لم يعد ممكناً ان يستوعب رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي كل ماتطلبه الاحزاب التي تتنافس على تولي الاستحقاقات الوزارية في الحكومة المقبلة ..فما تتناقله الاخبار ومايخرج للعلن عن مايدور داخل كواليس وغرف المباحثات يشي بان بعض هذه الاحزاب وزعماءها ينهجون طريق التأزيم والتعقيد والممانعة في فرض الشروط ورفع سقف المطالب على طريقة (اطلب كل شيء لتحصل على شيء) من دون النظر الى المساحة الانتخابية التي تحتلها الكتلة او الحزب وبما يخالف ا لاستحقاقات الانتخابية ولربما فكر هؤلاء (المستريحون) بأن الظرف العام للبلاد يتيح لهم التصرف بما يشتهون لا لشيء سوى ان الجميع يريد من هذه الحكومة ان تكون مختلفة عن سابقتها وان تستوعب كل القوى وان الضغوط الداخلية والخارجية التي تحيط بها تحتم على السيد العبادي وعلى التحالف الوطني الذي هو الكتلة الاكبر ان ينفذ كل الشروط التي تفرضها هذه القوى ..وخلال اليومين الماضيين انبرت بعض الائتلافات الى تصعيد لهجتها ومطالبها مع اقتراب نهاية المدة الدستورية واطلقت تهديداتها ووعيدها بالانسحاب من المشاورات الجارية والتخلف عن الانضمام لحكومة العبادي وصدرت بيانات عن احزاب وكتل تصر فيها على ضرورة تلبية مطالبها مهما كان الثمن من دون أي مراعاة للاخطار المحدقة بكل مايحيط بالعراق ..وقد نسيت هذه الاحزاب او تغافلت ان السيد العبادي لايحمل عصا موسى حتى يستجيب لكل مايطلبه هؤلاء المستريحون ..والذين لايفكرون سوى بجذب الاضواء والادعاء امام ناخبيهم بانهم جلبوا لهم مالايحلمون به …!!! ولو فكر أحدهم ملياً بانصاف وتعقل وادرك كم هو مقدار الاذى الذي يتركه هذا السلوك وهذا التشبث بالمطالب على مجمل العملية السياسية لتراجع عن ذلك ..ولو تولى احد من هذه القوى الرافضة والممانعة هذا التكليف واوكل اليه مهام تشكيل الحكومة لما استطاع ان يلبي نصف هذه المطالب او هذه الاشتراطات …وانطلاقاً من ذلك على الجميع ان يتروى كثيراً وان يستعيد الضمير وان لاينسى ان الاخرين يجلسون معه على الطاولة نفسها ولهم استحقاقاتهم التي لربما كانت اولى في الاستجابة من استحقاقات غيرهم وان البرنامج الحكومي الذي ينتظره العراقيون لايمكن ان يلبي جميع الاحتياجات في هذه المرحلة في الاقل ولابد من الانطلاق بالممكن والمستطاع من اجل ان تدور عجلة الحياة في العراق ومن ثم يمكن الاستماع الى مطالب جديدة في مرحلة لاحقة يمكن للعبادي وحكومته ان تستجيب لها وهنا لابد لنا ان نتفق مع ما عبر عنه العبادي ولوح به بالمكاشفة والمصارحة امام الشعب عن الذين يريدون تدمير العملية السياسية ويصرون على الفرض والاملاءات في تولي اشخاص غير كفوئين وغير نزيهين الحقائب الوزارية ونطلب من رئيس الوزراء المكلف في الايام المقبلة المزيد من هذه المكاشفة والشفافية في عرض الوقائع والتفاصيل حتى يعرف الجميع ماالذي يجري حقاً ومن هم المسيئون ومن هم الخيرون !.
د.علي شمخي