكها شبكات تدفق البيانات.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة