صفقة مع الشيطان؟

بالتزامن مع إطلاق سراح 49 من الدبلوماسيين الأتراك، ضمنهم بعض العوائل والأطفال وتحريرهم من عصابات تنظيم الدولة الإسلامية اجتاحت هذه العصابات الإرهابية الشريط الحدودي السوري مع تركيا ونهبت ودمرت عشرات القرى الكردية تحت أعين الجيش التركي الذي لم يحرك ساكنا وهو ينظر إلى المجازر البشعة التي ارتكبتها ولازالت ترتكبها تلك العصابات المسلحة بحق الناس العزل وبحق الأطفال والنساء والشباب والشيوخ الذين يفرون من قراهم إلى الحدود التركية كالمستجير من الرمضاء بالنار.
وهاجمتهم القوات التركية بالقنابل المسيلة للدموع والتهديد المباشر بإطلاق النيران الحية عليهم. وتناقلت وسائل الإعلام المحلية والعالمية صورا ومشاهد للخراب والقتل والنهب والسلب والاغتصاب والتدمير العشوائي التي تعرضت لها تلك القرى المسالمة على مرآى من الجيش التركي، والأدهى أن شهود عيان قالوا أن المعدات العسكرية والأسلحة الثقيلة والمتوسطة وإمدادات الذخائر كانت تأتيهم من قبل القوات التركية عبر الحدود الممتدة بين القرى الكردية السورية وتركيا التي يفصل ما بينها خط لسكك الحديد التركية. وأدلى شهود العيان بأن هذا الخط نقل الكثير من العتاد والسلاح والرجال، ومنه سلاح ثقيل تمثل بالدبابات والمدافع الثقيلة، لتطلق اليد للعصابات الإرهابية المسلحة للفتك بهؤلاء الناس الأبرياء. وصرح الكثير من المحللين السياسيين والخبراء العسكريين عن صفقة تركية مع الشيطان لتحرير الرهائن الأتراك المحتجزين بالموصل مقابل إطلاق يد تلك العصابات الهمجية التكفيرية بالذبح والسبي وتهجير الناس من قراهم ومن بيوتهم.
كيف يمكن مقايضة أرواح دبلوماسيين رسميين تابعين لدولة، ولنقل أنهم أبرياء أيضا بسبب وجود بعض الأسر بينهم، بأرواح ألاف من البشر الأبرياء، تتحدث الأرقام الرسمية التي أعلنتها لجان الأمم المتحدة عن 70000 شخص هجروا من قراهم تحت البطش الهمجي المروع من قبل تلك العصابات التي لا يمكن لأي إنسان فهم طبيعة أولئك المجرمين ولماذا يرتكبون مثل الأعمال الفظيعة بحق القرى النائية البعيدة عن الجيش ومرافق الدولة السورية.
إنها صفقة مع الشيطان تعقدها تركيا الأخوانية التي ترتدي الفكر العثماني المؤطر بالدين الإسلامي المحقون بكل أنواع وأصناف الكراهية للعرب وللأكراد وللمسيحيين وغيرهم من الأقوام الأخرى. صفقة خبيثة لا تمت للسياسة بصلة، بل هي عبارة عن تحالف إجرامي خبيث بين دولة رسمية ذات نفوذ إقليمي ودولي مع شراذم من عصابات مرتزقة دموية, وهذا مخالف للقانون الدولي.
ترتكب تركيا بهذه الأعمال المخزية بتاريخ البشرية الأخطاء الكبرى من جديد بعد ما ينيف عن القرن بارتكابها المجازر ضد الأرمن التي لم تتخلص من تبعاتها الأخلاقية والسياسية حتى يومنا الحاضر.
علي عبد العال

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة