ضد الفساد والفوارق الاجتماعية..
تظاهرات ضد إجراءات التقشف في تشيلي، وموجة سخط شعبي من رئيس بوليفيا، واحتجاجات عارمة ضد رئيس هاييتي بسبب الفساد، وتظاهرات غير اعتيادية في كولومبيا.
هكذا بدت أميركا اللاتينية في 2019، حيث شهدت القارة موجة من الاحتجاجات ضد الفساد والفوارق الاجتماعية ضربت أكثر من بلد وما زال صداها مستمرا حتى الآن.
فنزويلا مستمرة
في مقاومة مادورو
في يناير 2019، نصب رئيس البرلمان الفنزويلي خوان غوايدو (36 عاما) نفسه رئيسا للبلاد بالوكالة، وطالب برحيل الرئيس نيكولاس مادورو المطعون في شرعية إعادة انتخابه، في وقت تشهد البلاد أزمة اقتصادية خانقة وأزمة نزوح للخارج.
اعترفت نحو 50 دولة بغواديو الذي قاد عدة احتجاجات ضد مادورو، لكن الأخير بقى في موقعه متمتعا بدعم المؤسسة العسكرية له.
وقادت الولايات المتحدة ضغوطا مكثفة إلى جانب معظم دول نصف الكرة الغربي للاعتراف بغوايدو رئيسا مؤقتا شرعيا لفنزويلا، قائلين إن مادورو سرق فوزه بالفترة الثانية له في الحكم.
ورغم أنه استطاع البقاء في السلطة، عاد الحراك الشعبي في فنزويلا الشهر الماضي عندما تظاهر الآلاف في كراكاس ضد مادورو، بدعوة من غوايدو الذي كان يأمل في الإستفادة من الأحداث في بوليفيا، حيث أجبر الرئيس إيفو موراليس على الاستقالة بضغط من المتظاهرين بعد تخلي الجيش عنه.
وقال غوايدو في خطاب ألقاه أمام السفارة البوليفية: «لن نضعف، لن نتراجع». وشدد على أن بوليفيا «نالت حريتها بفضل اتحاد جميع قواتها».
أسعار الوقود تشغل
الغضب في هاييتي
بدأت في السابع من يوليو 2018 استجابة لارتفاع أسعار الوقود، ومع مرور الوقت تطورت إلى المطالبة باستقالة الرئيس جوفينيل مويز ومحاكمة المسؤولين عن الفساد ومحاربة التضخم.
دفعت الزيادة في أسعار الوقود المواطنين في هايتي إلى الاحتشاد في الشوارع. ومع نشر مجلس الشيوخ تقريرا يتهم مسؤولين حكوميين سابقين بالاختلاس واستغلال السلطة والتزوير في برنامج قرض، خرج المحتجون إلى الشوارع في أكتوبر من العام الماضي، وطالبوا باستقالة الرئيس جوفينيل مواز.
وأقام محتجون حواجز مشتعلة مستخدمين إطارات السيارات وأكوام القمامة في ما سمع دوي طلقات الرصاص في أرجاء العاصمة بورت أو برنس. وأطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على بعض المتظاهرين ورد بعضهم برشق الشرطة بالحجارة.
وفي فبراير الماضي، خرج الآلاف للمطلبة بإجراء تحقيق مستقل حول أموال اتفاق «بتروكاريبي»، وهو تحالف بين دول الكاريبي وفنزويلا، وكان الغرض منه هو المساعدة في توفير الأموال اللازمة للتنمية في هذا البلد الفقير الذي ضربته كوارث طبيعية ويصنفه البنك الدولي على أنه أفقر دولة في الأميركيتين.
احتجاجات غير اعتيادية
في كولومبيا
وفي كولومبيا، يواجه الرئيس اليميني إيفان دوكيه منذ 21 نوفمبر حركة احتجاجية غير اعتيادية، إذ خرجت مسيرات ضخمة تعبر عن الاستياء من سياساته.
وقبل نحو أسبوعين، شارك أكثر من 250 ألف شخص في تظاهرة ضخمة، بعد سريان شائعات عن خطط لإصلاحات اقتصادية، وبسبب تقاعس الحكومة عن التصدي للفساد ومقتل نشطاء مدافعين عن حقوق الإنسان.
وفي مواجهة الآلاف الذين احتشدوا في ساحة بوليفار في بوغوتا، استخدمت السلطات الغاز المسيل للدموع لتفريقهم، ما دفع المتظاهرين للتفرق بالشوارع الضيقة في الحي التاريخي القديم.
وأجبرت هذه الاحتجاجات الرئيس إلى الإعلان عن رغبته في إجراء حوار وطني «من شأنه أن يعزز أجندة السياسات الاجتماعية الحالية».
بوليفيا تزيح الرئيس
على مدى أسابيع، عاشت بوليفيا موجة من السخط الشعبي أوقعت عشرات القتلى والمصابين وأجبرت الرئيس إيفو موراليس على الاستقالة الشهر الماضي، بعد تخلي الجيش عنه.
اعتبر مناهضو الرئيس السابق إيفو موراليس استقالته انتصارا للديمقراطية وطردا لرجل تخطى حدود الولاية الرئاسية وأعلن فوزه في انتخابات الرئاسة التي أجريت في أكتوبر الماضي رغم ما شابتها شكوك واسعة بالتزوير. بعد استقالته، قال أحد المتظاهرين بالقرب من القصر الرئاسي: «نحتفل بحرية بوليفيا».
انتخب موراليس عام 2006 رئيسا للبلاد وتمكن من تحقيق استقرار سياسي وتقدم اقتصادي وساعد في خفض نسبة الفقر، لكن النجاح الاقتصادي له تلاشى في السنوات الأخيرة مع «تزايد إجراءاته الاستبدادية» وإلغائه استفتاء يمنعه من الترشح مرة أخرى، وثار السخط الشعبي بعد إعلان فوزه في انتخابات أكتوبر الماضي رغم شبهات فساد وتزوير واسعة النطاق.
ملأ المتظاهرون الشوارع في معظم مدن بوليفيا الرئيسية وأصيبت البلاد بحالة من الشلل. وبعد أسابيع من الاحتجاجات، سحبت قوات الأمن وكذلك القوات المسلحة التي أجبرته على الاستقالة من أجل السلام.
أكبر احتجاجات في
تاريخ تشيلي الحديث
في تشيلي، ثار المتظاهرون ضد الفوارق الاجتماعية والاقتصادية. بدأت الاحتجاجات التي قتل فيها نحو 20 شخصا، وأصيب أكثر من ألفين، في 18 أكتوبر الماضي بسبب رفع أسعار المواصلات العامة.
خرج المحتجون في العاصمة سانتياغو التي أصيبت بالشلل ومدن أخرى وعلقت وألغيت رحلات الجوية من وإلى العاصمة بسبب عدم تمكن أفراد أطقم الطائرات والعاملين بالمطار من الوصول إلى مقار عملهم، وأضرم محتجون النار في حافلات.
دفعت هذه الاحتجاجات رئيس تشيلي سيباستيان بنيرا إلى التراجع عن زيادة أشعار وسائل النقل العامة، وإعلان حالة الطوارئ، لكن المتظاهرين استمروا في التظاهر أسبوعيا ضد انعدام المساواة ويعتبرون أن الدولة مقصرة في مجالات التعليم والصحة والتقاعد.
وفي يوم 26 أكتوبر الماضي، احتشد قرابة مليون متظاهر حتى المساء في العاصمة، وكانت تلك أكبر تظاهرة في موجة احتجاجات غير مسبوقة تشهدها البلاد، وحمل المحتجون الأعلام الوطنية ورقصوا بالشوارع وقرعوا على القدور بملاعق خشبية ورفعوا لافتات تطالب بتغييرات سياسية واجتماعية، وساروا لأميال من أنحاء العاصمة.
وقد تكبد الاقتصاد الوطني خسائر كبيرة مع انخفاض النشاط الاقتصادي وانخفاض عملة البلاد (البيزو) إلى مستوى تاريخي.
الإكوادور تحتج على إلغاء الدعم
في أكتوبر، أصيبت الإكوادور بحالة من الشلل لنحو أسبوعين بسبب الاحتجاجات على قرار الرئيس لينين مورينو إلغاء دعم المحروقات المطبق منذ عقود، ومع تزايد ضغط الشارع، رضخ الرئيس للمطالب وألغى هذا القرار.
جاء قرار إلغاء الدعم ضمن خطة تقشف لسد عجز الموازنة المالية بعدما أبرم الرئيس اتفاقا مع صندوق النقد الدولي بقرض قيمته 4.2 مليار دولار.
ومع خروج المتظاهرين، تحولت شوارع وسط العاصمة كيتو إلى ما يشبه منطقة حرب بعد أن غطت أعمدة الغاز المسيل للدموع سماء المدينة وامتلأت الشوارع بالحجارة.
وحدثت حالة من الشلل المروري في مدن كبرى، بعد دخول سائقي الحافلات وسيارات الأجرة في حالة إضراب.
وأغلق المحتجون آبارا للنفط في بعض أنحاء البلاد، ما قلص الإنتاج أحيانا.
ورغم سعى الرئيس التواصل مع زعماء الاحتجاجات الذين قاموا بتعبئة الناس للخروج إلى الشوارع، أعلن جيمي فارجاس كبير منظميها رفض مبادرة الرئيس، وقال في بث مباشر على فيسبوك: «نحن ندافع عن الشعب».
وبرز رده، الذي شاهده الملايين، التحدي الجديد الذي واجهته السلطات أثناء محاولاتها قمع الاحتجاجات وهو أن وسائل التواصل الاجتماعي جعلت التواصل بين المحتجين أسهل كثيرا.