ابتلي الانسان على مر العصور , بامراض اجتماعية , استطاع بقدراته الذهنية , المتواضعة والثاقبة , ان يشخصها , ويشير اليها بالف ( لا ) كبيرة , ولكن امكاناته المؤثرة على طريق التغيير تبقى رهينة بالواقع العرفي والسياسي النافذ , وطبيعة النظام الحاكم ومن يتصل به من المتزلفين والمنافقين ومجملي الصور … فكان للمبوقين وذوي القربى من الحاكمين الحظ الاوفر بالمناصب والعطايا والهبات الممنوحة من خزينة الدولة بسخاء , وكأن المال العام ملك للملوك والامراء والسلاطين …
وفي الزمن المعاصر , اختلفت العلائق بين الحاكم والمحكوم , من حيث الشكل , ولكن تم الابقاء على المضمون المسيء للمجتمع, فقد ظهرت احزاب وكتل وولاءات جديدة , اعتمدها اصحاب القرار في تلك المكونات , وصار مبدأ , معمول به حتما يقول : (( من لم يكن معي فهو ضدي )) , فجاءت المحاصصة والتوافق وشبيهاتهما مصدقا لهذا التوجه , الذي ان دل على شيء فانما يدل على الاصطفافات غير المشروعة منطقا واخلاقا , ومؤداها الى نتائج نعيش اليوم آثارها المدمرة والمتعبة , فالكثير ممن حسبوا على احزاب السلطة لا يمتلكون الخبرات والتأهيل العلمي الملائم للوظيفة الحكومية , فاصبحوا بين ليلة وضحاها عصيا معرقلة لعجلة البناء والاعمار والتقدم العراقي …
ان المحسوبين على الكتل المعرقلة , ليسوا بالضرورة ان يكونوا من المتضررين من النظام السابق , بل اقصد هؤلاء الحرباويين المتلونين بالوان السلطات الذين يدعون بانهم بالضد من الدكتاتور المقبور وهيكله المباد , وانهم شرفاء الى حد النقاء , وانهم اليوم مشاريع استشهاد بيد اصحاب القوة السياسية المؤثرة بالاحداث على الساحة العراقية , ويطلبون ويهزجون طربا وممالأة , ابتغاء رضا اصحاب نعمتهم الجدد , فيجرفهم التيار الذي وضعوا انفسهم فيه الى السفوح والقمم , متنعمين بامتيازات الكراسي الوثيرة والحماية التي عزت على الفرد البسيط , الصادق , والمسالم ..
وبالرغم من كل هذا لم يلتفت المحسوبون والمنسوبون الى حالهم , بعد ذهاب امتيازاتهم , وافول بريقهم وبريق من ينتسبون اليهم , الى اي مصير سيهبطون , وكيف سيدافعون عن انفسهم امام , النهضة الجديدة التصحيحية التي نلمسها في عقول الشباب المتفتحة , والارادة الصلبة المدافعة عن الحقوق الوطنية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية , وحينئذ لا ينفع الندم , وتبقى وصمة العار على جباه اشباه الرجال , المتقلبين , والمتوجهين صوب المنافع الشخصية , متناسين مصالح البلاد والعباد ..
ومن هنا , نرفع صوتنا , مجلجلا , بوجه اصحاب السيادة والمعالي قائلين : بان السنين مرت ثقيلة على العراقيين تحت وطأة المحاصصة والمحسوبية والمنسوبية , بما تحمل من سلوكيات مشوهة لنسيجنا الاجتماعي , واثبت المحسوبون عليكم انهم عاجزون عن خدمة الوطن والمواطن .. ولم يبق امامكم الا اللجوء الى الشعب الطيب والى اصحاب الكفاءات فعلا والى المتضررين الحقيقيين من النظام السابق من ذوي الشهداء والسجناء والسياسيين والمعتقلين الذين يلفهم الاهمال والتغييب في الوظائف والرعاية …
وان الوقت ما زال متاحا , والثروات كبيرة في باطن الارض العراقية وفي الذات الانسانية العراقية , وما عليكم الا تجربة الطريق الجديد والسير عليه باخلاص من دون محسوبية او منسوبية والالتزام بالمثل الشعبي الشائع (( كل لشة تتعلك من كراعها )) ..!!
ماجد عبد الرحيم الجامعي
المحسوبية والمنسوبية .. آفتا الدهور!
التعليقات مغلقة