متابعة الصباح الجديد:
مما يُثير التساؤل اليوم وكثيرًا ما يُطرح مسألة كيفية تحول الزوجة التي تلوذ بالزوج وتحتمي به وتجعل منه عظيمًا، الى انثى متمردة غير صبورة تحتج عليه في كل الأوقات، وتدخل معه في صراع محتدم وخلاف دائم ؟
باتت غالبية الزوجات في حالة حرب مع أزواجهن، وقد اكتسبن طباعاً وصفات لم يعهَدنها سابقًا، وذلك نتاج ما فتحت أمامهن من آفاق مغرية تسحبهن صوب التطور الذي بات معظمه «هداماً» وليس في صالحهن، خصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي التي أدت الى تدهور العديد من العلاقات الزوجية.
المساواة مع الرجل
هذا ما راح يحرض الزوجة على مواجهة زوجها «الشرقي» عند ابسط خلاف، لتوجه له بعض الكلام الذي يستفزه، وبعض الجمل والسطور عالية العنفوان قائلة فيها: أنا لست بحاجة اليك على الدوام، وأستطيع العيش من دونك ومن دون مساعدتك لو اتيحت لي فرص العمل بلا عائق. أنا ملزمة بك ومرغمة على تحملك بكل مافيك ومجبرة على أن اتحمل العيش معك.
أنا لا يمنعني من التخلي عنك سوى اولادنا فهم ما زالوا صغارًا وبحاجة لوجودك، أما عني فأنا قوية أكثر مما تتصور ولدي القدرة على إدارة حياتي وحياة الجميع.
أنا قادرة على تحمل ما لا تطيقه أنت وتعرف ذلك جيدًا، وأنا وأنا وأنا.. الى ان تُصبح يقولون عني! الى ان تُصبح «هيَّ» وحينها قد لا ينفع الندم.
لا شك في إن المرأة عمومًا تمتلك القوة والشجاعة الكافية لإدارة بلد اذا أرادت ذلك، وليس إدارة حياتها فقط، وقد عدل الدين الحنيف بينها وبين الرجل منذ قرون وليس اليوم.
فهي النبض الدائم وهي الشريان الرئيسي الذي يغذي خارطة الحياة ومن دونها لا يستطيع الرجل العيش وحيدًا، فلديها ما يميزها عنه لتكون الوالدة للحياة والمولودة لأجلها.
ولكن في المقابل هي أيضًا لن تستطيع أداء وتحمل كل شيء، من دون وجود الرجل الى جانبها، الوالد المسؤول عن استمرار الحياة والمولود الذي يزينها.
والحقيقة المغيبة إن كل زوجة تحدث نفسها بازدراء، بعد اتخاذ قرار الاستقلال وقُبيل تنفيذه تهمهم متعبة، وتتوجه صوب طيفه الذي يحوم حولها على الدوام وهي تقول: أنا لا أحتاج قربك لمَ أنت في قلبي.
فالزوجة مهما كانت قوية وناجحة ستبقى محتاجة لدعمِ ومساندةِ أقرب الناس اليها ألا وهو زوجها ، والأهم من ذلك سماعها كلمات الاعتزاز والفخر من فمه وقلبه، وإن كان يقول العكس فهي تعلم بأنه يُكابر لإخفاء كم الغيرة التي تتملكه تجاهها، إن كانت عليها أو منها.
قال تعالى (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) سورة الروم آية ٢١.
في الحقيقة إن المرأة القوية والواثقة بقدراتها يجب ان تكون حكيمة وذكية بما يكفي لتحقق أكبر عدد ممكن من احلامها وطموحاتها وتعمل على انجازها بصورة صحيحة، ولا يكون ذلك على حساب أسرتها وخراب بيتها، فما نفع نجاحها من دونهم وعلى حسابهم! وهل يُعد حصولها على شهادة ما او عمل ما، نجاحاً باهراً وقد شُيد على حُطام؟ قطعًا لا…!
فعلى الزوجة أن توازن ما بين حياتها الزوجية والأسرية وطموحها، وتعمل قدر الإمكان على تفادي الإختيار بينهما وتجنب الخسائر فيما بعد.
وقد يكون من الوقاحة ان تعمد الزوجة على تحدي زوجها. والاجدر بها التريث، والتمتع بشخصية متزنة، هادئة ومُرضية كي لا تقع في شباك الاختلاف مع الزوج، الذي غالبًا ما يسببه «الأنا»، فعليها ان تخبره بكونها في أمَس الحاجة اليه، كسند وداعم حتى وإن كان ذلك غير صحيح بالنسبة لها، لأن الرجل عمومًا لن يستسيغ وجود امرأة قوية توازيه وتتفوق عليه بل وتتعمد إخباره بذلك أيضًا.
يجب عليها أن تحترمه وتقدر جهوده وتعزز مكانته لديها، ومكانتها لديه، ومن ثم تُظهر قوتها بأفعالها لا بكلامها، فإن كل رجل يعلم مدى إمكانية المرأة التي تقابله، وبرغم من ذلك لا يفضل عِلوها عليه بأي شكل من الأشكال إلا ما ندر.
والأهم من كل ما ذُكر، يجب عليها أن تتفق معه على الاختلاف لتنجح في قيام حياتهما الزوجية على أكمل وجه!
كيف يكون ذلك؟
نجد الكثير من المتزوجات على اختلاف فكري أو علمي أو سلوكي أو مبدئي الخ..
ويشتكين مدى إختلافهن عن أزواجهن، غير مدركات إن الحياة تصبح ميتة من دون اختلاف!
فلتتصوري معي، إن زوجكِ لا يختلف معك بالقول والفِكر، ولا يتناقش معكِ بشأنٍ علميّ، ويشبهك في السلوك وجميع التصرفات وكأنه يُقلدك، ويردد ما تقولينه ويطبق مبدأكِ في كل الأمور، ولا يتعارض معكِ بخصوص عمل ما، وليس لديه ادنى رأي حول ابسط فكرة كونه يتفق معكِ ويوافق على آرائك وليس لديه من خلال المشاركة إضافة تُذكر! ولا يرفض لكِ طلبًا مهما كان، وكيف إن كان طلبك بغية تنبيهه على أمر ما ببساطة هو يُشبه الرجل الآليّ، يتحرك حيثما تريدين، ويتحدث بما تقولين، ويعمل ما تحبين بلا نقصان أو زيادة دائمًا موجب مقابل موجب من دون تمَييز، أو سالب مقابل سالب بلا إعتراض أين الإنجذاب هنا؟!.
هل يُعجبكِ هذا الرجل؟
أشك في ذلك، فيا ترى ما الذي يعجبك بنسخ عديدة للفيلم نفسه ٌ؟
إن حلاوة الحياة عمومًا والحياة الزوجية خصوصًا تتكون من الاختلاف وتتمحور حول «الرضا» ما بعد الخلاف.
وفي تقبل الآخر كما هو سر المودة والائتلاف، ويستحسن خوض المعارك «الباردة» لنيل المُراد، بترك «الأنا» ضيفاً دائمة في قلعة الذات.
لتستمر الحياة بألوانها واختلاف فصولها بلا ملل أو كلل، فما الضير من اختلافكما.
إما يُقنعكِ وإما تُقنعِيه أو تقتنعا معًا، وكما قيل: اختلاف الفِكر أو اختلاف الرأي لا يفسد للوِد قضية.
فكونكِ لا تشبهين زوجكِ هذا هو المطلوب، فبذلك سوف تجدين ما يُثير رغبتك بالبقاء، فأنتِ خُلقتِ للقيادة، خُلقتِ للجهاد ولكي تكسُبي الرِهان واصلي الصمود وذللي الصعاب.
وذلك يوَلد لديكِ الإصرار على إثبات وجودك، ولتتأكدي بأنكِ على قيد الحياة! ومازلتِ تجتهدين وتصنعين وتأخُذين كما تُعطين. وعليه؛ يزدهر «الحب» في أنه هو، شخصية وأنتِ شخصية مغايرة، هو لون وانتِ لون آخر، هو لحن وأنتِ مقطوعة أُخرى ، وهنا يكمن نجاح الحياة الزوجية، في كونكِ تَتفقين معه على الاختلاف لحل الأزمة ونبذ « الأنا « .