قد نختلف وقد نتفق ولكن الكراهية يجب أن لا تنعكس على هذه الحالة، فلم تشهد البشرية منذ الخلق حالة أتفاق كاملة لوجود عوامل وتأثيرات دينية ومذهبية ومصالح أقتصادية متعارضة وأفكار سياسية وأنتماءات مختلفة تنعكس سلبيا في حالات الاختلاف وصولا الى الحروب والخصومات، وعلى العكس من ذلك فأن ألاتفاق حتى لو لم يكن تاما فأنه يخلق بيئة تساعد على التعايش والمصالح المشتركة.
كتب أحد الفلاسفة الانجليز بحثا مطولا عن هذه الحالة ، وأعتبر أن ألارادة ألألهية والطبيعة خلقت العالم على هذا الشكل في جميع مجالات الحياة بحيث أصبحت الكرة الارضية أشبه بالبستان الذي تعكس جمالياته مظاهر الاختلاف بين الجبال والسهول ، وأنواع الزهور والنباتات التي تظر العالم كالحديقة التي تعكس جماليتها من خلال عملية التنوع..وقال ساخرا : تصور أن الانسان يعيش في مكان تتوحد فيه المناظر وعليه أن يعيش هذه الحالة الساكنة والرتيبة طوال عمره ، فهو سيمل مثل هذا النوع من ألحياة ، وكذا الامر مع الفكر والسياسة في جميع أوجهها ، فلم يشهد التأريخ تصالحا أبديا بين المجموعات والدول ، خصوصا بعد ظهور المصالح المتناقضة وألأطماع الخاصة والعامة ، لذلك فقد كانت الارض مسرحا للحروب التي يعتبرها القس (مالثوس) طبيعية لآحداث التوازن بين عدد السكان ، وكمية المواد الغذائية المتوفرة والتي ستكون الحروب والامراض والكوارث سببا في محاولة أحداث التوازن ، ولو طبقنا هذه النظرية والوقائع التي شهدتها البشرية على واقع العالم اليوم لوجدنا بعض أيجابيات الحروب الباردة التي تجعل الصراعات فكرية أكثر من كونها دموية، ووجود بعض المحافل الدولية التي تحاول حل النزاعات بالطرق السلمية وأبعاد شبح الحروب الطاحنة عن العالم.
ويبدو حديثي شاملا ولا يسلط الاضواء على النزاعات الداخلية التي يغلب عليها طابع المصالح الفئوية والحزبية ، أكثر من أن تكون بدوافع أيجابية تريد مساعدة المجتمع من خلال أمساكها بمقاليد السلطة ، وهذا ما ظهر جليا في ما سمي ب(الربيع ألعربي) والذي جعل شبح التقسيم والصراعات المحلية الدائمة مخيما في الداخل ومع الجوار، وألمولم في هذه الحالة هو أختلاط الاوراق وحتى أنتماءات الاشخاص والمجموعات بحيث كل يبحث عن مصالحه الذاتية والفئوية على حساب ألاخرين، ولا مانع من تحويل الوطن الى مسرح للأقتال على أمور لا تخص مصالح الشعب ،بل أنها تضر بمصلحته وأمنه وتساعدعلى تفتيت اللحمة الداخلية للمجتمع بحيث يصبح الصراع الدامي وغير العقلاني هو الطاغي على أفكار وسلوك العديد من القادة. من حق الشعب أن يتساءل لماذا ؟ ويرجو أن لا يسمع ألصدى فقط!
أمير الحلو