لاادري لماذا يعتقد الكثير من المسؤولين انهم يتحدثون امام جمهور غبي، حتى وصل امر الاستغباء الى مجلس النواب ممثل الشعب المفترض..
فحين يستدعي أو يستضيف البرلمان القادة العسكريين “للاستفهام” منهم عن مسؤولية جريمة العصر التي حدثت في قاعدة سبايكر والتي راح ضحيتها نحو الف وسبعمائة جندي ، من المفترض ان تكون الاجوبة واضحة وشفافة وتؤدي الى وضع الاصبع على الجرح كما يقال، وتحديد مسؤولية الدم والضحايا ..
ولكن ماذا حصل ؟
القادة الذين حضروا الى البرلمان يوم السبت “لكشف الحقائق” لم يكن اي منهم ، لافي ساحة الجريمة ولا قريبا منها، والمسؤول الاول وزير الدفاع وكالة لم يحضر لانشغاله في القتال كما قال الناطق الاعلامي الحاضر، والنتيجة ان مجلس النواب الذي حول “الاستفهام” الى جلسة سرّية ، خرج ليس فقط غير مقتنع بالاجوبة ، بل انه وجد نفسه امام اناس يتحدثون عن قضايا لاتحدد ولا تساعد على تحديد مسؤولية ما جرى !!
وهذا كلام قاله اكثر من نائب بعد الجلسة السرية التي اصبحت علنية بعد ساعات من انعقادها بفعل التسريبات الى وسائل الاعلام ..
وكان من المفترض على رئاسة البرلمان ان ترفض الاستجواب او الاستفهام، وهي ترى مهزلة ان الذين حضروا لم يروا شيئا وليس من قادة الصف الاول ولا وثائق لديهم تدين او تشير أو تلمح الى المسؤول الاول او الثاني عن الجريمة ..
المجرم معروف لكننا نبحث عن المسؤول والمسبب !!
احد القادة نفى وجود طلاب من القوة الجوية في القاعدة وكأننا نبحث عن جنس الضحية واسمها ، 1700 جندي عراقي سواء من القوة الجوية او البحرية او من المشاة فدمهم واحد وكارثتهم واحدة..
من المسؤول عن الذي حدث ؟ هذا هو السؤال المهم الذي لم يجب عليه اي من القادة الذين حضروا الى جلسة الاستجواب السرّية !!
نائب نقل عن قائد عمليات صلاح الدين الفريق علي الفريجي قوله “ان القيادة العسكرية لم تبلغ اي جندي بامر الانسحاب ومن غادر القاعدة فقد غادرها على مسؤوليته الشخصية ومنتسبو الاستخبارات حاولوا منع الجنود من مغادرة القاعدة لكنهم لم يتمكنوا من السيطرة عليهم”.
عند هذه النقطة يجب ان يتوقف البرلمانيون ، وان بفتحوا ملفا جديدا عن طريقة بناء الجبش العراقي ، الذي يتسرب عناصره بالمئات ، من دون اوامر وعلى “مسؤوليتهم الشخصية” و”لم يستطع احد منعهم” !!
على وفق هذا المنطق فان المسؤول عن الجريمة هم الجنود انفسهم الذين تصرفوا على هواهم ومسؤوليتهم الشخصية تاركين سلاحهم خلفهم وفي مشاجبه ليلاقوا مصيرهم على ايدي قتلة داعش !!
من قصص الحرب العالمية الثانية ، ان قائداً عسكريا بحريا يابانيا بعد ان ضربت الطائرات الاميركية سفينته الحربية وتعرضت الى الغرق وسط المحيط ، أمّن لجنوده طريق النجاة ، وبقي وحيدا على سطح سفينته التي كانت تغرق بهدوء ،وعندما طلب منه احد الجنود ان يلتحق بهم قال له “ليس من حقي ان اقودكم ثانية بعد ان تسببت بهزيمتكم” .
وغرق الرجل مع سفينته لكنه ترك لاجيال الجيش الياباني مثالا للقائد العسكري المهني الشجاع والمسؤول ..
واللبيب من الاشارة يفهم !!