نقد الأفلام هو عمل للكثير من الأشخاص يكسبون من ورائه المال، وسواء كنت تحب كتابة مراجعات الأفلام كهواية، أو تنوي العمل في هذا المجال، عليك معرفة الكثير. هل تحلم بأن تصبح متمكنًا من فن نقد الأفلام ؟ هل شعرت يومًا بأنك ذا قدرة تحليلية قوية، وأنك تحب دومًا مناقشة الأفلام مع أصدقاءك والتعبير عن رضاك أو عدم رضاك عن جوانب معينة في العمل الفني وتريد أن توجه هذه القدرات لتصبح قادرًا على نقد الأفلام بشكل احترافي ؟ إذا أردت الالتحاق بطريق النقد السينمائي، عليك أن تعرف أولاً أن هناك صفات يجب أن يتحلى بها الناقد الجيد، وأن عليك دراسة بعض العلوم الأساسية. وعليك اختيار أسلوبك المرن في الكتابة. في هذا المقال سنقوم بتوجيهك للخطوات الصحيحة لتتمكن من كتابة مراجعة سينمائية جيدة بطريقة موضوعية وتحوي بصمتك الخاصة في الكتابة، بدون أن تفسد الفيلم أو تجعل القارئ يشعر بالملل. إذا اتبعت تلك الخطوات بدقة وحرص، ستتمكن من كتابة مقال يجعل القارئ متلهفًا لمشاهدة الفيلم بعد قراءته لمقالك.
-1 الأمور الأساسية في نقد الأفلام وظيفة الناقد هي مراجعة العمل السينمائي وتقديم لمحة عامة عنه وعرض الآراء عن أداء الممثلين وجودة السيناريو وطريقة التصوير والموسيقى، إضافة إلى مكونات أخرى في الأفلام مثل تكوين المشاهد واختيار الأزياء ومزج الصوت. يعطي الناقد للقارئ تحليلاً عامًا ومفصلاً عن الفيلم ويقارن قصة وأحداث الفيلم بأفلام أخرى من النوع نفسه ، أو يتعرض إلى مسيرة المخرج أو اتجاه الفيلم.
2 ما الذي ستحتاج إلى التركيز عليه خلال كتابتك؟ قبل كل شيء، حدد الاتجاه العام للقصة وضع في الاعتبار أن لكل فيلم شخصية أساسية، غالبًا ما تكون الشخصية عبارة عن بطل يمثل الخير. لكن في بعض الأفلام قد تكون الشخصية الأساسية هي شخص شرير. ضع كل تركيزك على الشخصية الأساسية وحاول تحليل الملامح الأساسية لها في كتابتك. انتبه إلى الألوان الموجودة في الفيلم، أصبحت الكمية الأكبر من الأفلام المنتجة الآن هي أفلام ملونة. لكن في كل فيلم، يختار المخرج الألوان العامة لجو الفيلم، وقد يغير طريقة تباين الألوان في بعض المشاهد لإضافة تأثير على الحدث أو حتى ظهور لشخصية معينة. لاحظ كيف يستخدم المصور الكاميرا في عرض المشاهد، وإذا شعرت بأنك لم تتمكن من الملاحظة الدقيقة لأسلوب المصور، شاهد أفلام أخرى له لو أن الأمر متاح. – إعلانات
3 ـ كن صاحب أسلوب قوي ومرن فن نقد الأفلام ليس من الفنون التي ترتبط بالكتابة الإبداعية، ولا يُعد النقاد كتابًا أو أدباء. لكن لا يوجد ناقد أفلام جيد يكتب بطريقة سيئة. قد تكون هذه هي النقطة الأصعب في طريق النقاد، فهو عليه أن يشكل أسلوب الكتابة الخاص به، لكن أي أسلوب يتبعه؟ الأفضل أن يتبع الناقد الأسلوب المُعتاد في الكتابة الصحفية والكلمات المُتداولة بين الناس بالإضافة إلى الاستخدام الصحيح للاستعارات والتعبيرات الأدبية في وقتها المناسب، يجب أن يكون أسلوبه هو السهل الممتنع. فجزء كبير من جمهوره هو من عامة الناس ومتوسطي الثقافة، وقد لا يهتمون بالعبارات الأدبية المزخرفة والتعبيرات اللغوية القديمة، هم يريدون فقط تحليلاً عامًا للفيلم.
4 -الناقد روجر إيبرت كمثال قد يكون النموذج المثالي في تلك الطريقة هو الناقد الأميركي روجر إيبرت، وهو من أشهر نقاد الأفلام على المستوى العالمي، وأول ناقد يحصل على جائزة البوليتزر للنقاد. يتميز أسلوب روجر إيبرت بالمرونة والخفة في اختيار الكلمات التي يفهمها متوسطي الثقافة ويُعجب بها المثقفون في الوقت نفسه. إذا اطلعت على مراجعاته في نقد الأفلام ، ستجدها إما قصيرة، وفي هذه الحالة ستلاحظ أنه لا يوجد الكثير مما يمكن التعرض له في تحليل الفيلم، فهو لا يحتوي على الكثير من العقد والتفاصيل، ستجد المقال عبارة عن إشارات إلى الجوانب الجمالية في الفيلم أو ملاحظات حول نقاط ضعفه. أو أنك ستجدها متوسطة الطول وهذا هو حال أغلب مقالاته، يتعرض فيها بإيجاز إلى طريقة أسلوب المخرج، ويضع ملاحظاته عن أداء الممثلين وطريقة حركة الكاميرا وتكوين المشاهد ومدى ارتباط الموسيقى بالفيلم.
5 – ادرس علم النفس قد تكون معرفتك بعلم النفس عاملاً كبيرًا في تطور تحليلك في نقد الأفلام ، ستتمكن من خلال علم النفس بالدخول إلى عقلية كاتب السيناريو ومخرج الفيلم ومعرفة ما الذي يحاولون التعبير عنه، وإلى ماذا يرمز كل مشهد. بعد تطور النقد السينمائي في الخمسينيات والستينيات، وبعد ظهور النظريات التي أحدثت تغييرًا كبيرًا في اتجاه علم النفس، أصبح التحليل النفسي من أهم العوامل الأساسية التي يقوم عليها فن نقد الأفلام ، خاصةً إذا كنت ستقوم بتحليل فيلم غامض، أو فيلم يحوي الكثير من الرموز والإشارات والإسقاطات النفسية والمجتمعية. على الأقل، ستحتاج إلى معرفة عامة بالنظريات الأساسية المكونة لعلم النفس الحديث وكتابات الأساتذة الكبار من علماء النفس التحليلي.
6 – ادرس نقد الأفلام أكاديميًا إن كان هناك معهد أو كلية لتدريس النقد السينمائي في مدينتك، ستكون هذه فرصة عظيمة بالنسبة لك. فمن خلال الدراسة ستتعرف على أهم المناهج المتبعة في تحليل الأفلام وستتدرب باستمرار على الكتابة وستستفيد من آراء الطلاب الآخرين والأساتذة المحاضرين في تحسين جودة كتابتك. كذلك قد تكون الدراسة الصحفية مفيدة للنقد السينمائي، ويوجد عدد كبير من النقاد المعروفين بدأوا مسيرتهم المهنية كصحفيين. إن لم تتمكن لأي ظرف من الالتحاق بمؤسسة تعليمية، يمكنك أن تشترك في الدورات التدريبية الخاصة بالنقد.
7 – لا تفسد الفيلم على المشاهد، اجعله يشعر بالإثارة تذكر أنه ليس كل من يقرأ مراجعتك النقدية قد شاهد الفيلم. لذا، لا تكتب عن التفاصيل الأساسية لُعقدة ونهاية الفيلم. إن فعلت هذا، سيندم القارئ على أنه قرأ هذا المقال ولن يعود لمتابعة مقالاتك مرة أخرى حتى لو كانت مفيدة. لكن بالطبع يجب أن تتحدث عن قصة الفيلم وتتعرض إلى الأمور المثيرة فيها، لكن عليك المحافظة على التوازن فيما بين هذين الاتجاهين. تحدث عن العُقدة لكن لا تتحدث عن تفاصيلها وعما تتجه إليه، الجأ إلى كلمات تثير ذهن القارئ. مثلاً، إذا تحدثت عن وقوع بطل الفيلم في مأزق، استخدم الكلمات التي تجعل هذا المأزق بالغ الصعوبة، ضع سؤالاً استفهاميًا لتخاطب به عقل القارئ ما إن كان البطل سينجو من هذا المأزق، وكيف أن نسبة خروجه من المأزق صعبة بسبب أحداث معينة.
8 – صفات الناقد قد لا تكون مهنة الناقد السينمائي ملائمة لكل الناس، فالناقد يحتاج إلى سعة الثقافة في مختلف أمور الحياة، ويحتاج ذهنًا متوقدًا في تحليل الأحداث وتوجيه تفكيره ليرى الأبعاد الكاملة للأحداث التي تقع أمامه. لابد أن يكون الناقد مطلعًا على ثقافة بلده بشكل تام ولديه خلفية لا بأس بها من المعلومات حول ثقافات البلاد الأخرى التي يشاهد أفلامها. قد لا يفهم الشخص الكثير من المشاهد والجمل الحوارية في بعض الأفلام لأنها عبارة عن إشارات وإسقاطات على أشياء تتعلق بثقافة البلد وفنه وتقاليده. يبالغ بعض خبراء نقد الأفلام في قولهم أن الناقد يجب أن يعرف كل شيء عن كل شيء. بالطبع لا يوجد شخص لديه دراية تامة عن كل مجالات الحياة والفنون والعلوم. لكن الفارق بين المستوى الثقافي هو ما يفرق الناقد الجيد عن السيء، كلما أصبحت قادرًا على فهم ثقافة العمل الأجنبي الذي ستشاهده، ستزيد قدرتك على الإبداع وتحليل هذا العمل بطريقة مثالية.
9 – كن موضوعيًا لا تجعل آراءك ووجهات نظرك الخاصة تحول بينك وبين نقد الأفلام بطريقة موضوعية. بالطبع لن تكون موضوعيًا بدرجة كاملة، وإن قمت بهذا سيصبح نقدك جافًا وسيعتبر مجرد كتابة أكاديمية. لتصبح قادرًا على الثبات ما بين الخط الرفيع الذي يجب عليك الالتزام به ما بين الموضوعية والذاتية، حاول أن تجعل آراءك عبارة عن أسئلة، لا تبحث عن الإجابات، اسأل نفسك واسأل القارئ. تأكد من أي معلومة قبل أن تستنتج بناء عليها أي جزء من نقدك. بعد أن تتم مقالتك النقدية، اقرأها بحرص وانظر ما إن كانت آراءك ظاهرة بوضوح وتستحوذ على جزء كبير من المقال. اجعل القارئ يشعر بالحيرة أكثر من تقديم المعلومات له، نعم فهذا سيجعل ذهنه أكثر حركة وإثارة، وسيصبح قادرًا على التفاعل مع مقالك بأكبر شكل. هذا لا يعني أن تضع الألغاز في مقالك، بل قم بمناقشة موضوعية تامة، ومن خلال استنتاجاتك ودلائلك المختلفة، ضع الأفكار التي تظنها الأكثر منطقية بالنسبة لك وقدمها للقارئ.
10 – تابع الجوائز والمهرجانات السينمائية والدولية لتصبح ناقد أفلام جيد، تذكر أنك قد تحتاج إلى السفر والتنقل حول العالم لتحضر مختلف الجوائز والمهرجانات السينمائية مثل جوائز الأوسكار ومهرجان كان ومهرجان برلين ومهرجان البندقية وغيرهم. إضافة إلى الخبرة التي ستكتسبها من مشاهدة الأفلام وتعليق صناع الفيلم عنها، وبالإضافة إلى زيادة عدد علاقاتك في الأوساط الفنية، ستصبح قادرًا على تكوين عقلية ناقدة جيدة من خلال متابعتك لنقد الآخرين عن تلك الأفلام. شاهد الأفلام ثم اكتب عنها مقالتك الخاصة، ثم انتظر حتى ترى ردود فعل الآخرين عن الفيلم، وقارن بين جودة كتابتك وكتاباتهم. إن لم تتوفر الفرصة القريبة لتزور مهرجانًا دوليًا، يمكنك أن تحضر أي مهرجان محلي في مدينتك أو مدينة قريبة منها، أو أي نشاط فني يتعلق بعرض الأفلام في المراكز الثقافية المختلفة. أو حتى بإمكانك متابعة التغطيات الصحفية لتلك المهرجانات ومتابعة أخبار عرض الأفلام وقراءة المقالات المنشورة في نقد الأفلام .
11 – شاهد الفيلم أكثر من مرة إذا شعرت بأن الفيلم يحتاج إلى مشاهدة أخرى أو أكثر، لا تتردد. لا تجعل رأيك منحصرًا في مجال رد فعلك الأولي عن الفيلم بعد أن شاهدته. فكر مرارًا في الفيلم وفيما أعجبك فيه وما لم يعجبك. اطرح على نفسك أسئلة متقدمة المستوى: ما هو مقدار الذي أعجبك وهل سيعجب الآخرين؟ هل الفيلم موجه لفئة معينة من الناس سواء كان اختلافًا في الجنس أو العمر أو الهوية القومية؟ إلى أي مستوى يعتبر الفيلم حيًا ونابضًا بالحركة؟
- عن موقع تسعة