العبادي.. ومداخل التغيير !

مام رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي ملفات ثقيلة متراكمة قد يكون الرجل الذي لم يكن يوما بعيدا عنها اقدر واعرف من غيره في كيفية التفتيش فيها وتصفية المهم منها والعمل على حسم الاخر في اقرب وقت ممكن  انطلاقا  من توليه مسؤوليات متعددة قرب مراكز القرار في مجلس النواب والحكومة في الدورات السابقة..!! ونحن نتحدث هنا عن ملفات طال امد انتظار حسمها منذ سقوط النظام الديكتاتوري وجرى ترحيلها في الدورات السابقة نتيجة الخلافات العميقة بين الكتل السياسية او بين البرلمان والحكومة ..! واذا اردنا ان نبحث عن ثوابت التغيير المعلنة التي نادت لاجلها المرجعية الدينية والامم المتحدة واصدقاء العراق في الخارج والمخلصين للوطن في الداخل فسنرى ان جوهر هذه الثوابت يتعلق بالنهج والاسلوب والرؤية في ادارة الازمات التي ظهرت وتفاعلت وتعقدت في المشهد العراقي خلال السنين المنصرمة واصبحت ملفات متراكمة من دون حسم ..! لذا فان المداخل التي يجب على رئيس الوزراء الولوج منها لاحداث تغيير حقيقي في معالجة القضية العراقية تتعلق باتجاهين حيوين الاول معني بالداخل العراقي ويتمثل ببناء علاقات جديدة بين المكونات السياسية التي تمثل اطياف الشعب العراقي وبث التطمينات في جمهور هذه المكونات يشي بان عهدا جديدا يمكن الانطلاق فيه نحو مجالات ونجاحات ارحب بما يلبي حاجات ومطالب هذه الجماهير اما الاتجاه الثاني فيتعلق بالخارج ونعني به محيط العراق العربي والاسلامي والعالمي ويتمثل بما اعلن عنه رئيس الوزراء نفسه قبل ايام في بيان اصدره فور تكليفه بمهام هذا المنصب عندما اعلن ان العراق سيقود ستراتيجية جديدة في بناء علاقاته الخارجية مع دول العالم ..وعلينا الاعتراف ان محور الداخل والخارج مترابطان ومتفاعلان وانعكاسات احدهما على الاخر تظهر بوضوح في مفاصل عديدة من الشان العراقي وقد اثبتت الاحداث المتوالية في العراق هذا الترابط الحيوي في اكثر من زمان ومكان ..!! ومن هنا لابد من الاشارة والتنبيه ان العبادي وحده لن يكون قادرا على الاتيان بهذا التغيير او دق ركائزه من غير مد يد العون له من الاحزاب والكتل الاخرى التي تتشارك معه في بناء منظومة حكومية جديدة تنهض بمهمة حسم الملفات المتراكمة وتنفيذ الاستحقاقات الدستورية  وتلبية الحاجات الخدمية للمشاريع العراقية المختلفة وسيكون اختيار الوزراء اول اختبار حقيقي للعبادي وقدرته على تقديم شخصيات كفوءة ونزيهة مهما كانت ضغوط الدول والجهات والاحزاب في هذا الاختبار واذا نجح العبادي في ذلك فسيتحقق اول ضمان لنجاح هذه الحكومة  وقدرتها على تنفيذ البرامج المقترحة من قبل رئيس الوزراء او تحالفه او مشاريع الاحزاب الاخرى المتعاونة معه  وفي نفس الوقت سيؤمن الاختيار الصائب للوزراء وقاية الحكومة الجديدة  من ادران الفساد والفشل الذي تفشى في الحكومات السابقة ونخر في جسد الدولة العراقية واصابها بالشلل ..!! وقد تبدو هذه المهمة عند البعض يسيرة لكن التجارب السابقة اكدت بما لايقبل الشك ان هذه المهمة عسيرة في ظل نظام التوافق الذي لايزال تنادي به الكتل والاحزاب وبالتالي فان استثناء اختيار الوزراء من هذا التوافق واستبداله بمعيار الكفاءة والمهارة والنزاهة يتطلب جهدا وطنيا خالصا تتعاضد فيه وتتشارك الاحزاب نفسها وقبل ذلك اصوات اعضاء مجلس النواب ومبادراتهم ووسائل الاعلام ومنظمات المجتمع المدني من خلال ممارسة فعاليات ومؤتمرات تؤكد على دعم رئيس الوزراء في هذه المهمة وفسح المجال امامه لانتقاء من هو اصلح لحمل الحقائب الوزارية بعيدا عن ضجيج المحاصصة وقذارتها …!!

د.علي شمخي

مقالات ذات صلة

التعليقات مغلقة