الحقيقة أن المشرع حينما يقرر عقوبة الشخص المعنوي إنما يسأله عن إخلاله بالتزامه في الحيلولة دون وقوع المخالفة, وأن مخالفة ممثليه للقانون تستوجب العقاب على الشخص المعنوي الذي يتمثل في الواقع شخصا قانونيا.
وأن المشرع الدولي حين قرر مبدأ مسؤولية الأشخاص المعنوية عن جرائم غسل الأموال إنما أراد توقيع الجزاء أو التدابير الملائمة على الشخص المعنوي حماية لمصالح المجتمع، ومن دون تقرير المسؤولية الجنائية للبنوك والمؤسسات المالية مرتكبة جرائم الغسل سوف يفتح الباب على مصراعيه لافلاتها من العقاب، ولذلك نجد أن المشرع الدولي سواء في اتفاقية فينا أو القانون النموذجي قد اهتم اهتماما خاصا بتطبيق عقوبة المصادرة التي تتناسب وطبيعة الشخص المعنوي، وأما في العراق نجد أن القانون رقم 39 لسنة 2015 أشار في المادة 46 :منه اولا: مع عدم الاخلال بالمسؤولية الجزائية للشخص الطبيعي المنصوص عليها في هذا القانون، يسأل الشخص المعنوي عن الجرائم المنصوص عليها في هذا القانون التي يرتكبها ممثلوه أو مديروه أو وكلاؤه لحسابه وباسمه ويعاقب بالغرامة والمصادرة المقررة للجريمة وفقا للقانون.
ثانيا: يكون الشخص المعنوي مسؤولا بالتضامن عن الوفاء بما يحكم به من عقوبات مالية وتعويضات اذا ارتكبت من أحد العاملين لديه وباسمه ولصالحه. لقد أطلق المشرع العراقي على الاشخاص المعنوية في مجال غسل الأموال لفظ المؤسسة المالية وبينت الفقرة ثامنا من الفصل السابع من القانون أعلاه المقصود بالمؤسسة المالية حيث تشمل كل من يزاول نشاطا أو أكثر من العمليات التالية لصالح احد العملاء او نيابة عنه (تلقي الودائع وغيرها من الاموال القابلة للدفع والاقراض وخدمات تحويل الأموال وإصدار او إدارة وسائل الدفع كبطاقات الائتمان والصكوك).
وقد أشارت المادة 11 من الفصل الخامس من القانون أعلاه إلى الواجبات التي يجب على المؤسسة المالية القيام بها والتي تتضمن الاحتفاظ بالسجلات والوثائق والمستندات لمدة لا تقل عن خمس سنوات من تاريخ غلق الحساب او تنفيذ معاملة عميل عارض كما يتوجب على المؤسسة المالية الاحتفاظ بالسجلات المحلية والدولية للمعاملات المالية والاحتفاظ كذلك بنسخ من البلاغات المرسلة الى مكتب غسل الاموال وتمويل الإرهاب وكذلك عدم فتح حسابات بأسماء مجهولة الهوية او وهمية وعدم التعامل مع الأسماء المحظورة وإبلاغ مكتب غسل الأموال وتمويل الإرهاب المؤسس في البنك المركزي بأية عملية يشتبه في أنها تتضمن غسل أموال او تمويل إرهاب وكذلك عدم التعامل مع المصارف الصورية.
ومن كل ما تقدم فأن النصوص القانونية المذكورة في القانون اعلاه تعد الركيزة الاساسية لمحاسبة المؤسسات المالية المتورطة في جريمة غسل الاموال حيث ان في مخالفتها للالتزامات المتوجبة عليها بموجب القانون سوف تتحقق مسؤوليتها الجزائية هذا فضلا عن مسؤوليتها المباشرة في حالة اشتراكها في عملية غسل الأموال، وعند ذلك يفرض القانون عقابه المناسب.
القاضي عماد عبد الله
مسؤولية الشخص المعنوي في جرائم غسل الأموال
التعليقات مغلقة