الصراع بين الطيبة والنفاق تحكمه النشأة

أحلام يوسف
يردد الكثير منا في وقتنا الحاضر جملة ان الطيبة في هذا الزمن عيب، حتى بات البعض يدرجها ضمن الصفات المذمومة بحجة ان المجتمع أصبحت مفاهيمه مغلوطة تجاه العديد من المعاني والصفات، من بينها الطيبة.
الطيبة لها دلالات ومعان كثيرة، لكننا هنا نحددها بطيبة الشخص أي الذي تغلب على تصرفاته وافعاله وردود افعاله وعاطفته، فلا يفترض سوء النية في اثناء تعامله مع أي أحد، وبالتالي فهو لا يأخذ الحيطة المطلوبة مع من يتعامل معهم لأول مرة، ما يوقعه في كثير من الأحيان بمأزق، وهنا المشكلة ليست بالطيبة كصفة، لكن بمن يستحق هذا التعامل اللطيف.
يقول مهند الجبوري، ضابط متقاعد: للأسف المجتمع قبل ثلاثين عاما او أكثر كانت تسوده الطيبة والعلاقات الجميلة، لم يكن هناك من يشكك بنوايا الاخر، حتى وان كان غريبا عنه، على عكس ما يحدث اليوم، فحتى الأخ يشكك بنوايا أخيه، لان الزمن زمن المصالح، التي طغت على أي علاقة أخرى، انا وبسبب تعاملي بطيبة مع الاخرين تعرضت الى صدمات كثيرة، واحزان أكثر، والمشكلة انني لا أستطيع ان اغير من طبعي هذا برغم يقيني انه خطأ في هذا الزمن.
الطيبة بغض النظر عن نتائجها تبقى صفة جميلة وميزة لا يتصف بها الجميع، تقول عشتار مشني الباحثة بعلم الاجتماع والتي تقيم في المانيا: الطيبة احدى الصفات التي يثار بشأنها الجدل، فهناك من يجد انها سذاجة وتحديدا في وقتنا الراهن، وهناك من يجد انها تنبع عن رهافة حس، والرأيين بناها أصحابها على أساس تجارب حية مروا بها، لكن علينا لا ان نرسم صورة ونشكلها حسب تجربة شخصية، هناك ثوابت، ومعان مطلقة، يجب ان يشوبها اللغط، فهل يمكن ان أقول ان الكذب والنفاق صارا محمودان لأني من خلال تجربة شخصية وجدت ان من نافق وكذب تبوأ منصبا اعلى مني؟ بالتأكيد لا، هناك أوضاع تنقلب بها نتائج الموازين والمعادلات بسبب خلل اداري، ومؤسساتي، اوسياسي، فنحن نعطي المعنى لكل صفة بالمطلق، أي بالوضع الطبيعي، فلا يمكن ان أسبغ أي معنى لأي صفة في ظل وضع شاذ.
الطيبة، الصدق.. الوضوح. صفات رائعة، ولا يمكن ان أصف مجتمعا بأكمله بإحداها، ففي كل زمان ومكان هناك متناقضات بشخصيات الافراد في المجتمع، فلا يوجد شيء اسمه زمن الطيبة، او زمن النفاق، لان الاخلاقيات تبنى على أسس عدة أهمها وعلى رأسها العائلة التي ينشأ بها الطفل، والبيئة الاجتماعية التي تحيط به.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة