ليس بالصناديق وحدها !

اعتقد ان علينا كصحفيين ان ان لاننخرط في الصراع السياسي مباشرة من خلال مهنتنا ، فنتحول الى بواقين وطبالين ومساحي اكتاف ومروجي اجندات ضيقة ، ومع اقرار الجميع بهذا الاعتقاد نظريا الا ان الواقع العملي لهم بتحدث بلغة اخرى، ، مواربة احيانا وواضحة احيانا اخرى..

كانت الظاهرة في الزمن الصدامي مكشوفة وواضحة ومطلوبة من السلطة والقائد الضرورة، وكان مطبخ الفيلق الاعلامي يقدم وجباته لصناعة الذوق الفكري العام او مايسمى الرأي العام ..

ورغم عدم حاجتنا اليوم الى مثل هذه الفيالق الاحادية الاتجاه ، الا ن الكثير من زملائنا للاسف الشديد ما زالوا  مولعين بلعبة قديمة تأكل من جرفهم الكثير وتجردهم من صفات المهنية ، رغم انهم في الوضع العراقي الجديد غير ملزمين ان يبوّقوا او يطبّلوا ..

الصراع بين المالكي وخصومه له ابعادا عديدة تنطلق من حزب الدعوة نفسه حتى تصل الى مجلس الامن ، مرورا بالمرجعية الدينية والتحالف الشيعي والقوى السنية والائتلاف الكردي والشارع العراقي من بين كل هذه التسميات وخارجها والتيار المدني.. ومع كل الاجماع على ضرورة التغيير تبنى الكثير من الزملاء نظرية المؤامرة التي اطلقها المالكي وروج لها مريدوه وائتلافه الذي كان 50 نائبا منهم “ضمن المؤامرة”..

تبنوها ودافعوا عنها ملوحين بصناديق الاقتراع ، التي يعرفون قبل غيرهم انها تعرضت للكثير من الشكوك والطعون.. ويعرفون ان الصناديق في المانيا جاءت بهتلر عام 1933 والصنادبق نفسها ابقت السادات وحسني مبارك لنسب الـ 99%    وهي من ابقت الاسد الذي يذبح شعبه خلطا مع داعش وغيرها، والصناديق نفسها زكّت صدام حسبن لما يفوق نسبة الـ 99%  في تجربتين “انتخابيتين” حسمت ارقام صناديق الافتراع فيها “الممثل الوحيد والشرعي والابدي للشعب العراقي”..!!

في بلاد مثل بلادنا لاتعد الصناديق وحدها معيارا للديمقراطية، او تعبيرا عن رغبة جماهيرية ، فالصناديق في بلادنا ومثلها ، تنتج لنا ارقاما مشكوكا فيها بوجود التزوير والمزورين وانخفاض نسب التصويت ، ولا يعد التشكيك بها تشكيكا بالديمقراطية نفسها ، ولا بالعملية السياسية نفسها ..

من منطلق الحرص على زملاء مهنتي وسمعتنا جميعا ان لاننخرط في اجواء “المؤامرة” ان كانت حقيقية ام وهمية من صنع الخيال السياسي، مهمتنا نقل الحقيقة وتبصير الناس بمصالحهم ورصد ومراقبة مؤسسات الدولة ورجالها وكشف الفساد وايصال صوت الناس الى السلطات التشريعية ، لذلك اطلقوا على مهنتنا باعتبارها السلطة الرابعة ، ويقف لها الناس احتراما باعتبارها صاحبة الجلالة ..

علينا ان نحافظ على قدسية هذه التوصيفات ونخدمها لا ان نزجها باوهام السياسيين الذين بعتقدون ان الحقيقة ملكهم فقط وفي ابدي الآخرين قبضة من هواء !!

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة