صادق الأزرقي
تصاعدت الاحداث بصورة درامية، مع مواصلة تنظيم الدولة الاسلامية “داعش” عرض مسلسل القتل ذبحاً لصحفيين اميركيين واوروبيين؛ ما دفع حكومات تلك الدول الى تحشيد الرأي العام الدولي، والاتصال بدول منطقة الشرق الاوسط وجوار العراق؛ لتهيئة الاجواء لما تقول عنه الادارة الاميركية جهود مجابهة التنظيم المسلح.
وبرغم ان العراقيين يسعون الى الخلاص من العنف، والانتقال الى الحياة الهادئة المسالمة، التي نأت عنهم كثيرا، واصبحت كالحلم الذي يراودهم امام تواصل اعمال القتل اليومي، الذي تنفذه اياد خفية لم تعلن عن نفسها، فيظل القاتل مجهولا دائما؛ وامتدت اعمال القتل والارهاب هذه المرة الى اماكن التجمعات البشرية.
نقول، برغم ذلك يأمل العراقيون في الا يصبح بلدهم مرة اخرى ساحة حرب مريرة تأكل الاخضر واليابس، مثلما اكلتها ثلاث حروب، ابتداء من الحرب العراقية الايرانية، مرورا بحرب الكويت، ثم حرب اسقاط نظام صدام في عام 2003؛ التي لم تحقق اهداف الشعب المنشودة ببناء حياة مدنية مسالمة، ومجتمع مرفه، فانطلق العنان لشتى القوى المسلحة لأن تسرح وتمرح على هواها، وتنفذ ما ترتئيه متلائما مع وجهة نظرها بغض النظر عن مخاطر ذلك على المجتمع.
اننا نأمل الا تكون العمليات العسكرية التي تسعى بعض الدول الكبرى ومنها اميركا وفرنسا وبريطانيا، ودول اخرى، مناسبة جديدة لانهاك الشعب العراقي، ودفعه تارة اخرى الى الدخول في حالة من اليأس الذي اصبح لصيقا به من دون فكاك، وهو يتعايش مع الموت اليومي، وغياب متطلبات الحياة الهادئة السليمة؛ فغدت اخبار الخراب ترافق يوميا مفردات حياته، فطفقت الانباء تنقل له مرة تلو مرة انباء ابنائه واقربائه، الذين تفتك بهم المفخخات، او يقتلون في جبهات القتال الجديدة المتكاثرة؛ وكأن العراقي يعيش في متوالية متناسلة من الفناء والدماء؛ وكأن الحياة العصرية فارقته الى الأبد، بل تركت لشعوب ودول اخرى؛ وعليه فقط ان يضحي ويقتل في كل حين تجيش فيه الجيوش وتشتعل فيها الحروب ليكون مركزها العراق والعراق وحده؛ اما الآخرين فعليهم حيازة مكتسبات الحرب المتحققة، بحسب ما ترتئيه الدول الاخرى التي لم تلتفت الى المخاطر من البداية، وغضت النظر عن كل ما كان يجري في العراق طيلة السنوات العشر الماضية؛ فتفرجت على الناس يقتلون ويهجرون، ولم تفعل شيئا سوى الكلام؛ وحتى في الازمة الاخيرة فانها لم تتحرك منذ البداية لتتوصل الى حلول ناجعة لمشكلات العراق وازماته، وتركت الحبل على الغارب كما يقال، الى ان وصلنا الى اقصى المراحل من ازمتنا وتعرض اشخاص غربيون الى الموت والمخاطر؛ عندها اوحوا لنا انهم احسوا بتأنيب الضمير، وانهم بصدد وضع حد للمأساة القائمة، فتنادوا الى مؤتمر باريس حول “السلام والأمن في العراق” واختتموه بجملة مقررات قالوا انها ستخرج الوضع العراقي من ازمته.. فهل يفلحون في ذلك وتتحقق للعراقيين طموحاتهم في السلام؟!