كلمة العراق ..!

انتظر العرب لسنوات طويلة وهم يبحثون عن العراق المعافى وقد ضمد جراحه وانتهى من جدل الطائفية والحزبية والقومية والمذهبية وهاهو يعود لهم في مكة المكرمة بلسان عراقي فصيح لم ينسَ فيه الرئيس برهم صالح ان يرفع العربية الى مقامها الرفيع وان يبرع في كسر الرتابة والتقليدية لكلمات اقرانه من الرؤساء العرب وكلمات من سبقوه في الرئاسات العراقية.
واذا كان هناك من شيء جديد في القمم العربية فإن هذا التذكير الشجاع بالاستقلالية وعدم التبعية وهذا التوازن بين القومية والدين وهذا الانعتاق من المحاور وهذا الانتماء للاعتدال والعقلانية هو الجديد الذي جاء به الرئيس صالح في كلمته الاخيرة امام الزعماء العرب في مكة المكرمة حيث افتقدت القمم العربية لسنوات طويلة مثل هذا الحضور البهي للعراق والذي كان لسنوات طويلة يشكل رقما صعبا في المعادلة العربية وكانت تدين له الزعامات العربية بالريادة والقيادة الى جانب جمهورية مصر العربية ولم يكن من الممكن تجاوز مصر والعراق في تقرير المكان والزمان في كل القمم العربية التي عقدت في العواصم العربية قبل عام 1990 .
وقد شكلت افعال النظام السابق وطيشه وخروجه على المبادئ التي جاء بها نظام الجامعة العربية معاول هدم في العمل العربي المشترك ومنذ احتلال الكويت وما اعقبها من احداث سياسية واقتصادية بقي الدور العراقي يتراجع في المنظومة العربية ونالت العزلة الدولية والعقوبات المفروضة على العراق من مكانة العراق وسمعته في المحافل الدولية وكان من المنتظر ان يعيد النظام السياسي الجديد الذي تشكل عام 2003 العراق الى مكانته التي عهدها العرب على مر التاريخ وان يرمم ما تم تخريبه في خارطة العلاقات العراقية مع محيطه الاقليمي والعربي الا ان تجليات التعددية والتركة الكبيرة لإرث النظام الشمولي وانحراف التعامل السياسي للتحالفات الحزبية والاجتهادات الواسعة في التعامل مع الدول المجاورة واذعان مؤسسات الدولة عامة ووزارة الخارجية خاصة لإرادات فئوية وحزبية افقد العراقيون خارطة الطريق الصحيحة في التعاطي مع ملف العلاقات الخارجية وبقي هذا الملف تحت سطوة التأثيرات الاقليمية وبقيت ادواته الداخلية مغلولة تحت سطوة الاحزاب وسادت الى حد بعيد في العراق الرؤى والافكار الحزبية على حساب الافكار الوطنية ولربما كانت كلمة السيد الرئيس برهم صالح ايذانا حقيقيا بعودة العراق الذي انتظر شعبه والشعوب العربية سنوات طويلة كي يرونه مثلما تحدثت عنه الشيوخ ومثلما تتمناه الاجيال .

د. علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة