غاية لاتدرك !

من يطلع على مطالب الاحزاب والكتل السياسية  ورغبتها المحمومة في تسلم الحقائب الوزارية او المشاركة في الحكومة المقبلة سيجد ان لها اولاً وليس لها اخر ..!! ومن الغريب ان بعض هذه الاحزاب والكتل وزعت شروطها ومطالباتها في كل المفاصل والاماكن التي يتواجد فيها ممثلون ينتمون لها ولربما تعارضت هذه الترشيحات داخل الكتلة نفسها والحزب نفسه ..! وعلى سبيل المثال ثمة حزب او كتلة رشحت احد الاسماء لتولي احدى الحقائب الوزارية وفي الوقت نفسه طالب ممثلو هذا الحزب في احد مجالس المحافظات  بترشيح شخص اخر ينتمي للمحافظة ولاينتمي للحزب نفسه وهكذا تتنوع الشروط وتتعدد المطالب من دون اي معيار اخلاقي او مهني يقوم عليه هذا الترشيح.. ويبدو ان المناشدات للابتعاد عن المحاصصة في تلك الترشيحات التي انبثقت مع انطلاق قطار المشاورات لتشكيل الحكومة المقبلة والتي تحاول استنساخ تجربة تشكيل الحكومات السابقة لن تجد لها آذاناً صاغية واذا قرر السيد حيدر العبادي الالتفات اليها فسيجد حقيقة مرة مفادها ان رضا الاحزاب عن اختياراته غاية لاتدرك وبالتالي ان الانصياع والنزوع لهذه الرغبات سيدخل العراق في نفق شبيه بانفاق السنوات السابقة ونعتقد بأن أية منفعة ستكون مفقودة عند المرور في مثل هذا النفق وسينطبق المثل الشعبي العراقي (نفس الطاس والحمام) على موضوعة تشكيل الحكومة المقبلة..!! نافذة واحدة يمكن من خلالها رؤية النور في هذا الموضوع الحيوي والشائك وهي النافذة التي دعت  المرجعية الدينية اعتمادها في مرور التشكيلة الوزارية المقبلة وحددتها ببضع صفات لابد ان تنطبق على اي وزير جديد في الحكومة الجديدة (المقبولية والكفاءة والنزاهة) ولن يحدد هذه المقبولية والكفاءة والنزاهة سوى لجنة محايدة متخصصة تأخذ على عاتقها مسبقاً دراسة ملفات المرشحين وتقدم المشورة بعدها الى رئيس الوزراء لاختيار الاصلح ومن خلال هذه الالية يمكن ابعاد التهم والشبهات من تدخل الاحزاب أو أي جهة اخرى باختيار وزراء فاشلين في الحكومة المقبلة وستتيح مثل هذه الالية ايضا محاسبة رئيس الوزراء او لومه او دعوته لاقالة أي وزير ثبت سوء اختياره او لم ينجح في المهمة التي اوكلت اليه .. ولنا في الحكومة السابقة تجربة مريرة رمى فيها رئيس الوزراء السابق نوري المالكي بجميع الاخفاقات وانتهاكات الفساد التي وصمت عدداً من الوزارات على عاتق الكتل السياسية وعلى نظام المحاصصة الذي يمنعه من اقالة أي وزير من حكومته ..ومن هنا لابد ان يشرع رئيس الوزراء الجديد الدكتور حيدر العبادي ومنذ الان برفع شعار عنوانه العريض (لامكان في الحكومة للفاشلين والفاسدين ) مهما كانت ضغوط الاحزاب والكتل الاخرى حينها يمكن الاطمئنان بأن السيد العبادي في السكة الصحيحة وفي المناخ الملائم وحتى يتحقق ذلك لابد من توفير كل الامكانيات التي تسهم في تحقيق هذا الهدف وفي مقدمة ذلك قيام أي كتلة او حزب بحسن الانتقاء وحسن الاختيار بعيداً عن المحسوبية والمنسوبية وان يحل رضا الله والشعب والوطن محل رضا رئيس الكتلة او الحزب او الطائفة او القومية او المذهب …!!!

علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة