استعادة الكرامة.. أولاً

غادرتنا الكرامة منذ زمن طويل. غادرتنا وطناً وشعباً. في الخارج والداخل.
خلال عقود من الغربة قضيت أغلبها في دول عربية وإسلامية ، كنّا دائما ضعيفي الموقف كوننا غرباء. في دولة «إسلامية»، كان العراقي هو الوحيد من بين الاجانب الذي يتعرض للاذلال في أثناء مراجعة الدائرة الخاصة بالاجانب. وفي دولة عربية «قومية» النظام ، يخضع العراقي للابتزاز وهدر الكرامة بدءً من وصوله الى المطار، وكذا الحال في دولة عربية «ديمقراطية»: يدخل الاجانب بسهولة باستثناء العراقي الذي يخضع الى سيل من الاسئلة التحقيقية قبل ان يقرروا السماح له بالدخول من عدمه.
لم يتغير الحال كثيرا بعد زوال النظام السابق. ففي دول خليجية عدة يسيطر هاجس إلغاء الاقامة على أغلب العراقيين المقيمين، خصوصا من الشيعة، لا يشفع لهم انهم يعيشون في هذه البلدان منذ عشرات السنين أو ان بعضهم ولد هناك. وفي مطارات أخرى يتعرض العراقي لاسئلة مهينة من قبل انتمائه المذهبي وعلى أساسه يتم التعامل معه، في حين ان الكثير من هذه البلدان مستفيد إقتصاديا من توافد العراقيين عليه، فضلا عن المساعدات السخية التي يحصل عليها من العراق.
لا يقتصر الامر على الدول الاخرى في إهدار كرامة العراقي. في الداخل لا يختلف الامر . مسلسل إهدار الكرامة يبدأ حين ينهض العراقي من نومه غارقا في عرقه بسبب انقطاع الكهرباء ، مرورا بصعوبة سيره في الطرق المزدحمة بسبب اجراءات غبية، وصولا الى مقر عمله وما يلاقي فيه من مشكلات وانتهاكات.
المذبحة الكبرى للكرامة تجري عندما يريد إنجاز معاملة في إحدى الدوائر. روتين قاتل وخطوات عديدة أغلبها غير مجدٍ ولا يؤدي الا الى هدر الوقت والجهد والكرامة. في كل دائرة، ولانجاز معاملة بسيطة، يتنقل المراجع بين العديد من الموظفين، وامام كل منهم لابد من الانتظار في طابور، والموظف في الغالب يصرخ أو يتعامل بسوء خلق وإذلالٍ للمراجع وكأنه يمنّ عليه بالتوقيع أو الختم الذي سيضعه على معاملته.
يقول الامام علي (ع) «خير الاوطان ما حملك» فيا سيادة رئيس الوزراء: لتكن استعادة كرامة العراقي في الداخل والخارج، هدفاً لك وأبدأ من تخفيف معاناته وإذلاله في الدوائر الحكومية.
سالم مشكور

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة