هل نجح العراقيون في استيعاب الصدمات وهضم الانفعالات وتقويض مرامي الفتنة …؟!! اكثر من عشرة سنوات مرت على سقوط النظام السابق استثمر فيها كثيرا مروجي الفتن ومشعلو الحرائق من اجل احداث التقاطعات بين مجمل الطيف العراقي وتنوعت اشكال واساليب تثوير الانفعالات بموازاة الشحن الطائفي وبتوفر حواضن الاعلام وتطور وسائل تكنولوجيا الاتصال وتوظيفها في بث الدعاية والاشاعة والحرب النفسية …!!واذا درسنا بتمعن مسيرة التغيير في العراق والتعثر المتتالي في صنع الديمقراطية ستتوفر لنا اوعية كثيرة هي نتاج انفعال رموز وقادة وساسة عراقيون استجابوا لضغط وافعال الطرف الاخر الذي عول ويعول كثيرا على سلاح الاستثارة والانفعال في تغيير مجريات العملية السياسية برمتها وتوجيهها نحو نشر الفوضى ووتوفير السبل والاجواء لتنفيذ عمليات الارهاب ..!! ويمكن القول ان عدد قليل من هؤلاء الرموز والقادة السياسين قد احاط وتحوط من هذا الوضع وادرك مرامي من يدفعون بالانفعال ليكون محركا للاحداث في العراق ولولبا لها …!! ولولا هؤلاء الرموز والقادة لعصفت احداث كثيرة في هذه البلاد واحرقت اجزاء واسعة منها واهلكت الملايين ويمكن هنا الوقوف جليا عند موقف المرجع السيستاني عقب تفجير المراقد المقدسة في سامراء ..وقبل ايام شكلت الجريمة البشعة المتمثلة بقتل المصلين في جامع مصعب بن عميراختبارا عميقا للقادة السياسين الجدد الذين يستعدون ويتعاونون لصنع حكومة جديدة في العراق وكان متوقعا من ان تدفع هذه الجريمة الى المزيد من الانقسام والتباعد والتفاطع وايقاف عجلة هذا التعاون والاستعداد لتشكيل الحكومة اتساقا مع الاحداث الماضية التي شهدتها البلاد واعتاد العراقيون من خلالها على مشاهدة ردود الافعال والاستقطاب الطائفي والقومي والمذهبي والحزبي بما يؤدي الى انتشار الفوضى وشلل العملية السياسية ..الا اننا ولاول مرة وجدنا تعاطيا جديدا لربما اختلف كثيرا عن مشاهد التعاطي في الرئاسات الثلاث السابقة تمكن من خلالها سليم الجبوري رئيس البرلمان من التيقظ والانتباه واحسن التدبير في نزع فتيل الانفعال وتجريد اسلحة الاستثارة من اهدافها التي حاولت بعض الاطراف التواصل معها مثلما تصيدتها بعض القنوات الفضائية وحاولت تمرير رسائل من خلالها الى جمهور متنوع كان يتلقى هذه الرسائل مع وجود علامات استفهام كثيرة حولها والى جانب الموقف الايجابي للجبوري تناغمت مواقف اطراف اخرى في التحالف الوطني والتحالف الكردستاني وبعثت مظاهر التهدئة والاحاطة بهذه لجريمة وتقويض اثارها ونتائجها الى اقصى حد رسائل ايجابية تشي بان العراقيين استوعبوا الدرس هذه المرة وبانت ملامح النضوج في ردود افعالهم المتبادلة ..ومالم يوطن هؤلاء الساسة انفسهم وثقافاتهم لاحداث اكثر جسامة قادمة ندعو الله كثيرا ان لاتحدث فانهم لن ينجحوا في قلب المعادلة والطاولة على رؤوس موقظي الفتن ومشعلي الحرائق …!!
د.علي شمخي