بمبادرات شبابية
نينوى ـ خدر خلات:
ضجيج الاطفال واصوات الفرح تتعالى في ساحات محدودة في المدينة القديمة في ايمن الموصل حيث مراجيح العيد ودولاب هواء قديم جدا يدور بجهد بشري بالقرب من خرائب وانقاض ناجمة عن عمليات تحرير المدينة من براثن تنظيم داعش الارهابي، فيما المئات من شباب الجانب الايسر توافدوا على منطقة الدواسة (القلب التجاري للموصل القديمة الى جانب منطقة الدواسة) في سبيل التسوق ودعم اصحاب تلك المحلات التجارية.
بمبالغ زهيدة لا تتجاوز الـ 250 دينار يجلس الاطفال في مراجيح العيد لاوقات قصيرة، بملابس جديدة وزاهية، فيما عشرات الاطفال ينتظرون ادوارهم واخرين يدورون في دولاب هواء بدائي مصبوغ حديثا ويستع لاربع اطفال لا اكثر، ويدور بقوة احد العمال الذي يمتلك بنية قوية.
يقول العم ابو فواز، الذي ينظر بفرح الى بهجة الاطفال في حديث لـ “الصباح الجديد” ان “مظاهر العيد خجولة جدا، بسبب الخراب والدمار والنزوح وتفرّق العوائل، والناس لديهم شهداء ومفقودين ومعوقين وبيوت بعضهم مدمرة بالكامل او جزئيا”.
واستدرك “لكن للعيد طعم خاص في المنطقة القديمة في الموصل، وانتم ترون هؤلاء الاطفال الذين يبتهجون بهذا العيد رغم كل المنغصات، والحياة يجب ان تستمر بالرغم من ان الانقاض والخرائب لا تبعد عنا سوى عشرات الامتار”.
وفي جانب الشارع كان هنالك بائع المثلجات يبيع (الدوندرمة) و (الموطا) لعشرات الاطفال الذين تجمعوا حوله واصواتهم تطالب بحصولهم على ما يبتغون من تلك المثلجات وسط درجات الحرارة المرتفعة نسبيا.
مبادرة شبابية من ايسر المدينة لدعم ايمنها
واستغلالا لبعض تقاليد العيد الشعبية والاجتماعية، وخاصة التسوق وشراء الملابس الجديدة ، اطلق ناشطون موصليون مبادرة لشراء الملابس الجديدة وبعض الاحتياجات الاخرى من اسواق الجانب الايمن، لدعم اصحابها وتنشيط الحركة التجارية اليت اصابها الوهن عقب عمليات التحرير,
يقول الناشط الشاب ثامر سالم البجاري لـ “الصباح الجديد” نحن مجموع من الشباب الموصلي، اغلبنا يسكن ايسر المدينة، وبعضنا اصلا من احياء الجانب الايمن، اطلقنا مبادرة تتضمن تشجيع الشباب على التسوق من اسواق الجانب الايمن وخاصة من منطقة الدواسة، والان ترون هذا الزحام الجميل الذي لم تشهده منطقة الدواسة منذ سيطرة داعش على المدينة ولحد الان، اي لم نرى هكذا زحام منذ عام 2014″.
واضاف “نحن نرغب ان ينشط الواقع التجاري، وندعم اصحاب هذه المحلات الذين افتتوحوا محلاتهم وعمروها على نفقتهم الشخصية، وبلا شك انهم بحاجة لتصريف بضائعهم، ويمكننا ان نساعدهم جزئيا بمبادرتنا هذه”.ط
ولفت البجاري الى ان “الوضع الامني جيد جدا، وهنالك تعاون ممتاز من قبل الاهالي معها، لكن هنالك مشاكل وازمات تعاني منها عموم الموصل، ونحن كمجموعة شبابية قررنا ان نساهم بتخفيف احدى هذه الازمات من خلال تشجيع الاهل والاصدقاء على التسوق من اسواق الدواسة”.
مبينا انه “لا يجوز ان نعتمد على الجهد الحكومي الذي هو بالاصل (تعبان)، لان من يعمل بالسياسة مشغول بامور تشكيل الحكومة ويبحث عن منصب له، اما نحن كاناس بسطاء ومن ابناء هذه المدينة بتنا ندرك ان الانتظار لن ينفع احدا وان انقاذ المدينة يقع على عاتقنا دون غيرنا”.
ودعا البجاري “التجار الى تخفيض الاسعار وان تكون ارباحهم هامشية لمراعاة الاوضاع الاقتصادية لاهالي المدينة، حيث الالاف بلا رواتب وهنالك بطالة متفشية بوسط الشباب، ويمكننا ان نتعاون على تخطي هذه الصعاب تدريجيا كي تستعيد الموصل عافيتها”.
وكان المئات من الشباب الموصلي قد توجهوا صوب سوق الدواسة الشهير في ايمن المدينة للتبضع من محلاتها، وكان اخرين يجلسون في المقاهي لاحتساء الشاي والمشروبات الباردة والمنعشة، فيما حركة السير والزحام تؤكد ان الموصل تتعافى ولو بشكل بطيء مما اصابها عقب سيطرة تنظيم داعش عليها وطرده منها، لكن على الجهات الحكومية ان تضاعف من جهودها في المساهمة باعمار الموصل، وتنشيط الواقع الاقتصادي الذي اصابه الركود، وتضرر نتيجة ذلك عشرات الالوف من العوائل في عموم محافظة نينوى.