في الوقت الذي أصبح فيه “الجدار الحر” في موقع “الفيسبوك “.. يحتل مساحة واسعة من أوقات فراغ الكثير من البشر في أصقاع الدنيا.. حتى وصل الأمر بالكثير منهم الى إدمان التواجد على هذا الموقع الذي وفر مساحات كبيرة للتعبير عن آرائهم في أجواء من “الديمقراطية” التي حُرموا منها طيلة العقود الماضية،لذا نجد أن “الفيسبوك” يحمل يومياً ما لذ وطاب من المشاركات والكتابات والتعليقات وإشارات الإعجاب والصور ومقاطع الفديو وغيرها.
الأحداث في بلدنا والمنطقة والعالم باتت تلقي بظلالها على محتويات هذا الجدار الذي يتيح للجميع ممن يمتلكون صفحات في هذا الموقع، سواء بأسماء حقيقية أو مستعارة، النشر بمجرد الضغط على زر ” نشر ” من دون حسيب أو رقيب.. أي أن المواد المنشورة تأتي إليك من المخ أو العقل مباشرة ” fresh ” وطازجة.. وبالتأكيد فإن المحتويات والأفكار المنشورة تعبّر عن آراء وقناعات وأمزجة أصحابها… هناك من يمتلك الشجاعة والثقة من خلال التعريف بشخصيته وصوره وعنوانه وهناك من يرتدي “طاقية الإخفاء” ليتخفى وراء أسماء مستعارة أو من خلال انتحال شخصيات وصور وهمية للمشاهير من نجوم الفن والرياضة والسياسة.. ولا تستغرب إن اكتشفت يوماً أن الكثير من هؤلاء وخصوصاً من أصحاب “الشوراب” النضالية الطويلة التي كانت تهتز لقضايا الامة المصيرية.. يتخفون وراء صورة فتاة جميلة أو مراهقة تحمل مواصفات ” قمر 14″ وكما يقولون تعددت الشخصيات الوهمية والهدف واحد !
هناك .. من يجد موقع “الفيسبوك” فرصة للتواصل والتعارف، وهناك من يجده فرصة للتسلية وقتل وقت الفراغ، وهناك من يجده ساحة لتبادل الأفكار والثقافات، وهناك من يجده فرصة للعبث واللعب، وهناك من يجده فرصة لنقل الفايروسات الضارة، وهناك من يجده ملعباً أوساحة لممارسة رياضة “مصارعة الثيران” أو “قتال الديكة” ، أو نشر الأمراض الطائفية المزمنة !
وبين هذا وذاك نجد أن البعض من الأصدقاء يعتقدون بأن “الفيسبوك” هو كافتريا أو مطعم متنقل.. يلبي رغباتهم وشهواتهم على مدار اليوم.. بحيث لا يترددون في التعبير عن عشقهم للأكلات والأطعمة وإطلاق نداءات استغاثة في ساعات الليل أو عندما يأتي المساء كما يقول الموسيقار الراحل محمد عبد الوهاب .. فأحدهم يناشد أصدقاءه..عاجل عاجل… يطلب أن يدلوه أو يرشدوه في هذه الساعة الى أقرب محل لبيع الفلافل والعنبة لأنه جائع.. ولا يستطيع النوم إلا إذا تناول لفة أو لفتين من الفلافل، وآخر يقول إنه يفكر الآن بـ ” زنود الست” الحارة بالدهن الحر والفستق الحلبي ويطلب المساعدة من صديق، وآخر يقول إنه يرغب بالجلوس قرب عربة المشويات.. لتناول نفر معلاك مع الطرشي !
أما أيام الجمع والعطل والأعياد فحدّث ولا حرج.. إذ يتلقى الأصدقاء دعوات ” نظرية ” كثيرة لتناول الفطور الصباحي من خلال نشر عشاق “الكروش” لصور أطباق “قيمر السدة مع العسل” أو تناول “الكبة البغدادية” مع الصمون أو “ثريد الباقلاء” بالبيض والبصل الأخضر .. وفق نظرية ” خلي ياكلون ماطول خالهم طيب ” !
وهناك نوع آخر من الأصدقاء ممن عُرفوا بالكرم الحاتمي الفيسبوكي.. فمنهم من ينشر صوراً لأطباق “البرياني ” أو “السمك المسكَوف” أو المشويات مع المقبلات.. ويطلب من الأصدقاء مشاركته في تناول “الصورة” عفواً المشويات المنشورة .. لأنه أرفق الصورة بالتعليق التالي: “تفضلوا.. اخوان خوش كباب ” !
وإذا ما قارننا هذا الواقع بالتطورات على الساحة السياسية سنجد أنه لا يختلف كثيراً.. من الخلافات والمساومات والمزايدات والصراعات على حساب الدم العراقي.. ناهيك عن استعار حرب التصريحات التي تتصدر المشهد السياسي.. وهنا.. ليس لنا إلا أن نقول: “اخوان تفضلوا .. خوش تصريخ … عفواً ” خوش تصريح ” !
- ضوء
هناك .. فرق بين من يؤوي نازحاً .. ومن يؤوي قاتلاً !
عاصم جهاد