دراما رمضان

رمضاناً بعد رمضان، تزداد المفارقات الصارخة والتناقضات، من الطقوس الروحانية نهاراً، إلى صخب البرامج الترفيهية والمسابقات والمسلسلات ليلاً.
واللافت، في رمضان الحالي، ارتفاع عدد المسلسلات التلفزيونية نتيجة إطلاق قنوات فضائية جديدة، حتى غدا الشهر الكريم بمثابة كنز لنجوم الفن والمنتجين والمعلنين، وجميعهم يتنافسون على جذب المشاهد من خلال الدراما بمختلف أنواعها: تاريخية، دينية، كوميدية، اجتماعية. وقد بدت الجرعة الدرامية التلفزيونية هذه المرة أكثر مما يمكن استيعابه في فترة لا تتجاوز الثلاثين يوماً.
وإذا كانت مسلسلات رمضان توحد في العادة الجماهير العربية إلا أنها هذا العام خالفت التوقعات حين تسبب بعضها بإثارة مشاكل سياسية كالمسلسل الذي انتجته مصر بعنوان “أبو عمر المصري” وأغضب السلطات السودانية، ودفع بها إلى استدعاء السفير المصري في الخرطوم احتجاجاً على مضمونه، وما يعكسه من صورة نمطية سالبة تلصق تهمة الإرهاب ببعض المواطنين المصريين المقيمين أو الزائرين للسودان.
كما تسبب مسلسل مصري آخر هو “أرض النفاق” المقتبس عن رواية بنفس الإسم للكاتب يوسف السباعي في مشاكل مع قناة تلفزيونية سعودية لظهور الإعلامي ابراهيم عيسى، المعروف بنقده الشديد للنظام السعودي، في عدد من حلقاته، لينتهي الأمر بحذف المشاهد التي يظهر فيها، وإعادة تصويرها من جديد.
وكانت المسلسلات التاريخية التي تنتج في سوريا تحظى بشعبية كبيرة حتى اندلاع الصراع في البلاد عام 2011، حيث قاطعها عدد من القنوات التلفزيونية العربية، بما في ذلك القنوات الخليجية التي قاطعت أيضاً المسلسلات الشعبية التركية على خلفية الدور التركي في النزاعات التي تشهدها المنطقة.
يُظهر البحث صعوبة حصر عدد ما أنتج من مسلسلات خاصة بشهر رمضان، لكنني استطعت التأكد من أن حوالي 140 عملاً درامياً يجري عرضها في جميع تلفزيونات الدول العربية هذا العام. ولا أدري، كيف يستطيع المشاهد أن يتابع هذا الكم الهائل من الأعمال، وكيف يختار ما يشاهده في اليوم الواحد؟
من المؤكد أن غزارة الأعمال الدرامية تعبر عن حالة من الحراك والحيوية، لكن ألا ينبغي الاهتمام بالنوع أولاً قبل الكم؟
ولماذا يقتصر الانتاج بهذا الغزارة على شهر واحد ولا يستمر على مدار العام لمزيد من العطاء والفعالية؟
وهل لقطاعات الانتاج العربية خطط يمكن مراجعتها، والتعديل عليها، بما يناسب شهر رمضان وغيره من شهور السنة؟
هذه الأسئلة وغيرها شكلت محور العديد من المقالات والبرامج الحوارية، على مدى الأيام الماضية، وكانت النتيجة التي خلصت إليها عدم التزام قطاعات الانتاج بالمعايير الفنية المطلوبة، ذلك أن إنتاج عشرات الأعمال الدرامية خاصة بمدة زمنية محدودة، يضر بدرجة الإبداع، ويضعف، بالتالي، من ارتباط المشاهدين بها.
فريال حسين

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة