أحلام يوسف
لكل منا حياته الخاصة التي لا يعرف تفاصيلها سوانا، بعض تلك الاسرار تخص حادثة معينة شهدناها ونحن أطفال او كبار، لكن الخوف منعنا من الكشف عما شهدناه خوفا من ردة الفعل. وبعضها يخصنا نحن ولم نرد اطلاع أحد عليها لسبب او لسبب آخر.
هناك ايضا بعض الزوجات والازواج يكتمون اسرارا تخص حيوات عائلاتهم، ويتعاملون مع الموضوع وكأن الشريك عدو، يجب إخفاء بعض المعلومات عنه، لئلا يستغلها بطريقة بشعة، وعلى العكس من ذلك نجد ان العلاقات الزوجية السوية، والناجحة غالبا ما تكون مفتوحة، وان كانت هناك حدود بين الطرفين فبنحو معين، ولأسباب بعيدة عن موضوع الثقة من عدمها، لان الطرفين هنا يعدان عائلة الشريك، جزءا من عائلته، فما السبب الذي يدعو أحدنا الى التصرف بهذه الطريقة او تلك؟
المهندسة سوزان علي، لديها مكتب هندسي اقتطعته من بيتها، تقول: عندما كنت طفلة سمعت كلاما بين بعض النسوة من اقاربنا يخص امرأة أخرى قريبة لنا أيضا، وبعد ان عّرف ما قيل عنها، اتهموا واحدة أخرى لم تكن بالأصل معهن في اثناء الحديث، على انها هي من تفوهت بالكلام، وقتها كنت طفلة لا يمكن ان افكر بقول الحقيقة ان كانت صادمة، او ان كان احاطها بعض اللغط والمشكلات، لأننا تربينا على الخوف من معظم الأمور الحياتية حتى البسيطة منها، لكني فكرت ان اخبر امي، وبالفعل اخبرتها بحقيقة ما جرى، لكنها انبتني بحجة استراق السمع، ومنعتني من ذكر هذا الموضوع امام احد اخر، والا تعرضت الى عقوبة قاسية! وكانت حجتها باننا لا نريد افتعال مشكلات لا تخصنا من قريب او بعيد. عندما كبرت اخبرت المرأة المتهمة بالموضوع، لكن بعد ان رحلت عن عالمنا اثنتان من النسوة اللواتي القين التهمة عليها.
قول الحقيقة وكشف سر يمكن ان يكون سببا لمشكلة بطرف معين، وحلا لمشكلة بطرف اخر، لذا يحتاج الى شجاعة وثقة، خاصة مع الطفل او المراهق، وهذا دور الاهل، عليهم ان يشجعوا أولادهم على كشف اي سر فيه حقيقة مغيبة، وفيه ردع لتهمة عن بريء، فمشكلة بسبب ذكر حقيقة، اهون من مشكلة تُفتعل بكذبة.
فيما يخص العلاقة الزوجية، هناك اسرار يكتمها الزوجان عن بعضهما فهل هذا امر طبيعي، وصحي، ام انه يشكل عامل خطر على مستقبل تلك العلاقة؟ خاصة بعد ان يكتشف أحدهما ما اخفاه عنه الشريك.
السر حمل ثقيل لا يقوى عليه أي احد، هذا ما ذكرته نهار طه الباحثة بعلم النفس التي اضافت: بالنسبة الى موضوع الأزواج وعلاقة الشركاء، فالسر حمل ثقيل على صاحبه، لكن الامر يتوقف على طبيعة العلاقة بين الزوجين، وعلى الثقة المبنية بينهما، فانا اعرف عدة زوجات عندما أسألهن عن سبب كتمانهن لحدث معين، لا يستحق ان يدرج ضمن الاسرار، ويتعلق بخطأ ارتكبه أحد افراد اسرتها، تقول ان زوجها “يعايرها” بهذا الخطأ فيما بعد، وفي اثناء كل مشكلة حتى وان كانت تخص احد ابنائنا، ويؤنبنها وكأنها هي صاحبة الخطأ، لذلك فهي تجد ان كتمان حياة عائلتها الشخصية، وما يمروا به من احداث اسلم لضمان حياة مستقرة في بيت الزوجية.
وتابعت: مما ذكر يتبين لنا ان طبيعة شخصية الشريك، وطبيعة العلاقة والثقة بينهما، والتي تُبنى على أسس عدة، ترتبط ارتباطا وثيقا بالحدود التي تفصل بين الزوجين، وحجم الاسرار التي يخفونها عن الطرف الاخر، فبالنسبة الي اجد ان الشخص بمجرد ان اختار شريكا لحياته، فهو بذلك أراد من يشاركه حياته الخاصة بكل تفاصيلها، لذا فعلينا قبل كل شيء ان نختار الشريك بتأنٍ.
موضوع الخصوصية، كان وما زال مثيرا للجدل، وأصحاب طرفي المعادلة كل واحد منهما يتحدث حسب تجربته الشخصية، ولا يركن الى المنطق العام، لكن تبقى الثقة بالنفس، والثقة بالطرف الاخر خاصة في العلاقات الزوجية، احد اهم الأسس التي تذوب معها وبها الحياة الخاصة، لتتوحد الحياة والروح، برغم انفصالهما بجسدين.
الحياة الخاصة والأسرار حمل ثقيل على حامله
التعليقات مغلقة