نينوى – خدر خلات:
برغم ان قوات البيشمركة الكردية وبالتنسيق مع قوات عراقية والطيران الاميركي تفرض سيطرتها على سد الموصل (50 كلم شمال غرب الموصل) منذ نحو 10 ايام، الا ان سد الموصل عاد لصدارة اهتمام وسائل اعلام عراقية ودولية اعادت الاهتمام بسد الموصل بعدما نشرت احدى وكالات الانباء العراقية خبرا، اول امس الثلاثاء، ظهر انه لا يمت للحقيقة بصلة، وادعت ان تنظيم داعش اعاد سيطرته على سد الموصل بعد اسر 200 عنصر من قوات البيشمركة.
“الصباح الجديد” حاولت تسليط الضوء على المعارك والاحداث المتعلقة بسد الموصل وتبادل السيطرة عليه بين داعش وقوات البيشمركة المسنودة بالطيران الاميركي.
داعش سيطر على سد الموصل بعد مقاومة شرسة
بعد أن بسط داعش سيطرته على مركز مدينة الموصل في العاشر من حزيران الماضي، احتاج الى شهرين تقريبا لاعادة تنظيم صفوفه لتتلاءم والواقع الجديد، قبل ان يشن هجوماً واسعاً على مناطق وبلدات مجاورة لمدينة الموصل.
وبدأ التنظيم هجومه في الثالث من آب الجاري، وسيطر على ناحية زمار وقضاء سنجار (غربي الموصل)، ثم شن هجوماً واسعاً شرق الموصل وشمالها، ونجح في بسط سيطرته على اجزاء من قضاء قرقوش وناحيتي برطلة وبعشيقة شرقاً، وقضاء تلكيف وناحية وانة شمالا، مقتربا بذلك من اكبر واهم منشأة حيوية في محافظة نينوى، الا وهي سد الموصل.
واجه التنظيم مقاومة شرسة من قوات البيشمركة المكلفة بحماية السد، واستمرت المعارك 4 ايام متتالية قبل ان تضطر البيشمركة الى الانسحاب بسبب التباين في نوعية الاسلحة التي يمتلكها الطرفان، حيث فوجئت قوات البيشمركة بالاسلحة المتوسطة والثقيلة والمدرعة التي بحوزة تنظيم داعش، كما قال ضابط في قوات البيشمركة لـ “الصباح الجديد”.
لم يهنأ داعش بسيطرته على سد الموصل كثيراً، يقول لنا الضابط الذي يحمل رتبة نقيب في قوات البيشمركة، والذي طلب عدم الكشف عن اسمه، واضاف “بدأت الاتصالات بين قيادة الأقليم والحكومة العراقية والبنتاغون فور انسحاب البيشمركة من السد، وكان القرار استعادة السيطرة عليه باسرع وقت ممكن”.
واضاف ان “البيشمركة تعاني من نقص الخبرة في مكافحة العبوات الناسفة والمفخخات، والتي يلجأ اليها تنظيم داعش لتحصين مواقعه عقب سيطرته على اية منطقة، ولهذا تم نقل قوات عراقية مختصة بهذا الشأن من بغداد الى اقليم كردستان جوا، فيما بدأت الطائرات الاميركية تحلق فوق السد لتحدد اهدافها، بينما اعادت قوات البيشمركة انتشارها وعززت قواتها بنحو 4 الاف مقاتل من قوات النخبة”.
وبحسب المصدر ذاته فانه “بعد مضي 10 ايام على سيطرة داعش على السد، وفي يوم 16 من الشهر الجاري، تقدمت قوات البيشمركة بعد تزويدها بالاسلحة الثقيلة والمدرعات، والمعززة بغطاء جوي امريكي، تتقدمها قوات عراقية متخصصة بابطال مفعول العبوات الناسفة وعددها بنحو 50 فريقاً، الى منطقة بدرية المتاخمة للسد”.
واستطرد بالقول “كل الاهداف كانت مرسومة وكان لدينا تصور واضح عن نقاط قوة وضعف العدو وتجمعاته، وتقدمنا ليلة 17 من آب وتم تسريب اخبار متعمدة للعدو من ان ساعة الصفر هي منتصف الليل، وهي خطة عسكرية تقليدية، الامر الذي ادخل عناصر التنظيم باقصى درجات الحذر والانذار، وظلت عناصره ساهرة طوال الليل تترقب الهجوم المزعوم، في حين كانت قواتنا والقطعات المساندة لها تنعم بالنوم والهدوء”.
واوضح ان “ساعة الصفر الحقيقية كانت في الخامسة فجراً من يوم السابع عشر من آب، وبدأت الطائرات الاميركية بدك اهدافها بشكل عنيف ومكثف، فيما تقدمت قواتنا من ثلاثة محاور باتجاه الهدف، حيث بدأ الهجوم على السد من الجهات الشمالية والشرقية والغربية، وفوجئ العدو الذي توقع ان الهجوم سيكون من الجهة الشمالية للسد حيث كان قد وضع خيرة قواته ومدرعاته”.
وتابع “الارهاق كان قد اصاب عناصر التنظيم بسبب سهرهم طوال الليل، وكثافة النيران جعلتهم يفرون كيفما اتفق، والمقاومة الوحيدة التي جابهتنا كانت قرب جسم السد، حيث تحصن بعض القناصة في التلال القريبة منه، لكنهم لم يقاوموا اكثر من خمس دقائق قبل ان يلوذوا بالفرار بسبب ان الهجوم كان من ثلاثة محاور وتداعت خطوطهم بشكل سريع”.
وزاد بالقول ” تم فرض سيطرتنا بالكامل على السد في العاشرة صباحاً، أي ان المعركة استمرت خمس ساعات لا اكثر”.
وحول الخسائر في الطرفين، اشار الضابط الكردي الى ان “داعش تكبد اكثر من 100 قتيل، بضمنهم ارهابيون من جنسيات عربية واجنبية، ورأيت بأم عيني اشلاء بعضهم، رأس ممزق هنا، وساق هناك، وذراع هنا وهكذا، كما استعصى علينا معرفة نوع بعض آلياتهم التي قصفتها الطائرات الاميركية بسبب الضرر المدمر الذي حاق بها”.
وعن خسائر البيشمركة قال “خسرنا 8 شهداء ومثلهم من الجرحى فقط”.
ويقع سد الموصل الذي يعد من اكبر سدود العراق، على مجرى نهر دجلة على بعد 50 كم شمالي مدينة الموصل، وانتهت أعمال إنشائه عام 1986 من قبل شركتين ألمانية وإيطالية التي قدرت عمره بنحو 80 عاماً، ويبلغ طوله 3.2 كيلومتر وارتفاعه 131 متراً، ويعد أكبر سد في العراق ورابع أكبر سد في منطقة الشرق الأوسط.
ويعاني السد من مشكلة تآكل الأرضية التي أنشئ عليها كونها غير صالحة لإنشاء السدود عليها، ما يتطلب تقوية أسسه يومياً عبر التحشية والحقن بالكونكريت للمحافظة على جسم السد من الانهيار.