التشكيلي المغترب فيصل لعيبي :
سمير خليل
لعل التشكيلي الكبير ، فيصل لعيبي كان محظوظا، كونه عاصر جيلين، جيل الريادة التي تنفس نسيمها وعاش أيامها ونهل من بحر أعمدتها، ثم بعد ذلك جيل التأثير الأكبر في الفن العراقي عبر مبدعيه بكل اتجاهاتهم وأساليبهم.
تلاقحت ذائقة وتجربة لعيبي مع ما كان يثمر في شجرة الريادة، لكن هاجس لعيبي كما بقية ابناء جيله ظل مشدوداً نحو صياغات فنية أكبر وأساليب جديدة تعبر عن اختلاجات كان يصبو اليها.. هو مناضل في ثوب فنان، وفنان برؤى مناضل، كان وما يزال أميناً على أرث العراق وفلكلوره، وعناوين لوحاته وشخوصه الانسانية خير مثال على ذلك، فهي متجذرة في الارض، الحلاق، بائع السمك، المصور الشمسي، الخياطة، جلساء المقهى.
لا ينسى فيصل لعيبي بداياته التي توهجت في مدينة البصرة، عروس الجنوب، البصرة كما يقول ، علمته الانتماء وما زال عبق السويعات التي جمعته ببساطتها، وعطر النخيل المنبعث من لقاحها وزهرة الدفلى المتدلية على شواطىء النهر العظيم وهي تبعث عطرها من بعيد.
لكن الظروف العديدة الشائكة جعلته يحمل ارث آلاف السنين ليطوف في عواصم الفن الراقي، باريس وصخبها وألوانها الراقصة، المنبعثة من حاناتها العتيقة الأنيقة، حتى روما موطن عظماء الفن، منحوتاتها المبعثرة بين النافورات والأقبية وواجهات الشوارع، رسوماتها التي تحرس الكنائس والمتاحف، ثم استقر في لندن التي تتسربل ألوانها من ثنايا الضباب الجاثم على صدرها.
فنان كبير اغترف من كل هذه الأمكنة العابقة بسحر التاريخ، لكنه أبداً ظل أميناً على صوره العراقية، شخوصه المتنوعة بالطيبة والبساطة وعيونها الشاخصة صوب غد رحيب، أجساد متوردة، ممتلئة خصبا، رؤوس حليقة، طاهرة، نقية.
وفيصل لعيبي هو فنان ورسام عراقي من مواليد البصرة عام 1947م تخرج من معهد الفنون الجملية في بغداد في أواخر الستينيات من القرن الماضي، ثم أكمل دراسته في مدرسة خريجي الفنون الجميلة في باريس وجامعة السوربون، قضى لعيبي في أوروبا أكثر من ثلاثة عقود استطاع خلالها استشفاف وفهم فرادة حضارة ما بين النهرين وتراثه القديمين في مجمل الحضارات العراقية التي سبقت دخول الإسلام وكان لذلك الأثر الكبير في صقل ماهية لوحاته وتوجاهاتها، فلوحاته كانت دائما تعبر عن احساسه العميق بحضارة وطنه التي تسبق أي معان حديثه للوطنيه وما لوحته المقهى البغدادي (1984) الا تعبير رمزي للمجتمع العراقي في فترة مستقرة نسبيا في بغداد، وهو يعيش حاليا في لندن.
يحمل فيصل لعيبي شهادات اكاديمية من معهد واكاديمية الفنون الجميلة في بغداد وكذلك من مدرسة الفنون في باريس اضافة الى دبلوم للدراسات المكثفة من جامعة السوربون في باريس ايضا، ويحمل هويات انتماء لعديد من النقابات والاتحادات والجمعيات الثقافية والفنية كما اقام وشارك في عشرات المعارض الفنية بداية من العام 1966 ولحد اليوم.
ودائما مايكون الحوار مع فيصل لعيبي ،يبعث التوق لسبرأغوار تجربته الابداعية ،غربته ،حنينه الابدي للناس ، للامكنة في وطن فارقه منذ زمن ،لكنه ابدا يسكن روحه ،يفتح امامه آفاقا واسعة ،جميلة ، غناء.
وفي لقاء صحفي سابق حاورنا الفنان لعيبي للحديث عن تجربته والفن والتشكيل العراقي وكانت مداخلته الاولى حول مشكلة العلاقة بين النقد والفن والى أي مدى يجد النقد الفني العراقي اليوم وهل يعاني من أزمة فقال : النقد ، قضية اكاديمية ومنهجية، وليس إنطباعات سريعة وتصورات شخصية مبنية على معلومات بسيطة عن الفن أو تاريخ الفن، او علم جمال الفن لهذا نجد هذا الإختلاط في الكتابات التي تعني بالمنجز التشكيلي العراقي، وبالمناسبة مشكلة النقد ليست عراقية فقط، بل أجزم على القول بانها تشمل معظم الدول التي نجد فيها حركة تشكيلية نشيطة، وحتى في اوروبا واميركا أيضاً.
انا اتكلم وليس لدي الآن تصور عن مناهج التدريس في معهد واكاديمية الفنون الجميلة ، لأني تركت العراق في عام 1974، ولم اتواصل بعد ذلك مع الحياة الفنية في وطني مع الأسف الشديد وبالرغم مني ، لهذا اعتذر مقدماً مما قد يبدو تجنياً، وأعزوه مقدماً أيضاً الى جهلي في هذا الجانب، لكني أقرأ بعض الأحيان مواداً لاتمت للنقد بصلة، وربما لايشكل ما أقرؤه النسبة الغالبة لمثل هذه الكتابات. وعموماً نحن نحتاج الى معاهد لتخريج علماء جمال ومؤرخي فن ونقاد يتبعون المناهج النقدية المعروفة او إتجاهاتها التي أثبتت جدارتها في هذا الباب. أضف الى ذلك أن اللوحة الفنية هي التي تولّد حركة النقد وليس العكس، وعليه فالنقد عندنا، لم يتابع اللوحة العراقية من منطلقات منهجية تعتمد شروط الحياة والبيئة وتاريخ الثقافة والفن عندنا، فهناك مثلاً مقارنات ظالمة تقع بين فنان مبتديء وفنان مثل بيكاسو او هناك إهمال للمنجز العراقي السابق، والقفز عليه لتتم المقاربات مع تجارب ولدت بعيداً عنا وفي ظروف مختلفة تماماً.
وعن جدلية الفن والسياسة يضيف» هناك مقولة تقول : السياسة فن الممكن وأستطيع القول أيضاً : الفن سياسة المستحيل،فإذا أخذنا الفن بمعناه الراقي والسياسة بمعناها الأصيل، سنجد أن كلا النشاطين يؤديان الى هدف واحد هو : التغيير نحو الأحسن، في المشاعروالنظر للعلاقات الإجتماعية والتطور البشري نحو الأمام، طبعاً هناك سياسة رخيصة، كما ان هناك فناً رخيصاً، لكني لا اتحدث عن هذين الشكلين البائسين من النشاط الإنساني، بل عن الأشكال السامية من الفعل البشري المثمر والخلاّق، أنا فنان أكرس فني للقضايا الإجتماعية وجماليات البيئة العراقية وحركة الواقع في بلدي، من دون تجاهل منجزات الآخرين أو بخس حقها ودورها في تغذية من يستطع الإستفادة منها، لكني في المقام الأول ، أرى الفن كفعل بشري أصلاً، لن يبتعد عن تطلعات الإنسان، مهما حاول البعض ان يجعله يدور في قوانين لا تمت بصلة للواقع العياني والمنظور والملموس للمجتمع».
وللصحافة مكانة مهمة في حياة مبدعنا لعيبي ويتحدث عنها « قد لاتصدقني ، لو قلت لك ، كنت في الرابعة عشرة من عمري، عندما نشرت اول عمل صحفي مطبوع لي في مجلة مدرسية، وذلك بعد ثورة 14 تموز عام 1958 وكان عبارة عن رسوم كاركاتيرية تعتمد على أغنية : « ثارثار ثار ثار الشعب ثار سجل ياتاريخ أصبحنا احرار». وكانت مديرة مدرسة العزّة الإبتدائية للبنات في محلّة الجمهورية بمدينة البصرة الحبيبة، قد نشرتها في مجلتها وقتذاك، ثم أستمر الولع فبدأت منذ ذلك الوقت بمراسلة مجلة الجندي العراقية التي كانت تعطي مكافأة نقدية لكل رسم كاركاتيري ينشر على صفحاتها، بعدها بدأ الفنان الكبير صلاح جياد والشاعر المبدع كاظم الحجاج والفنان علاء الدين عبد السبحان والفنان لواءعبد الامير المحاويلي وفيصل لعيبي بإصدار مجلة للأطفال مرسومة باليد ، وكنا نشترك برسمها جميعاً ونبيعها أيضاً ، إستمر الأمر مدة بعد ذهابنا الى بغداد لدراسة الفن فإنقطعنا عن هذا الهوى»، ويضيف» لكنني في عام 1966 بعد ان أخبرني الفنان الراحل إبراهيم زاير الى حاجة المؤسسة العامة للصحافة الى رسامين وبمساعدته أستطعت ان احصل على وظيفة رسام في صحيفة ( الثورة العربية ) ، أظن هذا هو أسمها، وهي تابعة للإتحاد الإشتراكي الناصري في أثناء حكم الأخوين عارف وكان معي في هذه الصحيفة : الشاعر الكبير مؤيد الراوي والكاتب المهم سهيل سامي نادر والفنان عامر العبيدي والقاص والكاتب المسرحي الساخرعارف علوان والشاعر عمران القيسي، الذي أصبح رساماً بعد مغادرته بغداد الى بيروت. ، كنا خلية غريبة من الشخصيات المختلفة والمتعاونة جداً ، في جو فنتازي مليء بالمسرّات والمنغصات. وفي عام 1967 طرح علينا الأخ الفنان سامي الربيعي، وكان يقدم برنامجاً للأطفال في الإذاعة العراقية وتلفزيون بغداد، فكرة إصدار مجلّة للأطفال، وقد سماها : ( علاء الدين )، وقد اكملنا رسوماتها التي شارك فيها – الفنان حسن شويل والفنان صلاح جياد والفنان بسّام فرج وانا، وقد رسمناها على ورق ( اللترسيت )»، ويتابع» لكن العدد لم يصدر، ووئدت التجربة في بدايتها. ثم جاءت ( مجلة ألف باء ) ، فنقلت خدماتي اليها وكنا صلاح جياد وبسّام فرج وانا من الفريق المؤسس لها وهكذا بدأت الصحافة تغريني وتقدم لي الخبرة والمعرفة، وتساعدني في التكثيف والسرعة المطلوبة، وكانت خير عون لي في التوصل الى أسرع الخطوط وأكثرها تعبيراً عن الفكرة. وقد عملت في صحف عراقية عديدة ، هي: الجمهورية وطريق الشعب ومجلتي، إضافة الى بعض الصحف والمجلاّت العربية مثل الشرق الأوسط اللندنية لفترة بسيطة ومجلة المجاهد الجزائرية كرسام لبعض اغلفتها الأولى، ثم أصدرت صحيفة المجرشة في لندن، بعد إستقراري بها ودامت اكثر من تسع سنين وكانت صحيفة ساخرة وتصدر مرة في الشهر نظراً لضعف الحالة المالية، وهي الصحيفة العراقية الوحيدة التي تعتمد في إصدارها على القرّاء.
ويتناول لعيبي جيل السبعينات و إنشطار هذا الجيل تحت تأثير الآيديولوجيا السياسية فيقول:
- كما ذكرت لك سابقاً لقد تركت العراق مبكراً وليس لي صلة قوية بما جرى بعد ذلك، لكننا كجيل – إن صحت هذه العبارة – قد إنغمرنا في الموضوع الإجتماعي والتعبير عنه من منطلق يحمل بصمات الفكر السياسي المضطرم آنذاك، وهذا صحيح جداً في الأقل بالنسبة لي ، حتى لا احمّل غيري تبعات ما أقول . كنت أرسم المناضلين في السجون والمعتقلات وأصور طرق التعذيب التي مرت عليهم و أفضح ممارسات النظام الفاشية، لكن معظم هذه الرسوم لم تكن تعرض على الجمهورمباشرة، إلا تحت عناوين مثل المقاومة في فلسطين أو الكفاح البطولي للثوار في جنوب الجزيرة العربية وما الى ذلك وكانت أعمال معرض الذكرى الأربعين لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي هي الإستثناء، إذ عرض الفنانون في هذا المعرض أعمالاً تمجد نضالات شعبنا وتاريخه البطولي المشهود له، من دون ان تعترض السلطات البعثية وقتها بسبب قيام الجبهة الوطنية وبذريعة المعرض إستطاع العديد من الفنانين التقدميين والديمقراطيين والشيوعيين من توصيل مواقفهم التي تدين الأرهاب والأساليب الوحشية التي تمارسها اجهزة النظام آنذاك على معارضيها.
أما الإنشطار ، فهو لم يكن وليد تلك الفترة فقط بل ، هو إمتداد لتقاليد الفن الرسمي والفن غير الرسمي، أي أن الإستقطاب كان حاصلاً منذ الخمسينيات لكن السبعينيات إذا جاز التعبير قد أوضحته اكثر. ولاتنسى أن إنقلاب 8 شباط الدموي عام1963 ، قد حدد ملامح هذا الإنشطار بقوة. لكن السؤال المهم هو : هل كانت الآيديولوجيا عاملاً مساعداً ام عاملاً محبطاً للمنتج الفني ؟ هذا يعتمد على ثقافة الفنان وصدقه وكيفية الإستفادة من الأفكار السياسية لدعم المنجز الفني، وإلا فاننا سوف نحكم على نصب الحرية بالرداءة لو أعتبرنا العامل الآيديولوجي عاملاً سلبياً ومضعفاً للعمل الفني كما ان الجورنيكا ستكون مدانة امام محكمة دعاة إبعاد الآيديولوجيا عن الفن. أعتقد أن كل عمل يقوم به الإنسان يكمن خلفه موقف آيديولوجي مها كانت تأثيراته، وحتى من يقول بعدم أقحام الآيديولوجيا بالفن او الثقافة، فهو في الحقيقة يمارس فعلاً آيديولوجياً بإمتياز».
وعن مشكلة الذات والبحث عنها يقول» الذات مفهوم عام ويتعدد بتعدد الهويات والأماكن والتواريخ فهي ككينونة تتعرض للتغيير والتبدل من وقت لوقت آخر ومن زمان الى زمان ومن مكان ما الى غيره، لهذا ترى احياناً تلك التحولات التي تشهدها منطقة معينة في فترة معينة لشعب معين وثقافة معينة، ونحن كمجتمع نام أوفي طريقه الى النمو الآن وبعد التدهور المريع الذي يمر به مجتمعنا، ما نزال مسلوبي الإرادة وفاقدين للعديد من مقومات الذات المستقلّة والمتميزة عن غيرها ، في خضم هذا التعدد الهائل للهويات والذوات المختلفة فنحن مانزال غير منتجين فاعلين في حركة التاريخ التي تجري امامنا، وما نزال تابعين للآخر في الكثير من مقومات وجودنا الأساسية، وثقافتنا عموماُ مصابة بالجزر وضعف المساهمة الجادة في صيرورات التحولات الحالية».ويضيف « انا مازلت أحاول ان اجد خيط الصلة بين ماضيي وحاضري والعمل على فتح فجوة نحو المستقبل . صحيح جداً ، ان جواد سليم قد فتح لنا نافذة النظر لمشاهدة العالم المعاصر مستنداً الى أرضية حضارية مطعّمة بخمس حضارات نادرة المثال، وُلِدْنَ جميعاً على أرض ما بين النهرين، لكن جواد من الناحية الثانية، لم يزّودنا بغير خارطة طريق، وعلينا أن نكتشف هذا الطريق بأنفسنا ، لأن جواد يدرك جيداً ان ذلك ليس من مهامه بل هي مهمة الذين يأتون من بعده.
هناك مسعى واضح في هذه القضية – البحث عن الذات – قد تجدها في جمهرة واسعة من الفنانين وكثرة من الأعمال الفنية الراقية التي أنتجها الفنان العراقي – بمعناه الواسع، وبشتى أجناس الإبداع العراقي وهي تشير الى هذا الهم، ولا ننسى أن تشكل الهوية الجديدة والذات الفاعلة في التاريخ، ليس امراً سهلاً، ومن هنا تكمن إشكالية البحث عن الذات بمعناها الحضاري وليس الوجود البايولوجي لها».
اماالبصرة مرتع الصبا وحنينه وشوقه اليها فيتحدث عنها بلغة شاعرية فيقول «
انا من ضيع في البصرة عمره نسي التاريخ أم انسي ذكره ؟
الصبا والجمال بين يديها
أي تاج أعز من تاجيها ،
مع الإعتذار للشاعرين، على هذا التلاعب ببيتي الشعر هذين،
أنت تسألني عن اللون الأخضر المنتشر في لوحاتي وعن الصباحات المشرقة في خلفيات صوري وعن الطيبة والرقة والأناقة التي تعلو محيا شخوصي وتحيط بفضاء اللوحة.
ما أزال أحمل عبق تلك السويعات التي جمعتني ببساتينها، وعطر النخيل المنبعث من لقاحها وزهرة الدفلى المتدلية على شواطيء النهر العظيم وهي تبعث عطرها من بعيد هل تعتقد اني قادر على نسيان الصباحات االمضببة وتلك النجوم المتدلية كمصابيح فوق ناموسية فراشي؟
وذلك الفرح الذي لا زمني عند رؤية أول فتاة تبتسم لي لأول مرة في حياتي ؟ ماذا عن ماء اللقاح والسبع مايات وشجرة البمبر وتمرة القنطار التي تذوب في الفم وسوق الهنود وورد الجوري، السينمات الصيفية ، عالمنا الساحر والملهم وفتنة الصبايا بملابسهن المزهرات وإبتساماتهن الجميلة . لقد بلغت ذروة اللذة ورعشتها الأولى وأنا في حضن فتاة ذات جمال لايوصف هناك ، فهل تريدني نسيان هذه اللحظة التي قلبت كياني ؟
لاتزال البصرة في ركنها الأثير من حنايا الروح، ولن تبارح هذا الجسد حتى في حالة الفناء».
واخيرا تناولناالفنان المغترب وكيف يمكن ان يحطم الحواجز ويكون حاضرا في الصورة العراقية فيقول: الفنان العراقي المغترب أو المنفي او المهجّر عنوةً، لم يك غائباً عن الصورة العراقية، إن لم يك عاكسها الحقيقي والفنان بعد كل هذا ليس ( هرقل الجبار ) ، انه بشر مثل بقية الناس ولا يملك عصا موسى، علينا كنس القذارات التي تجمعت منذ تولي البعث السلطة في العراق وحتى هذه اللحظة، علينا ان نطهر الأجواء من كل الدرن العالق بها ونهيء التربة للزرع الجديد ، وهذا يتطلب وضع سياسة ثقافية تناسب عصرنا الحالي وبناء القاعدة الصلدة التي يستند اليها هذا المشروع كيف يمكن للمثقف والفنان بشكل خاص ان يمارس دوره، ونحن نفتقر للبنية التحتية، للمؤسسات الثقافية ؟ وكيف يمكنه تحطيم الحواجز ونحن قد حولنا المسارح والسينمات الى علاوي وكراجات و مخازن للمواد التالفة والفاسدة ؟ كيف يمكنه التحرك وهناك من يمنع الموسيقى والغناء ويحرّم الفن وكل ما له علاقة بالجمال والرفعة،
لا ينمو او يترعرع الفن ولا الثقافة إلا في تربة الحرية وحق التعبير وإحترام حقوق الإنسان .