الدعاية الانتخابية في نينوى بين التبذير و”الخرائب القديمة”
نينوى ـ خدر خلات:
مع انطلاق الدعاية الانتخابية لمرشحي الانتخابات النيابية العراقية، بدأ أنصار الكتل والتحالفات السياسية سباقا محموما لنشر صور مرشحيهم في الطرقات والجسور واعمدة الكهرباء والارصفة، وبعضهم تعدى على حقوق المواطنين وضيّق عليهم الطرقات بلافتات كبيرة اخذت مساحة كبيرة من الرصيف.
وبين صور كبيرة، لمرشحين ومرشحات، اغلبها منمقة تم التلاعب بها بواسطة البرنامج الشهير “فوتوشوب” وبين شعارات رنانة تعوّد عليها المواطنون في نسخ سابقة من الحملات الانتخابية، يقف الحاج يونس ذو الستين عاما في حي المصارف ويقول لـ “الصباح الجديد” وهو يتساءل “والله لا اعرف كم هي كلفة الشعار الواحد، حيث المشمع والطباعة والمصور وترتيب الصورة وتعليقها من قبل فريق عمل”. ويضيف “ربما الصورة الواحدة توازي 3 وجبات طعام لاسرة متوسطة العدد”.
واضاف “الشعارات في وادٍ والاهالي في وادٍ اخر، نحن نريد كهرباء مستمرة ومياه شرب وحصة تموينية (مثل الاوادم) ماذا نفعل بشعارات عن الحرية والمكاسب السياسية وحقوق بينما متطلباتنا بسيطة جدا، ليعمروا الجسور المضروبة ليفتحوا المصانع في الموصل التي كان يعتاش عليها الاف العائلات، هذا ما نريده”.
الطالب الجامعي ازهر جمعة، من اهالي حي البكر يقول وهو ينظر لنفق الجامعة (المجموعة الثقافية) حيث عدة صور للمرشحين معلقة واخرى قيد التعليق من قبل انصار المرشحين ـ “برغم كل العيوب المحتملة في المرشحين، وبرغم اننا ندرك ان اغلبهم يركضون خلف مصالحهم الشخصية والمصالح الحزبية لاحزابهم وكتلهم، لكن انتشار هذه الصور افضل مليون مرة من شعارات داعش الكئيبة التي كنا نراها في مدينتنا الحبيبة قبل تحريرها”.
واضاف “هذه هي الحرية التي كنا نريدها، المشاركة او العزوف عن الانتخابات امر شخصي، لن يجبرنا احدا على التصويت لهذا المرشح او ذاك، ولن يعاقبنا احدا ان قمنا بيوم الانتخابات في الذهاب بسفرة ترفيهية لاطراف الموصل وعدم التصويت لاحد، بينما كان داعش يجبر اصحاب المحال على اغلاق محالهم في اوقات الصلوات ويجبرهم على حضور خطب الجمعة، بينما عناصر ما يسمى بالحسبة يراقبون المارة ويتدخلون بادق التفاصيل من ملبس ومظهر خارجي كاللحية والايزار وغيرها”.
اما ابو مروان، سائق التكسي الذي اقلنا الى منطقة الغابات فقال “لماذا اغلب صور المرشحين تم التقاطها في الاستوديوهات الفاخرة؟ لماذا لا يلتقطون الصور بين خرائب الموصل القديمة (الجانب الايمن) ويعدون سكانها بإعمارها او في الأقل توفير الخدمات الرئيسة كالماء والكهرباء لهم”.
وتابع “انا سائق تكسي واتنقل بالموصل يوميا، واقسم بالله انني انزعج عندما اضطر لايصال احدهم للجانب الايمن والمرور بقرب تلك الخرائب التي تبكي الصخر، حيث ان اغلب سكان الايمن من الطبقة الفقيرة ومتوسطة الدخل، وفضلا عن تدمير بيوتهم فان مصالحهم توقفت لان اغلبهم كان يعمل بمصانع القطاع الخاص في الجانبين الايمن والايسر، اي انهم من العمال الماهرين، لكن الغالبية العظمى من تلك المصانع متوقفة حاليا”.
ويرى ابو مروان ان “بعض الدعايات الانتخابية مضحكة، حيث رأينا بمواقع التواصل الاجتماعي قيام مرشحين بتوزيع خيار وبطاطا، كما سمعنا ان بعضهم وزع وجبات طعام مسلفنة من الكباب والتكة، واخرين يوزعون ارصدة للهواتف النقالة، بينما لم نسمع قيام مرشح بتحمل تكلفة رفع انقاض او نفايات من الساحات العامة، ولم نسمع بمرشح زار امهات وعائلات الشهداء وقدم لهم دعما ماليا مباشرا وليس شعارات فارغة”.
وبالرغم من ان بعض المرشحين يستغلون المعدات الحكومية في رفع وتعليق صورهم الانتخابية، فيما يكتفي أخرون بنصب صور بمناطق مخصصة لها بالاستعانة بانصارهم واقربائهم ولا تخالف لوائح المفوضية المستقلة للانتخابات، الا ان المشهد يؤكد اننا امام سباق انتخابي مثير، تتداخل به القدرات المالية الكبيرة للبعض والعلاقات الواسعة مع مسؤولين اداريين، لكن يبقى القرار الاخير هو للناخب العراقي الذي سيقرر النتيجة النهائية لهذا السباق، من خلال “التصويت للانسان الصالح، لان المجرب لا يجرب مرة اخرى” كما قال لنا الحاج يونس.