كشفت استضافة البرلمان الاخيرة لعدد من المسؤولين والضباط العسكريين في القوات المسلحة للتعرف على حقيقة ماجرى في قاعدة (سبايكر) في محافظة صلاح الدين عن خواء كبير في البنية الادارية للدولة العراقية على المستويين العسكري والمدني مثلما كشفت عورة من عورات الامن الوطني عامة وفقدان القدرات اللوجستية لتحقيق شكل من اشكال سيادة الدولة على مستوى المؤسسات والافراد ..ومن يتفحص الهيكل العام للوزارات العراقية والدوائر التابعة لها سيجد عناوين واسعة ومتعددة كان يفترض انها معنية بحماية العراقيين ومؤسساتهم المختلفة وتقع على عاتقها توفير قاعدة بيانات مناسبة للاشخاص والممتلكات بما يؤمن الحفاظ عليها في مختلف الظروف .. واذا بحثنا وتتبعنا في انجازات وجهود دول اخرى اجتهدت وحرصت على بناء وتطوير قدراتها العسكرية عامة والامنية خاصة سنجد ان مفهوم الامن لديها يتعدى مواطني تلك الدولة وصولا الى تتبع ومراقبة اشخاص دول اخرى يعملون فيها او لديهم مصالح معها اويدخلونها لاغراض السفر وهنا يتشابك عمل المؤسسات الامنية والعسكرية وتتعاضد مهامها وادوارها من اجل هدف اسمى هو حماية الامن القومي والوطني لتلك الدول ..وفي اكثر من حدث امني او عسكري يتعلق بالنزاعات المسلحة والصراعات الداخلية والخارجية وماينجم عنها من عمليات خطف او قتل او فقدان للاشخاص يشاهد الملايين من العالم كيف تستعرض وسائل الاعلام المسار الذي ادى الى قتل هؤلاء الاشخاص او خطفهم والجهات المشتبه بها في ارتكاب هذا الجرم وهناك من الدول من يزود المؤسسات الاعلامية بتفاصيل اوسع وادق تتعلق بالحياة الشخصية لهؤلاء الاشخاص واتجاهاتهم السياسية وحياتهم الاجتماعية وحتى هواياتهم الشخصية اعتمادا على قاعدة البيانات المتوفرة في مؤسساتها الادارية والعسكرية والامنية وحتى الاعلامية ..ومن اطلع على تفاصيل عملية اختطاف وذبح الصحفي الامريكي من قبل تنظيم داعش في سوريا سيجد ان معلومات موسعة تم الدفع بها الى الراي العام العالمي والامريكي تناولت بالتفصيل قصة دخول هذا الصحفي الى سوريا وكيف تم اختطافه والصحفيين الذين كانوا برفقته والمكان الذي اختطف فيه وشهادات زملائه اثناء عملية الاختطاف والاكثر من ذلك ان بريطانيا اعلنت وعلى لسان رئيس وزرائها انها تعمل جاهدة لمعرفة الشخص الملثم الذي وقف الى جانبه واقدم على تنفيذ عملية ذبحه في المشاهد المصورة التي بثها التنظيم الارهابي والتاكد من هويته لانه تحدث باللغة الانكليزية وبلكنة بريطانية ومثل ذلك فعلت دول اخرى تعقبت خاطفي مواطنيها او مرتكبي جرائم القتل على اراضيها او اراضي دول اخرى ..فلماذا صمتت حكومتنا كل هذه الايام وامتنعت عن تقديم الاجابة لمناشدات وتوسلات عوائل الضحايا في قاعدة سبايكر الذين لم تنم لهم عين منذ سماعهم بانباء فقدان ذويهم او قتلهم مع عدم وجود اي اتصال معهم .. ان الحقيقة المرة التي قد لايخالفنا الكثيرون في قولها تؤكد وجود ترهل الكبير في مؤسسات الدولة العراقية وفي ظل هذا الترهل لم يكن احد يتوقع من اللجنة العسكرية التي استضافها البرلمان ان تاتي بالجديد او المهم الذي يجيب على اسئلة ذوي الضحايا او اسئلة العراقيين عامة ومن دون الالتفات لهذا الخواء وهذه الثغرة الكبيرة ومن دون اعادة النظر ببناء المؤسسات العسكرية والامنية فان امن ابنائنا وحمايتهم ومعرفة مصيرهم سيبقى معلقا حتى يحدث حال اخر في هذه البلاد …!!!
د.علي شمخي