زاوية رقم واحد
سمير خليل
فضاء واسع، موسيقى طقسية، حارس يرسم حلبة من خيوط، يتحرك داخلها، يخرج بين آونة وآونة اخرى الى زاوية صغيرة، زنزانة صغيرة، جدرانها من خيوط أيضا.
يبعثر قطعا حديدية على ارض الحلبة، يغتسل بالماء، يسكبه في صحن معدني، يغير ملابسه، يخلع زيا اسود، ويرتدي بنطالا وقبعة عسكرية، يولج بابا في خيمة، يتبعه الجمهور، ممر بأرضية من الاسفنج، الفضاء والارضية داخل الممر حمراء قاتمة.
يدخل الجمهور الى صالة مظلمة، ومع الموسيقى تنفتح حزمة ضوء صغيرة وتبدأ الحكاية، هذا هو الجو الطقسي لمسرحية (زاوية رقم واحد) التي احتضنتها قاعة مدينة الفن في بغداد، وقدمتها جمعية محيط الفن، لمؤلفها ومخرجها وأحد مجسدي العرض، الفنان علي دعيم في اطار مسرح (الكيروغراف)، او(الدراما دانس) الرقص المسرحي.
العرض كان جميلا، شد الجمهور برغم ان الحوار كان بأجساد طيعة مرنة، استعاض العرض بها عن الحوار المحكي.
جسد شخصيات هذا العرض، ممثلون شباب هم: زين العابدين علي، ومرتضى علي، ومصطفى نبيل، وفكرت حسين، واسعد ماجد، وعبد الله سعدون، وستار فليح، إضافة للمؤلف المخرج علي دعيم الذي التقيناه ليوضح لنا ابعاد هذا العرض الجميل، والغريب فقال:
-“انا اعمل برسائل مفتوحة ولا اعمل برسالة واحدة. عنوان مسرحيتي (زاوية رقم واحد)، لكنني تناولت عدة زوايا، زاوية إنسانية، وزوايا الحياة، وربطت ما بينها، فمكان العرض (المعتقل)، زاوية لاضطهاد الانسان. الحارس الذي رأيتموه في افتتاح العرض كان في زاوية الاستهلال، الممر القاتم، زاوية في الذاكرة، وهناك الشيطان الذي يسيطر على كل الزوايا، اذن المحور، زوايا الخيال”.
وكيف توصل أفكارك هذه؟
-“تبنينا نهجا مسرحيا حديثا هو (الكيروغراف) او الرقص المسرحي الذي يعتمد التصميم الحركي، عوضا عن الحوار، ربما همهمات فقط، وحركات مسرحية قاسية، مسرح قسوة. ثلاثة أشهر من التدريب الشاق، وكنت انا المخرج ومصمم الحركات الراقصة.
ويضيف دعيم الذي يحمل شهادتين من معهد وكلية الفنون الجميلة في بغداد: “لدي عدة اعمال في الإطار نفسه، وعرضت اعمالٍ في دول أوروبية، بلجيكا، وسويسرا، والنمسا، وفرنسا.
وتابع: لدي عمل بعنوان (امونيوم) عرضناه العام الماضي في منتدى المسرح ببغداد، ومسرحية (جيرك) التي عرضناها على خشبة المسرح الوطني عام 2015 ومسرحية (اصوات من هناك) والتي عرضناها مع مسرحية (امونيوم) في أوروبا.
حصل دعيم العام الماضي على جائزة أفضل مخرج في مهرجان قرطاج عن مسرحيته ) سالب)، الذي قال: ما يحفزني على الابتكار والتواصل، الجمهور الذي يتابع ويتذوق ما نقدم له. نحن نعمل ضمن جمعية محيط الفن السويدية، إضافة الى بعض المسارح والشركات الداعمة لنا “.
الفنان الدكتور عقيل مهدي والذي حضر العرض ايضا قال: عروض الجسد والايماءات بدأت تنمو وتتطور عبر أكثر من اتجاه بفضل فنانين شباب، يبحثون عن المغايرة من خلال تشكيلات الجسد، وتوظيف الموسيقى والمؤثرات والاغنية الطقسية. العرض اليوم فيه من الطروحات على مستوى الثيمة، وتركيب الشكل، والتكوين الحركي والايقاعي، الكثير من التشويق برغم استعماله لآلية التكرار، وهذه من متطلبات مسرح ما بعد الحداثة، الذي يلغز الموضوع، ويترك للمتلقي فضاءً واسعا من التفسير والتحليل حسب قدراته على المشاهدة، هكذا عروض مهمة جدا، لأنها باتت تمثل استجابة لضرورة فنية في هذا الاطار”.
عرض يعتمد الجسد ويستغني عن الحوار بالرقص المسرحي
التعليقات مغلقة