الصراعات الإقليمية والدولية تأجل تسمية محافظ لها
السليمانية ـ عباس كاريزي:
تراجعت حدة اصرار الحزبين الرئيسين في اقليم كردستان « الاتحاد والديمقراطي» على تسمية محافظ جديد لمدينة كركوك، على خلفية الضغوطات الكبيرة التي تمارسها ايران وتركيا لابقاء الاوضاع على حالها في المحافظة لحين الانتهاء من انتخابات مجالس المحافظات المرتقبة.
وعلى الرغم من مرور اكثر من عشرة ايام على تشكيل الحكومة الجديدة في اقليم كردستان، الا ان عملية تسمية محافظ جديد لمدينة كركوك لم تدخل حيز التنفيذ وفقا للاتفاق الذي وقعه الاتحاد الوطني مع الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ويقول مراقبون ان عملية تسمية محافظ جديد لمدينة كركوك دخلت بنحو غير مباشر، ضمن الصراع الاقليمي بين ايران وتركيا والولايات المتحدة.
وكان الحزبان الرئيسان في الاقليم الاتحاد والديمقراطي، قد اتفقا عقب سلسلة مباحثات وجولات حوارية مطولة، على ان يرافق تشكيل حكومة اقليم كردستان اتخاذ الخطوات المطلوبة لتسمية محافظ جديد لكركوك، بعد ان اتفاق على ان يكون المرشح من خارج المكتب السياسي والمجلس القيادي للاتحاد الوطني نزولا عند رغبة الحزب الديمقراطي.
وكان الحزبان قد اتفاقا في اجتماع عقداه يوم 11 من تموز الجاري عقب يوم واحد من اداء القسم القانونية لاعضاء حكومة الاقليم الجديدة، على ترشيح المهندس طيب جباري لمنصب محافظ كركوك، وهو ما دفع بمواطنين من العرب والتركمان الى التظاهر والمطالبة بمنصب المحافظ.
بدوره اكد رئيس لجنة الطاقة بمجلس محافظة كركوك، احمد العسكري، ان منصب المحافظ من حصة الكرد وفقا لاستحقاقهم الانتخابي ولايحق للعرب والتركمان المطالبة بالمنصب.
واضاف العسكري في حديث للصباح الجديد، ان الدستور العراقي يمنح مجلس المحافظة حصرا تسمية محافظ جديد للمدينة، وان مطالبة العرب والتركمان بالمنصب غير قانوني ولا دستوري، وان تسمية محافظة جديد لكركوك تقع على عاتق مجلس المحافظة نافيا وجود اية نية لدى الكرد للتخلي عن المنصب.
وحول مساعي الاتحاد والديمقراطي لتسمية محافظ جديد، نفى العسكري وجود اية تطورات في هذا الاطار، لافتا الى ان الحزبين لم يبلغا اعضاء قائمة التأخي لعقد اجتماع لها او البدء بإجراء حوار مع بقية مكونات المحافظة للتوصل الى توافق حول المرشح الجديد لمنصب المحافظ.
واضاف، ان الاتحاد والديمقراطي لحد الان لم يقوما بتوحيد قائمتهما في مجلس المحافظة، وتكليفها بالعمل على مناقشة منصب محافظ كركوك مع بقية المكونات لضمان الاغلبية المطلوبة لتسمية طيب جبار محافظاً جديدا للمدينة.
ويضم وفد الاتحاد الوطني والديمقراطي الى المباحثات مع مكونات كركوك كل من خالد شواني واوميد صباح واحمد عسكري، اضافة الى عضوين عن قائمة التآخي، فيما تتركز المباحثات على وفق اسس اتفاقات 2011، بشأن المناصب، ان يكون منصب محافظ كركوك للكرد، و رئيس مجلس المحافظة للتركمان، ونائب المحافظ من حصة المكون العربي في المدينة، بينما ينص اتفاق الاتحاد الوطني والديمقراطي، على ان يكون منصب محافظ كركوك من حصة الاتحاد الوطني، بينما يذهب منصب القائممقام وقيادة الشرطة للديمقراطي.
وتابع العسكري ان مجلس محافظة كركوك يحتاج الى اعادة تفعيله والبدء بعقد جلساته التي لم تعقد منذ اشهر، والتفاهم مع بقية المكونات، قبيل عقد جلسة انتخاب المحافظ، مضيفاً ان المجلس يتألف من 41 عضوا يمتلك الاتحاد والديمقراطي منها 19 ، ضمن قائمة التأخي التي تضم 26 عضوا، منها 11 للديمقراطي و8 للاتحاد الوطني، بينما يمتلك التركمان 9 والعرب 6 مقاعد.
واضاف، ان اصرار الاتحاد الوطني على تسمية محافظة جديد للمدينة من شأنه، ان يوقف الاجراءات التعسفية التي يقوم بها محافظ المدينة وكالة راكان الجبوري بحق الكرد في المدينة.
وكانت مصادر مطلعة رفضت الافصاح عن هويتها قد قالت للصباح الجديد، ان قيادات الاقليم وخصوصا رئيس الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني، تقع تحت ضغوطات مختلفة في سعيها لتطبيع الاوضاع وتسمية محافظ كردي لمدينة كركوك، عقب تخلي المحافظة السابق نجم الدين كريم عن منصبه بعد عودة القوات العراقية اليها عام 2017 بعد اجراء الاستفتاء والتوتر الذي شهدته العلاقة بين بغداد واربيل.
واضافت المصادر، ان وفدا ايرانيا رفيع المستوى زار خلال الايام القليلة الماضية بارزاني، وطالبه بالتريث في مسألة انتخاب وتسمية محافظ جديد لكركوك، لافتا الى ان الوفد ابلغ بارزاني ان ايران مع بقاء الاوضاع في كركوك على حالها في الوقت الراهن.
بالمقابل اضافت المصادر، ان الاميركيين يؤيدون تطبيع الاوضاع في كركوك وهم يدعمون فكرة تسمية محافظ للمدينة، ولهذا الغرض هم على تواصل وحوار مستمر مع الكرد ورئيس الوزراء الدكتور عادل عبد المهدي.
بدورهم يرفض العرب والتركمان المساعي الكردية لتسمية محافظ كردي للمدينة ويرغبون ببقاء الاوضاع على حالها، لحين الانتهاء من انتخابات مجالس المحافظات المقبلة، خوفا من ان يؤدي تسمية محافظ كردي الى ترجيع الكفة لصالح الكرد في الانتخابات المقبلة.
على صعيد ذي صلة تستمر الاجتماعات بين مكونات كركوك والامم المتحدة لوضع آليات مناسبة لمعالجة المشكلات الموجودة في المحافظة.
وقال النائب عن كتلة الاتحاد الوطني ريبوار طه، ان اجتماعات الامم المتحدة مع مكونات كركوك قطعت اشواطاً جيدا ووصلت بعض الملفات الى مرحلة اتخاذ القرار، مشيدا بالدور الايجابي الذي لعبته الامم المتحدة في التقريب بين مكونات كركوك، والسعي الى التوصل لاتفاق حول آليات معالجة المشكلات الموجودة من النواحي السياسية والادارية والامنية.
وحول انتخابات مجالس المحافظات، قال النائب ريبوار طه، ان مجلس النواب يعمل على تعديل قانون الانتخابات مجالس المحافظات والاقضية والنواحي، «لذا علينا تجاوز المرحلة الراهنة واجراء انتخابات نزيهة وشفافة في كركوك تشكل على اساسها ادارة المدينة وكل مكون يحصل على استحقاقه.