نينوى ـ خدر خلات:
بعيدا عن عيون الاعلام، وفي ظل تعتيم اعلامي متعمد من قبل تنظيم الدولة الاسلامية (داعش) الذي يسيطر على الموصل منذ نحو 3 اشهر، يعاني الكثير من اهل المدينة في سبيل توفير وجبة طعام لعوائلهم، ناهيك عن الواقع الخدمي المشلول بشكل شبه تام، في ظل عدم توفر فرص للعمل، وشح في الغذاء بسبب الحصار المفروض على المدينة من غالبية اطرافها بسبب القصف والاشتباكات التي تحدث يوميا، فيما يعبّر عضو بمجلس المحافظة عن اسفه الشديد لما تمر به مدينة الموصل من اوضاع مزرية.
ومما زاد في الطين بلة، هو ان شريحة واسعة من الموظفين من سكنة المدينة لا تصل رواتبهم منذ ثلاثة اشهر، الامر الذي تسبب بشح في النقد المالي، وانخفاض اسعار بعض المنتجات والبضائع غير الرئيسة بسبب قلة الطلب، بينما تضاعفت اثمان بعض البضائع والمواد وبلغت الى مستويات عالية وربما خيالية.
يقول المواطن محمود عبد نجمان الجحيشي، والذي هو بالاصل من اهالي بادوش (25 كلم غرب الموصل) ويقطن في حي التنك (غربي المدينة) في حديثه عبر الهاتف المحمول لـ “الصباح الجديد” ان “الالاف من الاسر القاطنة في الموصـل تمـر بظروف مأساوية وغير طبيعية”.
واضاف “هناك نقص كبير في الاغذية الرئيسة، كالرز والدقيق وزيت الطعام والسكر والشاي، وان توفرت فان اسعارها خيالية و نحن لا نصدق ما نراه باعيننا، كما ان اسعار بعض الخدمات تضاعفت وامسى الحصول عليها يعد من الترف”.
وبحسب اللهيبي فان “سعر قنينة غاز الطبخ الواحدة، في الموصل الان يبلغ 45 الف دينار، وسعـر الكيلو غرام الواحـد من الرز يتراوح بين 3 الـى 6 الاف دينـار وحسـب نوعـيـة الـرز، كما ان سعر السكاير اصابه الجنون هـو الاخـر بسبــب منعه من قبـل تنظيـم داعـش”.
وتابع بالقول “أردئ واسوأ انواع السيكاير يبلغ سعر العلبة الواحـدة الف دينار، ونحن نشتريه بالخفية من الباعة الذيـن يبيعـوه بالخفيـة ايضـا”.
وحول وضع العوائل التي ليس لها راتب او مصدر دخل، قال الجحيشي، وهو يتنهد “والله يا اخي وضعهم يدمي القلب”، وقال باللهجة المحلية “لان اللي عنده فلوس ياكل واللي ما عنده ما ياكل، وينتظر رحمـة ربـك”.
ونوه الى ان “ارخص شيء بالموصل حاليا هي الخضراوات واللحوم، لان الخضراوات لا تجد من يشتريها بسبب قلة السيولة النقدية، ولانه يمكن الاستغناء عن بعضها، بينما اللحوم متوفـرة لان تنظيـم داعش قام بنهـب الالاف مـن المواشـي مـن محيـط الموصـل”.
وكشف على ان “سعر الكيلو غرام الواحد من اللحم الهبر يتراوح بين 9 الى 10 الاف دينار، اما الكيلو غرام الواحد من العظم يتراوح بين 5 الة 6 الاف دينار، ونحن نعتبر من يتناول اللحم بطرانا، فضلا عن ان الكثيرين يستحرمون تناول هذا اللحم لاننا نجهل مصدره الاصلي”.
من جانبه، قال سيدو جتو شنكالي، عضو مجلس محافظة نينوى في حديثه الى “الصباح الجديد” حول الاوضاع المزرية لشريحة واسعة من اهالي الموصل ان “مجلس محافظة نينوى الحالي، ما زال مجلسا شرعيا ويمثل اهل محافظة نينوى بالكامل، ونحن جميعا نعمل على خدمة النازحين من محافظة نينوى الذين وفدوا الى المناطق الخاضعة لسيطرة قوات البيشمركة وحكومة اقليم كردستان”.
واضاف “جميع النازحين من اهالي نينوى، ومن مختلف الاعراق والمكونات نقدم لهم الدعم الــلازم، ولا نفرق بينهم اطلاقـا، بـل نعاملهـم كنازحيـن وبحاجـة للدعـم والاغاثـة”.
واستدرك شنكالي بالقول “لكن الباقين من اهل الموصل من القاطنين حاليا في المدينة ويعانون الأمرين بسبب سطوة وتصرفات تنظيم داعش، فليس بوسعنا ان نقدم لهم اية خدمات او مساعدات”.
مشددا بالقول “نحن في مجلس محافظة نينوى نجحنا في عدم قطع رواتب الموظفين منهم، رغم الضغوطات التي تعرضنا لها، لانهم اهلنا جميعا وندرك جيدا حجم معاناتهم على مختلف الاصعدة”.
وبحسب شنكالي، فان “اهالي الموصل يدركون جيدا انه في هذه الظروف التي تمر بالمدينة لا نستطيع مساعدتهم كما نتامل نحن، ونعتقد ا ن اهل الموصل يعلمون ايضا انه هدف تنظيم داعش هو تخريب المدينة والبنى التحتية فيها وقطع الارزاق”.
وختم حديثه بالقول “نحن نتأسف ونتألم جدا لمعاناتهم، ونتمنى ان نتجاوز جميعا هذه المحنة بسلام”.
وكان تنظيم داعش قد بسط سيطرته على اجزاء واسعة من محافظة نينوى وبضمنها مدينة الموصل (400 كلم شمال بغداد) في العاشر من حزيران الماضي، بعد انسحاب مفاجئ للقوات الامنية العراقية.