خليجي 24 .. قراءة فنية ثانية
بغداد ـ سمير خليل:
وضعت موقعة الخليج العربي اوزارها، واسدل الستار على هذه البطولة الصغيرة بعد ان خطف منتخب البحرين الذكي لقبها للمرة الاولى في تاريخه، مخالفا كل التوقعات التي كان هذا المنتخب على مسافة بعيدة منها ، البطولة التي تواصلت من السادس والعشرين من تشرين اول الماضي لغاية الثامن من الشهر الجاري دائما ما تثير الجدل على مستوى الدول الغافية على ضفاف الخليج العربي الى حد اعتبارها بطولة كأس عالم خليجية مصغرة وعادة ماتكون محطة للتنافس بين هذه الدول بالاضافة الى منتخبنا الذي يعتبر ملح هذه البطولة وعنوان اثارتها لذلك دائما ماتغيب هذه البطولة عن دوائر الاهتمام عند عدم مشاركة منتخب العراق فيها.
والبطولة بمستواها الفني العام لم تضف جديدا حول واقع المنتخبات الثمانية التي شاركت بها باستثناء منتخب البحرين الذي لعب مباريات البطولة وفق منهجه الذكي والواقعي بادارة المدرب البرتغالي هليو دي سوزا الذي لايتمتع بنفس الكاريزما التي يصطبغ بها مواطنه جوزيه مورينيو ولا يملك نفس الخبرة الهائلة للسبيشل وان، وقبل خمسة أشهر فقط لم يكن كثيرون يتوقعون أن يحقق سوزا مع المنتخب البحريني ما عجز عنه أي مدرب سابق مع الفريق لكن سوزا تحدى كل التوقعات وتوج بلقبين متتاليين لم يسبق للمنتخب البحريني أن أحرزهما من قبل على مدار تاريخه.
ففي أب الماضي توج المنتخب البحريني تحت قيادة سوزا بلقبه الأول على الإطلاق في البطولات الإقليمية حيث أحرز لقب بطولة كأس أمم غرب آسيا والتي استضافها العراق وحصل المنتخب البحريني على لقبها بعد فوزه بالمباراة النهائية على منتخبنا بهدفين لهدف واحد. والحقيقة أن سوزا وطريقة ادارته للمنتخب البحريني أثارا جدلا كبيراعلى مدار البطولة، فخلال مباريات البحرين في هذه البطولة سار سوزا على نفس النهج الذي كان عليه في تعامله مع بطولة غربي آسيا حيث لجأ لتغيير تشكيلته عن المباراة التي تسبقها في كل مواجهة يخوضها بأي من البطولتين، وسبق للمنتخب البحريني ان توج بلقب كأس أمم غربي آسيا التي استضافها العراق.
علما بأن منتخبنا كان المرشح الأقوى للفوز باللقب بعد بلوغه المباراة النهائية على ملعبه ووسط جماهيره لكنه خسرها بنتيجة هدفين لهدف ويحصل المنتخب البحريني على لقب البطولة ، وخاض سوزا المباراة النهائية في خليجي 24امام نظيره السعودي بتشكيلة مغايرة عن تلك التي خاض بها مباراته الاولى في البطولة (دور المجموعات) وخسرها امام السعودية بالذات 2- صفر، كما خلت التشكيلة الأساسية للمنتخب البحريني في المباراة النهائية من أي لاعب كان ضمن التشكيلة الأساسية للفريق في مباراته السابقة بالبطولة والتي انتهت بالتعادل 2 / 2 مع منتخبنا الوطني التي حسمها بركلات الترجيح.
هذه المسيرة الرائعة لهذا المدرب الهادىء والذي خطف الاضواء خلال البطولة وفي المباراة التي خسرها منتخبنا امام البحرين عندما جلس يواسي لاعبنا الشاب محمد قاسم الذي اضاع الركلة الحاسمة والتي اقصت منتخبنا من البطولة وحرمته من المنافسة على اللقب.
منتخبنا الوطني الذي اوقعته قرعة البطولة في المجموعة الاولى بجانب الدولة المستضيفة قطر والسعودية واليمن لعب 4 مباريات وكان من ابرز المرشحين للظفر بلقبها بجانب منتخب قطر، سجل منتخبنا تميزا بين الفرق المشاركة بعدم خسارته في هذه المباريات خلال الوقت الاصلي والمضاف اذ خسرفقط بركلات الترجيح امام البحرين، كما سجل منتخبنا خلال المباريات الاربعة 6 اهداف واستقبلت شباكه ثلاثة اهداف وكان الابرز في هذه الاهداف هدفا اللاعب الصغير محمد قاسم في مرمى المنتخب القطري برغم انه يلعب للمرة الاولى اساسيا في المنتخب الوطني، ما قدمه محمد قاسم وزملاءه الشباب في مباراة قطر أشر نجاح مغامرة مدرب منتخبنا السلوفيني كاتانيتش بلعب هذه المباراة بتشكيلة اعتمدت على الوجوه الشابة والتي من بينها من يرتدي قميص المنتخب الوطني لاول مرة.
وهذا مؤشر ايضا لضرورة متابعة مباريات الدوري الممتاز لاكتشاف مواهب يمكن ان تكون عماد المنتخبات الكروية، فما قدمه لاعبون صغار مثل ميثم جبارومصطفى محمد في الدفاع ومحمد رضا وشريف عبد الكاظم بالاضافة لمحمد قاسم قي الوسط يستحق الاشادة لخطوة جريئة من المدرب كاتانيتش الذي كان بامكانه تكرار المغامرة بهذه التشكيلة ولربما كانت مسيرة منتخبنا في هذه البطولة قد اخذت منحى أخر.
كذلك فان تأمين الخط الخلفي (خط الدفاع) والذي كان من العلامات المخيفة في مباريات منتخبنا الوطني السابقة ظهر مطمئنا في مباريات هذا المنتخب خلال منافسات خليجي قطر برغم اننا استقبلنا ثلاثة اهداف امام قطر والبحرين بهفوات دفاعية تجلت في الهدف القطري الذي احرزه عبد العزيز حاتم بعد تلكؤ مدافعينا في ابعاد الكرة والهدف البحريني الاول برأسية عبد الله هزاع الذي قفز وسط محور دفاعنا واودع الكرة في مرمى جلال حسن والهدف البحريني الثاني لمحمد جاسم مرهون الذي تابع كرة طويلة خلف دفاعنا واحرز هدف التعادل الثاني.
ومرة اخرى تجبرنا الوقائع على مراجعة مسيرة منتخبنا ومنهجه الخططي التكتيكي الذي يؤطر طريقة كاتانيتش ، فطريقة لعبه المبنية على خطة 1- 5- 4- 1بالاعتماد على مهاجم واحد طغت على الصورة العامة للعب منتخبنا، وبالنظر لعدم توافر ممول جيد لهذا المهاجم فان منتخبنا اضطر في اغلب المباريات لانتهاج طريقة اللعب المعتادة والمستهلكة باللعب الطويل نحو منطقة دفاع الخصم، وطريقة اللعب هذه تجبرنا على التوقف ايضا لمناقشتها، فكثير من المدربين لاتكون خطته وطريقة اللعب ثابتة في المباريات بل عادة ماتتغير وفق الخطة المقابلة للخصم، فخلال مباراتنا امام الامارات اعتمد مدرب الامارات فان مارفيك على مهاجم واحد هو علي مبخوت مما يحفزنا ان نسأل :اذا كان الفريق الخصم يلعب بمهاجم واحد فلماذا نقابل ذلك بخمسة مدافعين؟ بل ثلاثة في محور وسط الدفاع ؟ فمن الممكن ان نلعب باربعة مدافعين ونعزز القدرة الهجومية باشراك اكثر من مهاجم واحد!!.
خطة لعب كاتانيتش افقدتنا لاعبا مهما هو سعد ناطق الذي اصيب في انفه خلال مباراة الامارات، الشيء نفسه في مباراتنا امام البحرين الذي لعب بمهاجم واحد هو البرازيلي تياغو سيلفا، برغم ان اللاعبين مبخوت وسوزا لم يكونا مخيفين ومقلقين لخط دفاعنا، بالاضافة لمعاناتنا المتوارثة والمستمرة بعدم امكانية الحفاظ على النتيجة في حالة التقدم وتجلت هذه المعاناة في مباراتنا امام المنتخب البحريني الذي عاد مرتين لمعادلة النتيجة.
وتبقى هذه المباراة واحداثها راسخة في اذهاننا لانها تواصلت حتى ضربات الحظ الترجيحية والتي انتهت لصالح البحرين وسط ملاحظات وتحفظات على مدربنا كاتانيتش الذي قرر ان يسدد اللاعب الشاب محمد قاسم الكرة الخامسة والحاسمة في ركلات الترجيح لكن محمد قاسم اضاع الكرة وبالتالي اضاع فرحته بانجازه الكبير امام قطر، وهنا تترسخ ملاحظة مهمة على قرار كاتانيتش ومغامرته بتكليف هذا اللاعب تسديد الركلة الحاسمة ولم يفكر كاتانيتش بتداعيات قراره في حالة ضياع الركلة وماسيصيب لاعبنا الشاب من اضرار.
عموما لنقف خلف منتخبنا والقائمين عليه ونتفق معهم ان هذه البطولة كانت فرصة لتهيئة واعداد منتخبنا لقادم الاستحقاقات بشرط ان يستفاد الجميع مما يتوفر من لاعبين مرموقين يمكنهم جميعا من تحقيق حلمنا الكبير باللعب تحت شمس المونديال الكروي العالمي واتحدث هنا عن ثلاثة حراس اكفاء هم محمد حميد وجلال حسن وفهد طالب ولاعبين مثل احمد ابراهيم وعلي فايز وسعد ناطق وريبين سولاقا وعلاء مهاوي وعلي عدنان وضرغام اسماعيل وصفاء هادي وابراهيم بايش وعلاء عبد الزهرة وعلاء عباس ومهند علي (ميمي) وعلاء عباس بالاضافة للغائبين عن هذه البطولة بشار رسن وهمام طارق وعلي حصني وحسين علي وجستين مرام واحمد ياسين بالاضافة لليوث الذين ذكرناهم والذين واجهو المنتخب القطري وفازو عليه.