المفروض والمطلوب إثباته

تلك هي معادلة رياضية لا تقبل الشك؛ أن يدعي الساسة العراقيون «الجدد» بالشق الأول من المعادلة «المفروض» كون العراق دولة ديمقراطية ودستورية وبين «المطلوب إثباته» على صعيد الواقع خلال العمل الميداني كنتيجة منطقية واقعية. بينما تفرز المعادلة السياسية عناصر مضادة ومعرقلة من قبل أطراف سياسية داخل المعادلة ذاتها، لتتحول إلى واقع شديد التعقيد والإنحراف عن المسار العام للعملية الديمقراطية برمتها وهنا تحدث البلبلة.
ليس للمواطن العراقي الدخول بهذه المعادلة الرياضية كونه رقما محذوفا من الأصل في غالبية أجندة الساسة من ذوي المصالح الطائفية والحزبية والقومية الضيقة. يكون الشعب العراقي مرحبا به عندما يؤدي دوره كجندي شجاع في ساحة المعركةالانتخابية والعسكرية، أي مجرد ضحية وطنية بائسة تدافع عن العراق كوطن وكدولة لها جغرافية وتاريخ، ولها علم ولها قيمة بين الأمم والشعوب. عدا ذلك أنه مجرد ضحية من الضحايا في ساحات الوغى من المعارك بين المافيات والمجرمين الأوغاد ممن لا يتمتعون بصفات بشرية وإنما بصفات وحشية وغير أخلاقية.
«المفروض» أن لدينا اليوم حكومة جديدة ستقود العراق طوال أربعة أعوام قادمة، لكن «المطلوب إثباته» هو مقدار جدية الحكومة العتيدة بتحقيق ذلك؟
تشكلية الحكومة التي أسسها الدكتور حيدر العبادي هي حكومة لم تخرج كثيرا عن سياقات حكومة السيد نوري المالكي، لا من جهة الوزارات التي تستند على المحاصصة الطائفية ولا عن السياقات القديمة المعمول بها سابقا. لا نود القول إنها حكومة فاشلة منذ البداية لكن التغيير الحقيقي المنتظر لم يتحقق من خلال تسمية الوزراء على وفق النمط الأسبق.
مع التمنيات بالنجاح للدكتور حيدر العبادي رئيس الوزراء المكلف، ينتظر الشعب العراقي بعض التحسن بالوضع الأمني و السياسي و الاقتصادي. تفريخ الحكومات الإصطناعي لا يعني تغييرها الجذري بشكل من الأشكال. التركيبة وعناصرها غير المنسجمة وغير المتجانسة هي ذاتها بالتحديد التي تتفوق فيها العناصر الطائفية أكثر من الروح الوطنية العراقية. ربما سوف يبكي البعض على نوري المالكي الذي أستطاع بلوغ عتبة عدم التمييز بين مكونات الشعب العراقي من البصرة حتى الموصل. السيد حيدر العبادي يواجه جميع الملفات الساخنة التي خلفها السيد نوري المالكي بطريقة معينة. لا نعرف قدرات السيد حيدر العبادي على الرغم من جميع مصادر الدعم الأميريكي والإقليمي له في قيادة دفة الأمور الخطيرة بالعراق وفي المحيط الإقليمي والدولي القادم. نتمنى له وللعراق النجاح، المهمة صعبة للغاية. العنصر الوحيد الذي يمكن أن يجتاز به العراق طريقه للخلاص هو عنصر الروح الوطنية من قبل الجميع.. ربما..
علي عبد العال

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة