موصليون مهانون يترقبون ساعة الخلاص: لم نرحب بداعش

نينوى ـ خدر خلات:

كثرت الاخبار التي تتداولها وسائل الاعلام المحلية والدولية حول ما يجري في مدينة الموصل مما جعلت غالبية القراء والمتابعين يصنفون معظم تلك الاخبار في خانة “الشائعات” او الاخبار غير موثوقة المصادر.
“الصباح الجديد” سعت الى ابراز حقائق ما يحدث في الموصل، والتفريق بين الشائعات، وبين الوقائع الحقيقية لما يحصل في المدينة التي يسيطر عليها مسلحو داعش منذ أشهر.

لم نرحب بـ “داعش”
ونحن مغلوبون على امرنا
يقول اعلامي موصلي، طلب عدم الكشف عن اسمه ، والاكتفاء بلقب “ابو ميسرة” في حديثه لـ “الصباح الجديد” ان “اهل الموصل لم يرحبوا بدخول عناصر داعش للموصل، وان ما تعرضه بعض شاشات التلفزة لحفنة من الصبيان يستقبلونهم، لا يمكن اعمامه على مليون ونصف المليون انسان ممن يقطنون بالمدينة المنكوبة”.
واضاف “لا يمكن ان ننكر انه كان هناك جفاء بين اهل الموصل والجيش العراقي، وسبب ذلك يعود الى الخلافات بين السياسيين والصراع الاقليمي، وكان اهل الموصل هم الضحية، لان اهاليها كانوا يعانون من التفجيرات والاغتيالات ودفع الاتاوات، ليس للمسلحين فقط، بل للعديد من ضباط الجيش العراقي الذين كانوا يعتقلون العشرات من الابرياء ولا يطلقون سراحهم الا بعد دفع مبالغ طائلة”.
ابو ميسرة يرى ان “المواطنين في الموصل الان يتمنون ان يكون هناك تغيير وخلاص من المسلحين وهذا دليل على انهم لم يرحبوا بهم في البداية”.
ويستدرك بالقول “لكن في الوقت نفسه هناك خوف حقيقي من وقوع اعمال انتقامية من قوات الجيش والبيشمركة او من اية قوى اخرى عند تطهير الموصل، بسبب تلك الاتهامات”.
وحول الاخبار التي تثار عن وجود جماعات مسلحة بدأت تستهدف عناصر داعش، افاد بالقول “لا يمكن لاحد ان ينكر وجود مثل هذه الاعمال، لكنها اقل مما تتداولها وسائل الاعلام”.
وتابع ان “الجيش العراقي وقياداته يتحملون مسؤولية ضعف المقاومة في استهداف عناصر داعش، لانه طوال السنوات الماضية قام الجيش ومن خلال المداهمات بانتزاع ومصادرة جميع الاسلحة الخفيفة من بيوت المواطنين، فكيف يمكن ان نقاوم من هو مدجج بالدوشكات وليس لدينا حتى المسدسات”. يتساءل ابو ميسرة.
ومضى بالقول ان “الاهالي في الموصل مغلوبون على امرهم لان الجيش انسحب وترك المدينة والمواطنين في مواجهة المسلحين خاصة ان هذا الجيش كان قد اذاق الاهالي الاهانة والذل، و صحيح ان بعض المواطنين رحبوا في بداية الامر بالمسلحين على اعتبار انهم انقذوهم من ذل الجيش وتعامله التعسفي، وان عناصر داعش ازالوا الحواجز وفتحوا الطرق والساحات المغلقة لكن التغيير في تعامل المسلحين لاحقا واستهدافهم للمساجد والشواخص الاثرية والدينية والحضارية وايضا تعليماتهم غير المستساغة من الاهالي جعلت الاخيرين ينفرون منهم وينزعجون من وجودهم ويمتنون الخلاص منهم باسرع وقت ممكن”.

عائلات موصلية تتناول
وجبتي طعام في اليوم الواحد
الموظف في احد مشاريع الري اثير حكيم، وهذا اسم مستعار بسبب مخاوفه، قال لـ “الصباح الجديد” انه “في هذه الايام الوضع النفسي سيء جدا لدى المواطنين في الموصل، ولا يوجد شخص غير منزعج مما تمر به المدينة من ظروف وبسبب الازمات المتلاحقة مثل الظرف الامني السيئ والقصف الجوي الحكومي على المدينة”.
واضاف “الرواتب لم تصل للكثير من الموظفين منذ 3 اشهر، وهناك ارتفاع كبير في اسعار السلع والبضائع، وبعض البضائع نفدت من الاسواق بسبب الحصار المفروض على المدينة، وخاصة المواد الغذائية الاساسية، كما ان سعر قنينة غاز الطبخ بلغ 35 الف دينار للقنينة الواحدة فضلا عن ارتفاع وشح شديد بسعر وقود السيارات”.
وبحسب حكيم فان “تجهيز الكهرباء سيء جدا، حيث انه مع كل 30 ساعة انقطاع هناك 2 ساعة تجهيز وفي بعض المناطق كل 48 ساعة انقطاع مقابل ساعتين تجهيز، اما الماء متوفر نسبيا ولا يوجد مشكلة في ذلك”.
واستطرد بالقول “طبعا الاهالي يعدون ان كل ما يحصل من اوضاع متردية في الموصل سببه الحصار الحكومي المفروض على المدينة، لان الاخيرة مقطوعة عن العالم الخارجي والطرق الخارجية مقطوعة سواء مع بغداد او اقليم كردستان وبقية المحافظات الاخرى”.
مبينا ان “الوضع الاقتصادي السيء جعل بعض العائلات تقتصد بنحو كبير في النفقات واستهلاك الاطعمة، بل ان بعضها يتناول وجبتي طعام يوميا”.

داعش بدا يخسر شرائح مهمة في المجتمع الموصلي
اما ام ايمان المعلمة في احدى مدارس الابتدائية فتقول “ان “غالبية النساء في الموصل يرفضن الخروج من منازلهن الا لحاجة قصوى، بسبب الخمار الذي فرضه داعش على النسوة الموصليات”.
و اشارت الى ان “قمع النسوة الموصليات لا يمكن ان يستمر، ولا يمكن فرض الخمار عليهن بالقوة، لان الخمار لا وجود له في ثقافة اهل الموصل”. عادة ان “تنظيم داعش بدأ يخسر شرائح واسعة من المجتمع الموصلي بسبب قراراته الاخيرة وتقييده للحريات العامة”.
ونفت ام ايمان صحة الاخبار التي تقول ان تنظيم داعش امر المتزوجات بلبس النقاب الاسود والعازبات النقاب الابيض، او انه قام بتحريم بيع وشراء حفاظات الاطفال والجرزات والطرشي والشامبوهات واصباغ الشعر، وتقول “هذه اكاذيب لا وجود لها على ارض الواقع حاليا، لكن ربما سيتم تطبيق بعضها لاحقا، لان داعش يبث هكذا اخبار ثم يكذبها ثم يطبقها، ولنا في فرض الخمار عبرة واضحة”.
وحول سبب بقاء غالبية الاهالي في المدينة وعدم تركها مع دخول داعش، قالت “ليس كل اهل الموصل قادرون على مغادرة بيوتهم لاسباب اقتصادية اولا، وهناك من يخشى مغادرة البيت خشية سرقته او الاستيلاء عليه من قبل داعش ومؤيديه”.

داعش يحصن نقاط تفتيشه خشية استهدافه
اما الناشط الحقوقي الموصلي ابو هيثم، فيرى ان “اهل الموصل ينتظرون ساعة الخلاص من تنظيم داعش، وان عناصر داعش بدأوا يلاحظون ذلك، بدليل انهم بداوا يأخذون جانب الحيطة والحذر حتى في نقاط التفتيش داخبل المدينة”.
ومضى بالقول “سابقا كان يقف في وسط الشارع بضعة عناصر منهم، اما الان فانهم وضعوا اكياساً معبأة بالرمال، ويتحصن احدهم خلفها وامامه رشاش دوشكا او بي كي سي، وتراهم ينظرون بريبة لاية حركة لانهم يتوقعون استهدافهم في اية لحظة”.
وحول امكانية ان يثور اهل الموصل على داعش، اوضح ابو هيثم “كل شيء متوقع، وربما شرارة صغيرة ستشعل الاوضاع وستنقلب الامور، لكننا نخشى من الفوضى العارمة وتداعياتها غير المعروفة”.
وبخصوص المجازر التي يرتكبها تنظيم داعش في محيط الموصل ضد الشيعة التركمان والايزيديين وطرد المسيحيين، افاد ابو هيثم بالقول ان “الناس في الموصل يستنكرون بشدة في مجالسهم الخاصة ما يحصل للايزيدية في سنجار من مجازر بشعة وايضا ما لحق باخواننا من التركمان الشيعة في تلعفر والاخوة من الشبك الشيعة فضلا عن طرد المسيحيين ونهب املاكهم، ويعتبرون ان من يقوم بهذه الجرائم يريد ان يخلق الفتنة وان تكون هناك حرب اهلية بهدف تقسيم العراق”.
وشدد ابو هيثم على ان “هذه المجازر، وتقييد الحريات العامة، ونقص السلع الاساسية والوقود، قد يسرّع من ساعة الخلاص من هذا التنظيم”
وكان تنظيم داعش قد بسط سيطرته على مدينة الموصل في العاشر من حزيران الماضي بعد انسحاب مفاجئ للقوات الامنية العراقية.

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة